الأستاذ الشيخ حسن الرميتي
بحث الفقه
38/06/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : القراءة في الصَّلاة(45)
ثمَّ إنَّ القرآن كما يتحقّق بنيّة الجمع بين السّورتين قبل الشّروع فيهما يتحقق أيضاً بما لو قرأ السُّورة ، ثمَّ تجدَّدت النيَّة بعد تمام السُّورة الأُولى ، وإلَّا فمِنَ البعيد جدًّا عند من منع القران أنْ يخصِّصه بما إذا لاحظهما من أوَّل الأمر بالنيَّة .
الأمر الثاني : ذكر جماعة من الأعلام أنَّ موضوع القِران الذي وقع الخلاف في حرمته هو ما لو قرأ الأكثر من سورة بقصد جزئيَّته من القراءة المعتبرة في الصَّلاة .
وأمَّا لو لم يقصد به قراءة الصَّلاة ، بل قراءة القرآن من حيث هو ، أو بقصد الدُّعاء ، أو في القنوت ، فهو خارج عن محلِّ الخلاف ، وهو الصَّحيح .
وبالجملة ، لا خلاف في جواز القنوت ببعض الآيات ، وإجابة المسلِّم بلفظ القرآن ، والإذن للمستأذن بقوله : {ادخلوها بسلام آمنين} ، ونحو ذلك .
وحُكي عن المحقِّق رحمه الله وبعض من تأخَّر عنه أنَّ النزاع في المسألة هو ما لو قصد بالزائد قراءة القرآن لا الجزئيَّة ، وذلك لتحقُّق الزِّيادة بنيَّة الجزئيَّة ، وهي موجبة للبطلان ، لأنَّ الامتثال يحصل بالسُّورة الأُولى والثانية ، مع فرضيَّة الجزئيَّة زيادة محضة .
ويرد عليه : أنَّ القائل بجواز القِران لا زيادة عنده لتخييره المصلِّي في الاجتزاء بقراءة سورة واحدة أو أزيد ، فالزائد عنده من الصَّلاة ، والله العالم .
الأمر الثالث : أنَّ محلَّ الخلاف في المسألة مختصّ بالفريضة ؛ وأمَّا النافلة فلا خلاف بين الأعلام في جواز القِران فيها ، كما وقع التصريح بذلك في جملة من الأخبار المتقدِّمة :
منها : موثَّقة عبد الله بن أبي يعفور[1] ، فراجع .
ويؤيِّد ذلك : رواية محمَّد بن القاسم (قال : سألتُ عبداً صالحاً هل يجوز أن يُقرأ في صلاة الليل بالسُّورتين والثلاث ؟ فقال : ما كان من صلاة الليل فاقرأ بالسُّورتين والثلاث ، وما كان من صلاة النَّهار فلا تقرأ إلَّا بسورةٍ سورةٍ)[2] ، وهي ضعيفة بجهالة محمَّد بن القاسم ، فإنَّه مشترك بين عدَّة أشخاص .
ثمَّ إنَّ في هذه الرِّواية دلالةً على ترجيح ترك القِران في النافلة النهاريَّة .
بقي شيء في المقام ، وحاصله : أنَّ المصنِّف رحمه الله في الذكرى قال : (والمراد بالفريضة ما عدا الكسوف ، لما يأتي - إن شاء الله - من تعدُّد السُّورة في الرِّكعة الواحدة ... ) ، وهو جيِّد ، والله العالم .