< قائمة الدروس

الموضوع: صلاة الآيات(1)

(درس 49- تجب صلاة الآيات بكسوف الشَّمس والقمر)

قال في القاموس: (يُقال: كسف الشَّمس والقمر كُسُوفاً: احتجبا كانكسفا، والله إياهما حجبهما؛ والأحسن في القمر: خُسِف، وفي الشَّمس كُسِفت)، ونحوه قال الجوهري: (إلَّا أنَّه جعل انكسفت الشَّمس من كلام العامَّة).

قال صاحب المدارك رحمه الله : (وهو وَهْم، فإنَّ الأخبار مملوءة بلفظ الانكساف)، وفي الذِّكرى: (تجب الصَّلاة بكسوف الشَّمس والقمر، ويُقال: خسف القمر أيضاً، وربما قيل: خسفت الشمس، وهو في حديث أسماء وابن عباس عن النَّبي (صلى الله عليه وآله)؛ ولا يقال: انكسفت عند بعضهم، منهم الجوهري، بل كسفت وكسفها الله بفتح الكاف والفاء فيهما، فهي كاسفة، والأخبار مملوءة بلفظ الانكساف، وقد جوَّزه بعض أهل اللغة، منهم الجوهري...).

ثمَّ إنَّ المعروف بين الأعلام قديماً وحديثاً، وفي جميع الأعصار والأمصار وجوب صلاة الآيات بكسوف الشَّمس والقمر.

وفي الذكرى: (ودليل الوجوب فيهما إجماع الأصحاب)، وفي المدارك: (أجمع علماؤنا كافَّةً على وجوب الصَّلاة بكسوف الشَّمس وخسوف القمر، والزّلزلة على الأعيان حكاه في التذكرة...).

وفي الجواهر: (بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الإجماع بقسمَيْه عليه، بل المحكي منه مستفيض إن لم يكن متواتراً، كالنصوص...).

والإنصاف: أنَّ المسألة متسالم عليها بين الأعلام، بحيث خرجت عن الإجماع المصطلح عليه.

ومع ذلك تدلّ عليه الأخبار الكثيرة:

منها: صحيحة جميل بن درَّاج عن أبي عبد الله عليه السلام (قال: وقت صلاة الكسوف -إلى أن قال:- وهي فريضة)(1).

ومنها: صحيحة أخرى لجميل بن درَّاج عن أبي عبد الله عليه السلام (أنَّه قال: صلاة العيدين فريضة، وصلاة الكسوف فريضة)(2).

ومنها: معتبرة محمَّد بن حمران -في حديث صلاة الكسوف- (قال: قال أبو عبد الله عليه السلام هي فريضة)(3)، والمراد بمحمَّد بن حمران إذا أُطلِق هو النَّهدي الثقة لا ابن أعين غير الموثَّق.

ومنها: رواية أبي أُسامة عن أبي عبد الله عليه السلام -في حديث-: (قال: صلاة الكسوف فريضة)(4)، وهي ضعيفة بأبي جميلة.

ومنها: مرسلة الشَّيخ المفيد رحمه الله في المقنعة (قال: ورُوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنَّه قال: صلاة الكسوف فريضة)(5)، ولكنَّها ضعيفة بالإرسال.

ومنها: رواية عليّ بن عبد الله (قال: سمعتُ أبا الحسن موسى عليه السلام يقول: أنَّه لمَّا قُبِض إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جرت فيه ثلاث سنن: أمَّا واحدة فإنَّه لمَّا مات انكسفت الشَّمس، فقال النَّاس: انكسفت الشَّمس لِفقد ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمَّ قال: يا أيها النَّاس! إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله، يجريان بأمره، مطيعان له، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلُّوا، ثمَّ نزل فصلَّى بالنَّاس صلاة الكسوف)(6).

________

(1)و(2)و(3)(4)و(5)و(6) الوسائل باب1 من ابواب صلاة الكسوف والآيات ح1و2و7و8و6و10.

 

وتمام الرِّواية على ما في الكافي هكذا: (فلمَّا سلَّم، قال: يا علي! قُمْ فجهِّز ابني، فقام عليّ عليه السلام: فغسَّل إبراهيم وحنَّطه وكفَّنه، ثمَّ خرج به ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتَّى انتهى به إلى قبره، فقال النَّاس: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نسي أن يصلِّي على إبراهيم لِمَا دخله من الجزع عليه فانتصب قائماً، ثمَّ قال: يا أيها النَّاس! أتاني جبرائيل عليه السلام بما قلتم، زعمتم أنِّي نسيتُ أن أصلِّي على ابني لِمَا دخلني من الجزع، ألَّا فإنَّه ليس كما ظننتم، ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات، وجعل لموتاكم من كلِّ صلاةٍ تكبيرة، وأمرني أن لا أصلّي إلَّا على مَنْ صلَّى، ثمَّ قال: يا عليّ! اِنزل فألحد ابني، فنزل فألحد إبراهيم في لحده، فقال النَّاس: إنَّه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده، إذ لم يفعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها النَّاس! إنَّه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم، ولكنِّي لستُ آمنُ إذا حلَّ أحدُكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشَّيطان، فَيَدْخُله عند ذلك من الجزع ما يُحْبِط أجره، ثمَّ انصرف (صلى الله عليه وآله))(1).

السّنة الأُولى: هي وجوب صلاة الكسوف.

والسّنة الثانية: عدم وجوب الصلاة ولا رجحانها على الطّفل.

والسّنّة الثالثة: كراهة نزول الوالد في قبر ولده.

ثمَّ إنَّ الرِّواية ضعيفة بجهالة علي بن عبد الله، والظَّاهر أنَّه البّجلِّي.

ورواها البرقي في المحاسن عن أبي سمينة عن محمَّد بن أسلم عن الحسين بن خالد (قال: سمعتُ أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام...)، وهي ضعيفة أيضاً بأبي سمينة، وبمحمَّد بن أسلم.

ثمَّ إنَّه لا يشترط حصول الخوف منهما، وذلك لإطلاق النصوص ومعاقد الإجماعات.

نعم، يظهر من رواية الفضل بن شاذان عن الرِّضا عليه السلام أنَّ حصول الخوف إنَّما هو حكمة للتشريع، لا أنَّه عِلّة لِيدور الحكم مدارها، ©قال: إنَّما جعلت للكسوف صلاة لأنَّه من آيات الله، لا يُدرى أَلِرحمة ظهرتْ أم لعذاب، فأحبّ النَّبيّ (صلى الله عليه وآله) أن تفزع أمّته إلى خالقها وراحمها عند ذلك لِيصرف عنهم شرّها، ويقيهم مكروهاً، كما صرف عن قوم يونس عليه السلام حين تضرّعوا إلى الله عزَّوجل...)(2).

مضافاً إلى أنَّها ضعيفة السَّند بجهالة أكثر من شخص في طريق الشَّيخ الصَّدوق رحمه الله إلى الفضل بن شاذان.

ويشير أيضاً إلى أنَّه حكمة مرسلة الفقيه (قال: وقال سيِّد العابدين عليه السلام -وذكر علَّة كسوف الشَّمس والقمر- ثمَّ قالا: إنَّه لا يفزع للآيتين، ولا يرهب، إلَّا من كان من شيعتنا، فإذا كان ذلك منهم فافزعوا إلى الله عزَّوجل وارجعوه)(3)، وهي ضعيفة بالإرسال.

_________

(1) الكافي: ج3، باب غسل الأطفال والأطفال والصلاة عليهم ح7، ص208، والمحاسن : ص313، ح31.

(2) الوسائل باب1 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح3.

(3) الوسائل باب1 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح4.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo