< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

37/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : في السّجود ومواضعه

 

وأمَّا بقية المساجد فلا إشكال في نفس البأس عن رفعها عمداً ، فضلاً عمّا لو كان سهواً ، أو لضرورة ، إذ لا وجه للمنع ، حيث لا يأتي فيه شبهة زيادة السّجدة ، ضرورة عدم تعدد السّجود عرفاً وشرعاً ، بتكرر وضع سائر المساجد مع اتّحاد الوضع في الجبهة .

وأمَّا القول بكون رفعها ووضعها ثانياً زيادة في الصّلاة وإن لم يصدق عليه زيادة السّجود فتبطل مع العمد ، لِمَا في موثّقة أبي بصير عن أبي عبد الله × مَنْ زاد في صلاته فعليه الإعادة[1] .

ففيه : أنّ الرفع ليس بعنوان الجزئيّة للصّلاة كي يصدق اسم الزّيادة ، وأمّا وضعها ثانياً فَلِتحصيل شرط السّجود ، فلا يعدّ مثله زيادة ، وليس فعل الرّفع من حيث هو فعلاً كثيراً كي يتوهّم البطلان من هذه الجهة ، مع أنّ استقصاء ما ورد في القيام والجلوس ، وغيرهما من أفعال الصّلاة ، يشرف الفقيه على القطع بعدم قدح أمثال هذه الأمور .

ومنها : رفع الرّجل في حال القيام ، ثمّ إعادتها والجلوس ، ثمّ القيام وبالعكس ، وغير ذلك .

ويؤيِّده المروي عن قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جدّه عليّ بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر × قال : سألتُه عن الرّجل يكون راكعاً ، أو ساجداً ، فيحكّه بعض جسده ، هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه ، أو سجوده ، فيحكّه ممّا حكّه قال : لا بأس إذا شقّ عليه أن يحكّه والصبر إلى أن يفرغ أفضل[2] ، وإنّما جعلناها مؤيّدة ، لا دليلاً لأنّها ضعيفة بعبد الله بن الحسن فإنّه مهمل .

قوله : (ويكره السّجود على ما وضع على الثلج إلا مع تلبّده ، ولو كان ممّا لا تستقرّ عليه الجبهة لم يجز)[3]

ذكرنا هذه المسألة بالتفصيل في مبحث مكان المصلّي عند قول المصنّف & : وتُكره الفريضة - إلى قوله : - والثلج ، فراجع الرّوايات التي ذكرناها ، ولسنا بحاجة للإعادة ، والله العالم .

 

قوله : (والواجب في المساجد مسماها والاستيعاب أفضل وقدر ابن بابويه موضع الجبهة بدرهم)[4]

في الحدائق : الظّاهر من كلام الأصحاب من غير خلاف يعرف أنّه يكفي ما عدا الجبهة من هذه الأشياء المعدودة ما يصدق عليه الاسم ، ولا يجب الاستيعاب ، قال في المدارك : ولا نعرف فيه خلافاُ ، وقال في الذخيرة : ولم نجد قائلاً بخلاف ذلك ...[5] .

أقول : لا بدّ من التكلّم عن هذه المواضع بالتفصيل واحدة تلو الأخرى .

وَلْنبدأ بالجبهة : فالمعروف بين الأعلام أنّ المراد بالسّجود على الجبهة هو مسمّى السّجود ، وفي المدارك : فاكتفى الأكثر بما يصدق عليه الاسم منها كغيرها[6] ، وفي الجواهر : كما هو المشهور نقلاً وتحصيلاً ، وعن الروض والمقاصد العليّة : نفي الخلاف فيه ، وعن الحدائق : الاتفاق عليه .

أقول : إن كان هناك تسالم بين الأعلام كما لا يبعد فيكون ذلك حجّة في المقام ، وإلّا فالإجماع المنقول بخبر الواحد لا يصلح إلّا للتأييد .

ثمّ إنّ هناك جملة من الرّوايات يستدلّ بها للمقام :

منها : صحيحة زرارة عن أحدهما × قال : قلت : الرّجل يسجد وعليه قلنسوة ، أو عمامة ، فقال : إذا مسّ جبهته الأرض فيما بين حاجبه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه[7] .

ومنها : حسنة زرارة عن أبي جعفر × قال : الجبهة كلّها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السّجود فأيّما سقط من ذلك إلى الأرض أجزأك مقدار الدرهم ، أو مقدار طرف الأنملة[8] .

ومنها : موثقة عمار عن أبي عبد الله × قال : ما بين قصاص الشّعر إلى طرف الأنف مسجد ، أي : ذلك أصبت به الأرض أجزأك[9] .

ومنها : رواية زرارة عن أبي جعفر × قال : سألتُه عن حدّ السّجود ، قال : ما بين قصاص الشّعر إلى موضع الحاجب ، ما وضعت منه أجزأك[10] ، ولكنّها ضعيفة بعبد الله بن بحر .

ومنها : رواية بريد عن أبي جعفر × قال : الجبهة إلى الأنف أيّ ذلك أصبت به الأرض في السّجود أجزأك ، والسّجود عليه كلّه أفضل[11] ، ولكنّها ضعيفة ، لأنّ موسى بن عمر الموجود في السّند إن لم يكن هو ابن يزيد الصيقل المجهول فلا أقل أنّه مردّد بينه وبين غيره .

وممَّا ذكرنا يظهر ضعف ما حكي عن ظاهر الكاتب وابن إدريس الحلي & من وجوب الاستيعاب .

وقد يستدلّ لهما بصحيحة عليّ بن جعفر عن موسى بن جعفر قال : سألتُه عن المرأة تطول قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطيها الشّعر هل يجوز ذلك ؟ قال : لا ، حتّى تضع جبهتها على الأرض[12] ، والقصّة - بضم القاف وتشديد الصَّاد المهملة - : شعر الناصية .

وفيه أوَّلاً : أنّ ظاهر عبارتهما لا تدلّ على ذلك ، لأنّ المحكي عنهما أنّهما قالا : أنّه يُجزئ الدّرهم مَنْ بجبهته علّة .

وهذا لا يدلّ على وجوب الاستيعاب على الصّحيح ، أي الذي ليس بجبهته علّة ، إذ قد يوجبان على الصّحيح - أيّ الذي ليس بجبهته علّة - الأكثر من الدرهم وإن لم يكن تمام الجبهة .

وثانياً : على فرض صحة المحكي عنهما فإنّ صحيحة عليّ بن جعفر محمولة على الاستحباب جمعاً بينها وبين الأخبار المتقدّمة .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo