< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الفقه

39/12/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: صلاة الجمعة وآدابها(27)*

قوله: (ويحرم الكلام في أثنائهما إلَّا بعدهما، وحرم المرتضى فيهما كل ما يحرم في الصَّلاة).

في المدارك: (والتحريم مذهب الأكثر، ونقل عن أحمد بن محمَّد بن أبي نصر البزنطي أنَّه قال في جامعه: إذا قام الإمام يخطب فقد وجب على النَّاس الصَّمت، وقال الشَّيخ (رحمه الله) في المبسوط، وموضوع من الخلاف، والمصنِّف في المعتبر: بالكراهة).

وفي الجواهر: (المشهور -كما في الذِّكرى، وكشف الالتباس- حرمة الكلام على السَّامع ، بل عن الخلاف الإجماع على تحريمه على المستمعين، وعن الكافي على المؤتمين، وفي الوسيلة تحريمه على الخطيب، ومن حضر...).

وقال المصنِّف (رحمه الله) في الذِّكرى: (الظَّاهر أنَّ تحريم الكلام مشترك بين الخطيب والسَّامعين - أو الكراهيَّة- إلَّا لضرورة...).

وفي المقابل، فإنَّ خِيرَة المبسوط والمعتبر والتبيان وموضع من الخلاف وفِقه القرآن والمنتهى وظاهر الغنية: عدم الحرمة، وفي الخلاف لا خلاف في أنَّه مكروه...).

ثمَّ لا يخفى أنَّ الخلاف بين الأعلام إنَّما هو في الحرمة التكليفيَّة، وأمَّا عدم بطلان الجمعة به فموضع وفاق، وإن كان منهيّاً عنه لأنَّه خارج عن العبادة.

إذا عرفت ذلك، فقدِ استُدلّ للقول بحرمة الكلام على السَّامعين بجملة من الرِّوايات كلّها ضعيفة السَّند، مع كون أكثرها ضعيفة الدَّلالة:

منها: مرسلة الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) في الفقيه (قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا كلام والإمام يخطب، ولا التفات إلَّا كما يحلّ في الصَّلاة، وإنَّما جُعِلتِ الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين، جعلتا مكان الرّكعتين الأخيرتين، فهما صلاة حتَّى ينزل الإمام)(1)، وهي ضعيفة بالإرسال، كما أنَّ دلالتها غير تامَّة، لما ذكرناه سابقا من أنَّه ليس المراد تنزيل الخطبتين منزلة الركعتين من حيث الأحكام والشَّرائط.

ومنها: رواية الحسين بن زيد عن الصَّادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) -في حديث المناهي- (قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب، فمَنْ فعل ذلك فقد لغا ، ومَنْ لغا فلا جمعة له)(2)، وهي ضعيفة بجهالة الحسين بن زيد، وشعيب بن واقد، كما أنَّ إسناد الشَّيخ الصَّدوق (رحمه الله) إلى شعيب فيه حمزة بن محمَّد العلوي، وهو مهمل، وعبد العزيز بن محمَّد بن عيسى الأبهري، وهو مجهول.

ومنها: رواية أبي البختري عن جعفر عن أبيه (أنَّ عليّاً (عليه السلام) قال: يكره الكلام يوم الجمعة والإمام يخطب، وفي الفطر والأضحى والاستسقاء)(3)، وهي ضعيفة بأبي البختري.

ومنها: رواية أبي البختري أيضاً نفس السَّند السَّابق عن عليّ (عليه السلام) (أنَّه كان يكره ردّ السَّلام والإمام يخطب)(4)، وهي ضعيفة، كما عرفت.

ثمَّ إنَّ ردّ السَّلام واجب، فلا بدّ من حمل الرِّواية على كون غيره قد ردّ السَّلام.

ومنها: النبويّ (إذا قلتَ لصاحبك: أنصت يوم الجمعة فقد لغوت)(5).

ومنها: النبويّ الآخر: (إنَّ أبا الدَّرداء سألا أُبَيّاً عن تبارك، متى نزلت؟ والنَّبيّ (صلى الله عليه وآله) يخطب، فلم يجبه، ثمَّ قال له: ليس لك من صلاتك إلَّا ما لغوت، فأخبر النَّبيّ (صلى الله عليه وآله)، فقال: صدق أبي)(6)، وهما ضعيفتان جدّاً، لِعدم ورودهما من طرقنا أيضاً، إنّما هما مرويان في كتب العامَّة.

ومنها: مرسلة دعائم الإسلام عن الصَّادق (عليه السلام) (إذا قام الإمام يخطب فقد وجب على النَّاس الصمت)(7)، وهي ضعيفة بالإرسال.

وعليه، فهذه الرِّوايات كلُّها ضعيفة السَّند، وأكثرها إن لم يكن كلّها ضعيف الدَّلالة.

 

_______________

(1) الوسائل باب14 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح2.

(2و3و4) الوسائل باب14 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح4و5و6.

(5) صحيح مسلم: ح3، ص4.

(6) سنن البيهقي ج3.

(7) دعائم الإسلام: ج1/ 182.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo