< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/02/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التشهّد والتسليم في الصَّلاة(7)

ومنها: موثَّقة أبي بصير الطَّويلة، والتي سنذكرها بطولها إن شاء الله قريباً، وقد تكرَّر فيها: اللَّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، أكثر من مرَّة[1] ، والإمام في مقام البيان.

لا يقال: إنَّها مشتملة على كثير من المستحبَّات، فقوله (عليه السَّلام): (إذا جلستَ في الرِّكعة الثانية فقل : بسم الله ...)، يكون مستعملاً في الأعمّ من الوجوب، فلا تدلُّ حينئذٍ على الوجوب.

فإنَّه يقال: إنَّ قوله (عليه السَّلام) (فقل) أمر، وهو ظاهر في الوجوب عقلاً لا وضعاً، فإذا قامت قرينة على الترخيص في الترك، فتحمل على الاستحباب، ومع عدم قيامها فالعقل ينتزع من الصِّيغة الإلزام.

وعليه، فليس الوجوب والاستحباب مدلولين للصّيغة حتَّى يرد هذا الإشكال، وبما أنَّه ورد الترخيص بالإضافة إلى جملة من الأدعية والأذكار فيحمل الأمر بها في الموثَّقة على الاستحباب، ولم يرد الترخيص بالنسبة لكيفيَّة الصَّلاة، فتبقى حينئذٍ على الإلزام بالنسبة للصِّيغة .

وأمَّا ما قيل: إنَّه في بعض النسخِ حَصَلَ الفَصْلُ بين محمَّدٍ وآله بـ (على).

فإنَّه يُقال أوَّلاً : إنَّه لم يثبتْ ذلك.

وثانياً: على فرضِ ثبوتِ الفَصْلِ إلَّا أنَّه لا يضرُّ بالاستدلالِ، كما لا يخفى، فيجوزُ أنْ تقولَ : اللَّهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد.

والخلاصةُ إلى هنا: أنَّ القويَّ لقولِ المشهورِ أو الأشهرِ هو هذه الموثَّقةُ، والله العالم.

وأمَّا القول الآخر: وهو الاجتزاءُ بمطلق الصَّلاة على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله بأيِّ صيغةٍ كانت فقد يستدلُّ له بعدَّة أدلَّة:

منها: إطلاقات أدلَّة وجوب الصَّلاةِ على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله.

وفيه: أنَّ الرواياتَ الدَّالةَ على وجوب الصَّلاة على النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله ليست ناظرةً لكيفيَّة الصَّلاةِ عليه (صلى الله عليه وآله)، بل هي واردةٌ لحكمٍ آخر، ولو سلِّمَ ثبوتُ الإطلاق فيها، إلَّا أنَّه مقيَّدٌ بموثَّقةِ أبي بصير المتقدِّمة الدَّالة على كيفيَّةٍ خاصَّة.

_________

 

ومنها: صحيحة سدير الصَّيرفي ومحمَّد بن نعمان الأَحْول وعمر بن أُذَيْنة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) -في حديثٍ طويل-: (إنَّ الله عرَّج نبيَّه (صلى الله عليه وآله) -إلى أن قال: - يا محمَّدُ! أُذكر ما أنعمتُ عليك وسمِّ باسمي، فألهمني الله أَنْ قلتُ : بسم الله، وبالله، لا إله إلَّا الله، والأسماء الحسنى كلُّها لله، فقال لي: يا محمَّدُ! صلِّ عليك، وعلى أهل بيتك، فقلتُ : صلى الله عليَّ وعلى أهل بيتي، وقد فَعَلَ...)[2] .

وفيه: أنَّه لم يذكر في الصَّلاة التشهُّد، وإنَّما ذُكِرَ (بسم الله وبالله)، فيُحتمل أن تكونَ الصَّلاة على النَّبيّ وآله في هذه الصَّحيحةِ غير الصَّلاة عليه وآله عقيبَ الشَّهادتين .

ومنها: رواية الحسن بن الجهم[3] ، وموثّقة[4] سماعة المتقدِّمتَيْن، بناءً على اشتمالهما على لفظ (صلى الله عليه وآله) كما في جملة من النسخ.

ولكن في جملةٍ أخرى من النسخ خلوّها عن ذلك فيحتملُ حينئذٍ كون ثبوته في تلك النسخ من أدب الكتابِ في كتباتهم، لا من متنِ الرِّواية، كما أنَّه يحتمل كون حذفه من النسخ الخالية عنه ناشئاً من اشتباه النسخ .

والخلاصةُ: أنَّه لم يثبتْ كونُ هذه الصَّلاة (صلى الله عليه وآله) من متنِ الرِّوايتَيْن.

مضافاً لِضعفِ روايةِ الحسن بن الجهم، لعدم وثاقة عبَّاد بن سليمان .

ومنها: أصالة البراءة عن تعيُّنِ الكيفيَّة الخاصَّة.

وفيه: أنَّه مع وجود الأمارة لا مسرح للأصل العملي، وقد عرفتَ أنَّ موثَّقةَ أبي بصير دلَّت على الكيفيَّة الخاصَّة المشهورة بين الأعلام، والعوام من النَّاس.

والخلاصة : أنَّ الكيفية الخاصة وهي (اللَّهمَّ صل على محمَّد وآل محمَّد) لو لم تكن متعينة فلا أقلَّ أنَّ الأحوط وجوبا هو الاقتصار عليها في التشهُّدَيْن ، والله العالم.

الأمر الخامس: هل تجب الصَّلاة على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في غير التشهُّدَيْن، حيثما ذُكِر (صلى الله عليه وآله) أم تستحبّ؟

المشهور بين الأعلام هو الاستحباب، بل عن المحقِّقِ في المعتبر والعلَّامةِ في المنتهى، دعوى الإجماع عليه، قالا في الكتابَيْن المذكورَيْن: (لا يقال: ذَهَب الكَرْخِيُّ إلى وجوبها في غير الصَّلاة، في العمرِ مرةً واحدةً، وقال الطَّحَاوِي: كلَّما ذُكِرَ؛ قلنا: الإجماع سبق الكَرْخِيَّ والطَّحَاوي، فلا عبرةَ بتخريجها) .

وفي الذَّخيرة -بعد أنْ نقل عن المعتبر والمنتهى هذه العبارة- قال ما لفظه: (ولم أطلعْ على مصرِّحٍ بالوجوب من الأصحاب، إلَّا أنَّ صاحب الكنز العرفان ذهب إلى ذلك، ونقله عن ابن بابويه، وإليه ذهب الشَّيخ البهائيّ في مفتاح الفلاح -إلى أن قال:- والأقرب: عدمُ الوجوبِ، للأصل المضافِ إلى الإجماع المنقولِ سابقاً، وعدمِ تعليمها للمؤذِّنِين، وعدمِ ورودها في أخبارِ الأَذان، وعدمِ وجودِها في كثيرٍ من الأدعية المضبوطةِ المنقولةِ عن الأئمةِ الطَّاهرينَ، مع ذكره (صلى الله عليه وآله) فيها، وكذلك في الأخبار الكثيرة).

وممَّن ذهب إلى الوجوب صاحبُ الوسائلِ، والحدائقِ، فذهبا إلى وجوبها كلَّما ذُكِرَ اسمه (صلى الله عليه وآله) ، بل في الحدائق نسبه أيضاً- زيادةً على ما ذَكَرَه في الذَّخيرة- إلى المحدِّث الكاشاني، والفاضلِ المحقِّق المولى محمَّد صالح المازندراني، في شرحه على أصول الكافي، والشيخ عبد الله بن صالح البحراني، قال صاحب الحدائق (رحمه الله): (وبالجملة، فإنَّ القولَ بالوجوب في المقام ما لا تعتريه غشاوةُ الإبهامِ، لِصحَّة جملةٍ من هذه الأخبار-إلى أن قال:- وقد عرفتَ استفاضةَ الأخبار من الخاصَّة والعامَّة على ذلك ، فالإنكار بعد ذلك مكابرة صِرفة).

__________

 

ومنها: موثَّقة أبي بصير الطَّويلة، والتي سنذكرها بطولها إن شاء الله قريباً، وقد تكرَّر فيها: اللَّهمَّ صلِّ على محمَّد وآل محمَّد، أكثر من مرَّة[5] ، والإمام في مقام البيان.

لا يقال: إنَّها مشتملة على كثير من المستحبَّات، فقوله (عليه السَّلام): (إذا جلستَ في الرِّكعة الثانية فقل : بسم الله ...)، يكون مستعملاً في الأعمّ من الوجوب، فلا تدلُّ حينئذٍ على الوجوب.

فإنَّه يقال: إنَّ قوله (عليه السَّلام) (فقل) أمر، وهو ظاهر في الوجوب عقلاً لا وضعاً، فإذا قامت قرينة على الترخيص في الترك، فتحمل على الاستحباب، ومع عدم قيامها فالعقل ينتزع من الصِّيغة الإلزام.

وعليه، فليس الوجوب والاستحباب مدلولين للصّيغة حتَّى يرد هذا الإشكال، وبما أنَّه ورد الترخيص بالإضافة إلى جملة من الأدعية والأذكار فيحمل الأمر بها في الموثَّقة على الاستحباب، ولم يرد الترخيص بالنسبة لكيفيَّة الصَّلاة، فتبقى حينئذٍ على الإلزام بالنسبة للصِّيغة .

وأمَّا ما قيل: إنَّه في بعض النسخِ حَصَلَ الفَصْلُ بين محمَّدٍ وآله بـ (على).

فإنَّه يُقال أوَّلاً : إنَّه لم يثبتْ ذلك.

وثانياً: على فرضِ ثبوتِ الفَصْلِ إلَّا أنَّه لا يضرُّ بالاستدلالِ، كما لا يخفى، فيجوزُ أنْ تقولَ : اللَّهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آلِ محمَّد.

والخلاصةُ إلى هنا: أنَّ القويَّ لقولِ المشهورِ أو الأشهرِ هو هذه الموثَّقةُ، والله العالم.

وأمَّا القول الآخر: وهو الاجتزاءُ بمطلق الصَّلاة على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله بأيِّ صيغةٍ كانت فقد يستدلُّ له بعدَّة أدلَّة:

منها: إطلاقات أدلَّة وجوب الصَّلاةِ على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله.

وفيه: أنَّ الرواياتَ الدَّالةَ على وجوب الصَّلاة على النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) وآله ليست ناظرةً لكيفيَّة الصَّلاةِ عليه (صلى الله عليه وآله)، بل هي واردةٌ لحكمٍ آخر، ولو سلِّمَ ثبوتُ الإطلاق فيها، إلَّا أنَّه مقيَّدٌ بموثَّقةِ أبي بصير المتقدِّمة الدَّالة على كيفيَّةٍ خاصَّة.

_________

ومنها: صحيحة سدير الصَّيرفي ومحمَّد بن نعمان الأَحْول وعمر بن أُذَيْنة عن أبي عبد الله (عليه السَّلام) -في حديثٍ طويل-: (إنَّ الله عرَّج نبيَّه (صلى الله عليه وآله) -إلى أن قال: - يا محمَّدُ! أُذكر ما أنعمتُ عليك وسمِّ باسمي، فألهمني الله أَنْ قلتُ : بسم الله، وبالله، لا إله إلَّا الله، والأسماء الحسنى كلُّها لله، فقال لي: يا محمَّدُ! صلِّ عليك، وعلى أهل بيتك، فقلتُ : صلى الله عليَّ وعلى أهل بيتي، وقد فَعَلَ...)[6] .

وفيه: أنَّه لم يذكر في الصَّلاة التشهُّد، وإنَّما ذُكِرَ (بسم الله وبالله)، فيُحتمل أن تكونَ الصَّلاة على النَّبيّ وآله في هذه الصَّحيحةِ غير الصَّلاة عليه وآله عقيبَ الشَّهادتين .

ومنها: رواية الحسن بن الجهم، وموثّقة سماعة المتقدِّمتَيْن، بناءً على اشتمالهما على لفظ (صلى الله عليه وآله) كما في جملة من النسخ.

ولكن في جملةٍ أخرى من النسخ خلوّها عن ذلك فيحتملُ حينئذٍ كون ثبوته في تلك النسخ من أدب الكتابِ في كتباتهم، لا من متنِ الرِّواية، كما أنَّه يحتمل كون حذفه من النسخ الخالية عنه ناشئاً من اشتباه النسخ .

والخلاصةُ: أنَّه لم يثبتْ كونُ هذه الصَّلاة (صلى الله عليه وآله) من متنِ الرِّوايتَيْن.

مضافاً لِضعفِ روايةِ الحسن بن الجهم، لعدم وثاقة عبَّاد بن سليمان .

ومنها: أصالة البراءة عن تعيُّنِ الكيفيَّة الخاصَّة.

وفيه: أنَّه مع وجود الأمارة لا مسرح للأصل العملي، وقد عرفتَ أنَّ موثَّقةَ أبي بصير دلَّت على الكيفيَّة الخاصَّة المشهورة بين الأعلام، والعوام من النَّاس.

والخلاصة : أنَّ الكيفية الخاصة وهي (اللَّهمَّ صل على محمَّد وآل محمَّد) لو لم تكن متعينة فلا أقلَّ أنَّ الأحوط وجوبا هو الاقتصار عليها في التشهُّدَيْن ، والله العالم.

الأمر الخامس: هل تجب الصَّلاة على النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في غير التشهُّدَيْن، حيثما ذُكِر (صلى الله عليه وآله) أم تستحبّ؟

المشهور بين الأعلام هو الاستحباب، بل عن المحقِّقِ في المعتبر والعلَّامةِ في المنتهى، دعوى الإجماع عليه، قالا في الكتابَيْن المذكورَيْن: (لا يقال: ذَهَب الكَرْخِيُّ إلى وجوبها في غير الصَّلاة، في العمرِ مرةً واحدةً، وقال الطَّحَاوِي: كلَّما ذُكِرَ؛ قلنا: الإجماع سبق الكَرْخِيَّ والطَّحَاوي، فلا عبرةَ بتخريجها) .

وفي الذَّخيرة -بعد أنْ نقل عن المعتبر والمنتهى هذه العبارة- قال ما لفظه: (ولم أطلعْ على مصرِّحٍ بالوجوب من الأصحاب، إلَّا أنَّ صاحب الكنز العرفان ذهب إلى ذلك، ونقله عن ابن بابويه، وإليه ذهب الشَّيخ البهائيّ في مفتاح الفلاح -إلى أن قال:- والأقرب: عدمُ الوجوبِ، للأصل المضافِ إلى الإجماع المنقولِ سابقاً، وعدمِ تعليمها للمؤذِّنِين، وعدمِ ورودها في أخبارِ الأَذان، وعدمِ وجودِها في كثيرٍ من الأدعية المضبوطةِ المنقولةِ عن الأئمةِ الطَّاهرينَ، مع ذكره (صلى الله عليه وآله) فيها، وكذلك في الأخبار الكثيرة).

وممَّن ذهب إلى الوجوب صاحبُ الوسائلِ، والحدائقِ، فذهبا إلى وجوبها كلَّما ذُكِرَ اسمه (صلى الله عليه وآله) ، بل في الحدائق نسبه أيضاً- زيادةً على ما ذَكَرَه في الذَّخيرة- إلى المحدِّث الكاشاني، والفاضلِ المحقِّق المولى محمَّد صالح المازندراني، في شرحه على أصول الكافي، والشيخ عبد الله بن صالح البحراني، قال صاحب الحدائق (رحمه الله): (وبالجملة، فإنَّ القولَ بالوجوب في المقام ما لا تعتريه غشاوةُ الإبهامِ، لِصحَّة جملةٍ من هذه الأخبار-إلى أن قال:- وقد عرفتَ استفاضةَ الأخبار من الخاصَّة والعامَّة على ذلك ، فالإنكار بعد ذلك مكابرة صِرفة).

__________

 

(3) الوسائل باب6 من أبواب صلاة الجماعة ح2.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo