< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

38/07/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : القراءة في الصَّلاة(53)

أضف إلى ذلك : أنَّه لو كان الحكم في هذه الصّورة وجوب الرّكوع لما ذكره من عدم الاعتداد لم يكن لاستثناء سورتي التوحيد والجحد من ذلك وجه ، لاشتراك الجميع في عدم الاعتداد الموجب لتعيين المعدول إليه حينئذٍ ، مع دلالة أكثر الرّوايات المتقدّمة - الدّالة على هذا الحكم - على استثناء هاتين السّورتين ، ووجوب المضي فيهما وعدم جواز الرّجوع .

ثمَّ إنّه ما ذكرناه كلّه مماشاة مع القوم ، وإلَّا فقد عرفت صحّة الاجتزاء حال قصد الاطلاق ، أو عدم قصد سورة مخصوصة ، والله العالم .

قوله : (وتسقط السُّورة في الأخيرتين)

كما هو المعروف بين الأعلام ، بل لم يقع فيه خلاف ، قال المصنّف رحمه الله في الذكرى : ( لا قراءة عندنا في الأخيرتين زائداً على الحمد فرضاً ولا نفلاً ، وعليه الإجماع منَّا ، وفي الجعفريات عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) أنَّه كان يقرأ في ثالثة المغرب {ربَّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنَّك أنت الوهاب} ، وهو محمول على إيرادها دعاءً لا أنَّها جُزء من الصَّلاة ) [1]

أضف إلى ذلك : أنَّ هذه الرِّوايات الموجودة في كتاب الجعفريات المعبَّر عنه بالأشعثيات ضعيفة بجهالة موسى بن إسماعيل ، وكذا أبيه .

 

قوله : (والمعوذتان من القرآن إجماعاً)

قال المصنِّف رحمه الله في الذِّكرى : (أجمع علماؤنا وأكثر العامَّة على أنَّ المعوِّذتين - بكسر الواو - من القرآن العزيز ، وأنَّه يجوز القراءة بهما في فرض الصَّلاة ونفلها ... ) .

أقول : يدلَّ على جواز القراءة بهما عدَّة من الرّوايات :

منها : صحيحة صفوان الجمَّال (قال : صلَّى بنا أبو عبد الله عليه السلام المغرب فقرأ بالمعوذتين في الرّكعتين) [2] .

ومنها : صحيحة منصور بن حازم (قال : أمرني أبو عبد الله عليه السلام أنَّ أقرأ المعوِّذتين في المكتوبة) [3] .

ومنها : رواية صابر مولى بسَّام (قال : أمَّنا أبو عبد الله عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوِّذتين ، ثمَّ قال : هما من القرآن ) [4] ، وهي ضعيفة لعدم وثاقة صابر مولى بسَّام .

ثمَّ إنَّه حكي عن بعض العامَّة أنَّهما ليستا من القرآن ، قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى : (وعن ابن مسعود أنَّهما ليستا من القرآن ، وإنَّما أنزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما السلام ، وخلافه انقرض ، واستقرّ الإجماع الآن من العامَّة والخاصَّة على ذلك) .[5]

وقد ورد في بعض الرّوايات التصريح بخطأ ابن مسعود في ذلك :

منها : رواية الحسين بن بسطام في طبّ الأئمة عليه السلام عن أبي عبد الله عليه السلام ( أنَّه سُئل عن المعوِّذتين ، أهما من القرآن ؟ فقال الصَّادق عليه السلام : هما من القرآن ، فقال الرَّجل : إنَّما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ، ولا في مصحفه ! فقال أبو عبد الله عليه السلام : أخطأ ابن مسعود ، أو قال : كذب ابن مسعود ، وهما من القرآن ، فقال الرَّجل : فأقرأ بهما في المكتوبة ؟ فقال : نعم) [6] ، ولكنَّها ضعيفة لجهالة الحسين بن بسطام ، وأخيه أبي عتاب صاحبي الكتاب .

مضافاً إلى أنَّ الطَّريق إلى الكتاب ضعيف بأبي الحسين صالح بن الحسين النوفلي .

ومنها : حسنة أبي بكر الحضرمي (قال : قلتُ لأبي جعفر عليه السلام : إنَّ ابن مسعود كان يمحو المعوِّذتين من المصحف ، قال : كان أبي يقول : إنَّما فعل ذلك ابن مسعود برأيه ، وهما من القرآن) [7]

(5و6)

 

قوله : (ويحرم هنا أمران : أحدهما : الترجيع المطرب في القراءة ، فتبطل الصلاة به)

قال ابن الجنيد : (ولا يرجَّع بالقرآن في صلاة ، ولا غيرها ، ترجيع الغناء والألحان ... ) .

أقول : لا إشكال في حرمة الغناء ، كما لا إشكال في بطلان الصَّلاة إذا كانت القراءة على نحو الغناء ، والذي هو عبارة عن الصَّوت المرجع فيه على سبيل اللهو والباطل ، فإنَّ كلمات الأعلام مختلفة في تفسير الغناء .

وقد فسَّره بعضهم : بالصَّوت المطْرِب ، وآخر : بالصَّوت المشتمل على الترجيع ، وثالث : بالصَّوت المشتمل على الترجيع والإطراب معاً ، ورابع : بالترجيع ، وخامس : بالتطريب ، وهكذا .

والصَّحيح - كما عرفت - : أنَّ الغناء المحرَّم عبارة عن الصَّوت المرجع فيه على سبيل اللهو والباطل ، سواء تحقَّق في كلام باطل أم في كلام حقّ ، وسيأتي بيانه بشكل مفصَّل في مبحث المكاسب إن شاء الله تعالى .

ويؤيِّد ما ذكرناه في تعريف الغناء : رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : اقرؤوا القرآن بألحان العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر ، فإنَّه سيجيء من بعدي أقوام يرجِّعون القرآن ترجيع الغناء والنوح والرهبانية ، لا يجوز تراقيهم ، قلوبهم مقلوبة ، وقلوب مَنْ يعجبه شأنهم) [8] ، وهي ضعيفة بإبراهيم الأحمر .

ورواها صاحب مجمع البيان عن حذيفة بن اليمان عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وآله) ، وهي ضعيفة بالإرسال لعدم ذكر طريقه إلى حذيفة ، كما أنَّ الشَّيخ البهائي رحمه الله رواها في الكشكول مرسِلاً .

قوله : (وثانيهما : قول آمين ، وهو حرام مبطل على الأصحّ ، سرّاً وجهرّاً ، في الفاتحة وغيرها ، وقول ابن الجنيد شاذّ ، واحتمال الكراهيَّة في المعتبر مردود ، والرّواية المجوِّزة له محمولة على التقيَّة ، ولا ريب في جوازه حينئذٍ)

قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى : (المشهور بين الأصحاب تحريم قول : آمين ، عقيب الحمد حتَّى أنَّه تبطل بعمده الصَّلاةُ لغير تقيَّة ، وادَّعى بعضهم الإجماع عليه ، فقال الشَّيخ رحمه الله في الخلاف : قول : آمين ، يقطع الصَّلاة ، سواء كان ذلك سرّاً أو جهراً ، آخر الحمد أو قبلها ، للإمام والمأموم ، وعلى كلِّ حال ؛ واحتج بإجماع الفرقة ، فإنَّهم لا يختلفون في أنَّ ذلك يبطل الصَّلاة ... ) .

ثمَّ قال المصنِّف رحمه الله في الذكرى : ( وقال ابن بابويه : ولا يجوز أن يُقال بعد فاتحة الكتاب : آمين ، لأنَّ ذلك كان يقوله النصارى ، وقال المفيد والمرتضى (رحمهما الله) : يحرم قول : آمين ، آخر الحمد ، ويقولان : تبطل الصَّلاة به ، وتبعهما جمهور الأصحاب) .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo