الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
37/06/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : الأَذان والإقامة (7)
ومنها : صحيحة ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قلتُ له : إنَّ لنا مؤذِّناً بليلٍ ، قال : أما إنَّ ذلك ينفع الجيران لِقيامهم إلى الصَّلاة ، وأمَّا السنَّة فإنَّه ينادى مع طلوع الفجر ، ولا يكون بين الأَذان والإقامة إلَّا الركعتان)[1] .
ومنها : صحيحته الأخرى (قال : سألتُه عن النداء قبل طلوع الفجر ، قال : لا بأس ، وأمَّا السنَّة مع الفجر وأنَّ ذلك لَيَنفع الجيران ، يعني قبل الفجر) [2] .
وإنَّما قلنا : إنَّهما صحيحتان ، بناءً على أنَّ ابن سنان هو عبد الله ، كما هو المطمأنّ .
أقول : هذه الأخبار هي التي استدلّ بها للمشهور ، وإليها أشار ابن أبي عقيل رحمه الله بتواتر الأخبار .
والإنصاف : أمَّا بالنسبة لأَذان الصَّلاة فلا يصحّ تقديمه أصلاً ، وفي جميع الأوقات .
نعم ، يظهر من رواية زريق أنَّ الصَّادق عليه السلام كان يؤذِّن للصَّلاة يوم الجمعة قبل الزَّوال ، وهذه الرِّواية مرويَّة في (المجالس والأخبار) عن زريق عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : كان ربَّما يقوم عشرين ركعة يوم الجمعة في صدر النَّهار - إلى أن قال : - وكان إذا ركدت الشَّمس في السَّماء قبل الزَّوال أَذَّن وصلى ركعتين ، فما يفرغ إلَّا مع الزَّوال ، ثمَّ يقيم للصَّلاة فيصلِّي الظُّهر ، ويصلِّي بعد الظُّهر أربع ركعات ، ثمَّ يُؤِّذن ويصلِّي ركعتَيْن ، ثمَّ يقيم فيصلِّي العصر)[3] .
وفيها أوَّلاً : أنَّها ضعيفة ، لأنَّ زريقاً مردَّد بين الثقة وغيره .
وأمَّا الطريق إلى كتاب زريق فهو في المجالس والأخبار معتبر ، وإن كان في الفهرست ضعيفاً .
وثانياً : أنَّ هذه الرِّواية أعرض عنها جميع الأعلام ، وهذا الإعراض مُوهِن حتَّى لو كانت بنفسها معتبرة .
وأمَّا أَذان الإعلام فقد عرفت أنَّه لا يجوز تقديمه في غير الصُّبح ، وأمَّا فيه فقد ذهب المشهور كما تقدم إلى الجواز .
ولكن الإنصاف : أنَّ الظَّاهر من الرِّوايات المتقدِّمة أنَّ الأَذان الذي هو قبل الفجر إنَّما هو للتنبيه لكي يتهيَّأ النَّاس للعبادة وينتفع به الجيران ، وليس هو الأَذان المسنون ، كما في صحيحة ابن سنان .
وأمَّا المسنون فإنَّه ينادى مع طلوع الفجر ، وكذا صحيحته الثانية : (وأمَّا السنَّة مع الفجر) ، وقد تقدمتا .
ويفهم من الرِّوايات أنَّ الأَذان قبل الفجر الذي ينتفع به الجيران هو المشروع من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) ، لا أنَّه كان من تلقاء نفس ابن أمّ مكتوم .
ومن هنا كان يخطئ أحياناً في الأَذان لأنَّه أعمى ، إذ لو كان من تلقاء نفسه ، ولم يكن موظَّفا من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) ، لَمَا سمح له النَّبي (صلى الله عليه وآله) بالاستمرار ، ولنهاه عنه .
والخلاصة : أنَّ هذا الأَذان قبل الفجر هو أَذان ثالث غير أَذان الإعلام وأَذان الصلاة ، وإن كان ظاهر الأعلام أنَّه أَذان الإعلام ، حيث عبَّروا بالتقديم مستثنين للصُّبح ممَّا ذكروه من وجوب كونه في الوقت .
ولكنَّك عرفت أنَّ الإنصاف : أنَّه أَذان ثالث مشروع في نفسه لتنبيه النَّاس على التهيُّؤ للصَّلاة والصَّوم في مثل شهر رمضان ، ولذا عدَّه المصنِّف رحمه الله في الذكرى في ضمن ما يشرع له الأَذان لغير الصَّلاة .
وأمَّا صحيحة عمران بن عليّ الحلبي (قال : سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن الأَذان قبل الفجر ، فقال : إذا كان في جماعة فلا ، وإذا كان وحده فلا بأس) [4] ، فهو معرَض عنه عند جميع الأصحاب ، إذ لا قائل بالتفصيل .