الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
38/05/01
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : القراءة في الصَّلاة(16)
وبالجملة ، فإنَّ صاحب الجواهر قوَّى القول بالوجوب التعييني ، وقال العلَّامة الطباطبائي رحمه الله في مصابيحه : (وظاهر الأصحاب وجوب التعلّم وإن أمكنه الاقتداء والقراءة في المكتوب ، بل صرَّح بعضهم بترتبها على العجز عنه) ، قال : (وفيه أنَّ وجوب التعلُّم ليس إلَّا لتوقُّف العبادة عليه ، ومتى أمكن الإتيان بها بدونه لم يجب ، فإنْ ثبت الإجماع - كما في المعتبر والذكرى - وإلَّا اتَّجه القول بنفي الوجوب لانتفاء ما يدلّ عليه ... )[1] ، وهذا هو الأقوى .
وتوضيحه : أنَّ وجوب التعلُّم لو كان واجباً نفسيّاً لصحَّ ما ذكروه من الوجوب التعييني .
ولكنَّ الإنصاف : أنَّ وجوب التعلُّم ليس لنفسه ، إذ لا دليل عليه ، بل وجوبه طريقي لأجل الوصول إلى الواقع وإحرازه .
وعليه ، فلا دليل على وجوب التعلُّم إذا تمكَّن من الائتمام المصحّح للصَّلاة ، وبما أنَّ الغرض حاصل بالائتمام فلا موجب حينئذٍ للتعلُّم .
وأمَّا الإجماع على وجوبه ، فلو تمّ فإنَّما هو مع غضّ النَّظر عن إمكان الائتمام .
وأمَّا ما يُقال : من أنَّ الائتمام لأجل توقّفه على فعل الغير الخارج عن قدرته ، فهو ليس فعلاً اختياريّاً له كي يتخيَّر بينه وبين التعلُّم .
ففيه : أنَّه لو لم يكن فعلاً اختياريّاً له لامتنع تعلُّق التكليف به ، مع أنَّه أفضل فردي الصَّلاة الواجبة عليه ، والله العالم .
قوله : (ومع الضِيق يقرأ ما يحسن منها إذا سمِّي قرآناً ، فإنْ أحسن معه غيره من القرآن عوّض عمَّا بقي منها مراعياً للترتيب بين العوض والأصل ، فلو حفظ النصف الأوَّل أخَّر العوض ، وبالعكس يقدِّم العوض)[2]
يقع الكلام في عدَّة أمور :
الأوَّل : فيما لو ضاق الوقت عن التعلّم لقصور ، كما لو أسلم الكافر في آخر وقت الظُّهرين
الثاني : فيما لو ضاق الوقت عنه بسبب تقصيره .
الثالث : هل يعتبر في مشروعية الإتيان بما تيسَّر عند ضيق الوقت عن التعلُّم العجز عن الائتمام ، أم لا ؟
الرابع - بعد القول بوجوب الإتيان بما تيسر من الفاتحة - : هل يجب التعويض عن الباقي أم لا ؟
الخامس : هل يعتبر أن يكون التعويض من سائر القرآن ، أو يجب أن يكرِّر ما يحسنهنّ إلى أن يصير بقدر الفاتحة .
أمَّا الأمر الأوَّل : فلا إشكال في عدم سقوط الصَّلاة أداءً ، لأنَّ الصَّلاة لا تسقط بحال ، فيجب عليه الإتيان بما يحسنه ، وتصحّ صلاته ولا موجب للقضاء .
وأمَّا وجوب التعويض أو الائتمام فسيأتي الكلام عنه - إن شاء الله تعالى - .
والغرض هنا بيان عدم سقوط الأداء في حقه كما توهّم ، فيما لو كان العجز عن التعلّم بسبب تقصيره .
وأمَّا الأمر الثاني - أي فيما لو ضاق الوقت عن التعلُّم بسبب تقصيره - : فقد يقال : بسقوط الأداء عنه مع استحقاقه للعقاب ، ويجب القضاء بعد التعلم .
وأمَّا الاستدلال على وجوب الأداء مع الإتيان بما يحسنه من الفاتحة بقاعدة (أنَّ الصَّلاة لا تسقط بحال)[3] فقد شكَّك المحقِّق الهمداني رحمه الله بشمولها لمثل المقام ، لاحتمال أن يراد بالحالة الحالات الطارئة على المكلِّف بحسب طبعه .