< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/01/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ الأمر الأول
 الأمر العاشر: الصحيح والأعم
 قال صاحب الكفاية: ( العاشر: أنه وقع الخلاف في أن ألفاظ العبادات أسامٍ لخصوص الصحيحة أو للأعم منها؟ وقبل الخوض في ذكر أدلة القولين، يُذكر أمور: منها: إنه لا شبهة في تأتّي الخلاف، على القول بثبوت الحقيقة الشرعية، وفي جريانه على القول بالعدم إشكال. وغاية ما يمكن أن يقال في تصويره: إن النزاع وقع - على هذا - في أن الأصل في هذه الألفاظ المستعملة مجازا في كلام الشارع، هو استعمالها في خصوص الصحيحة أو الأعم، بمعنى أن أيهما قد اعتبرت العلاقة بينه وبين المعاني اللغوية ابتداء، وقد استعمل في الآخر بتبعه ومناسبته، كي ينزل كلامه عليه مع القرينة الصارفة عن المعاني اللغوية، وعدم قرينة أخرى معينة للآخر )
 خصص صاحب الكفاية الأمر العاشر من مقدمته بمبحث الصحيح والأعم. أما الصحيح، فهو كون لفظ العبادة أو المعاملة موضوعا لما كان تام الأجزاء والشرائط. وأما الأعم، فهو ما يشمل الصحيح بهذا المعنى، والفاسد.
 وقد وقع النزاع بين الأعلام في أن ألفاظ العبادات أسام لخصوص الصحيح منها أو للأعم؟ ثم إن هذا النزاع غير مرتبط بأن المأمور به هل هو خصوص الصحيح أم الأعم؛ لأن الكلام في التسمية لا في المأمور به.
 ثم ذكر صاحب الكفاية قبل الخوض في أدلة القولين، أمورا لا بد من من بيانها ليتضح الحال:
 الأمر الأول:
 وفيه بيان جريان النزاع وعدمه على المباني المختلفة للحقيقة الشرعية.
 أما بناء على القول بثبوت الحقيقة الشرعية: فلا إشكال في جريان النزاع؛ حيث يقال: بعد أن وضع الشارع الألفاظ للمعاني المستحدثة، هل وضعها للصحيح أم للأعم.
 وأما بناء على القول بعدم ثبوتها - كما ذهبنا : وأنه ليس لدينا إلا حقيقة لغوية استعملها الشارع بنفس معانيها السابقة على الإسلام، فيجري النزاع أيضا؛ حيث يقال: هل هذه الألفاظ اللغوية التي استعملها الشارع، موضوعة للصحيح أم للأعم؟
 وأما بناء على القول بأن الشارع استعمل هذه الألفاظ: اللغوية ولكنه استعملها في المعاني الجديدة مجازا، فقد ذهب الشيخ الأنصاري وصاحب الكفاية وجماعة إلى جريان النزاع؛ حيث يقال: الشارع حينما استعمل هذه الألفاظ اللغوية مجازا، هل استعملها في الصحيح؛ بحيث إذا أطلق لفظ (الصلاة) مثلا مع قرينة صارفة عن المعنى اللغوي الحقيقي وبلا قرينة معينة لأحد المجازين- أي الصحيح والأعم - انصرف الذهن إلى المعنى المجازي وهي الصلاة الصحيحة تامة الأجزاء والشرائط، أم أنه استعملها في الأعم أولا ثم استعملها في الصحيح؛ بحيث يحتاج إلى قرينة لتعيين الصحيح؟
 أقول: صحيح أن النزاع جار على المبنى الثالث، إلا أن تصوير صاحب الكفاية لما إذا كان الشارع قد استعملها في الأعم أولا ثم في الصحيح، في غير محله، وتوضيحه: أولا نلاحظ العلاقة بين المعنى الحقيقي للفظ والمعنى المجازي الأول له، وهو الصحيح، ثم نلاحظ العلاقة بين هذا المعنى المجازي الأول والمعنى المجازي الثاني، وهو الأعم، فنستعمله فيه بواسطة العلاقة بين المعنى الأول والثاني، وهذا ما يسمى بسبك المجاز بالمجاز.
 وفيه: لا سبيل إلى الاستعمال المجازي بلا ملاحظة العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي، وهذا منتف في صورة سبك المجاز بالمجاز. وبالتالي لا يجري النزاع على هذا المبنى إذا كان متوقفا على سبك المجاز بالمجاز، ولكنه يجري على تصورينا بأن الاستعمال في المجاز الثاني يحصل بسبب العلاقة بينه وبين المعنى الحقيقي، لا من خلال العلاقة بين المجازين.
 وأما بناء على مذهب القاضي الباقلاني الأشعري: من أن الشارع استعمل الألفاظ دائما في المعاني اللغوية، وإنما أراد الأمور الأخرى بقرائن ودوال؛ فاستعمل (الصلاة) مثلا في معناها اللغوي، وهو الدعاء، ولكنه أراد الخصوصيات من دال آخر، وقرائن أخرى، - بناء على هذا المذهب يجري النزاع؛ حيث يقال: هذه القرينة التي أتى بها الشارع حتى يدل على غير المعنى اللغوي، هل هي قرينة لخصوص الصحيح أم للأعم.
 وفيه: إن القرينة التي جعلها الشارع للمعنى الآخر لا ضابطة لها؛ لأنها ليست قرينة واحدة، ففي الصلاة مثلا هناك قرينة دلت على الركوع، وأخرى دلت على السجود، وأخرى على التسليم، وهكذا. إذًا ليس عندنا قرينة واحدة منضبطة لنقول: هل استعملها الشارع للصحيح أم للأعم؟
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo