< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ الأمر الثالث
 وبعد الفراغ من كلام الآخوند في تصوير الجامع لأفراد الصلاة الصحيحة، نشكل عليه بإشكالات سبعة:
 أولا: لو سلمنا كبرويا أن الأثر الواحد الشخصي يكشف عن كون المؤثر شخصيا بسيطا، فلا نسلم به صغرويا في المقام؛ لأن أثر الصلاة ليس واحدا؛ إذ النهي عن الفحشاء والمنكر عنوان منتزع من عدة أمور خارجية متفاوتة في تأثيرها؛ فإنا نجد أن صلاة الليل مؤثرة في النهي عن الفحشاء والمنكر أكثر من صلاة المحارب أو صلاة الغريق أو المهموم، وبالتالي فإن أثر النهي عن الفحشاء والمنكر عنوان كلي منتزع من تأثيرات الصلوات المتفاوتة، مما ينفي كون الأثر واحدا شخصيا، وينفي بالتالي كون المؤثر كذلك.
 ثانيا: لو سلمنا أيضا أن الأثر الواحد الشخصي يكشف عن كون المؤثر جامعا ماهويا بسيطا، إلا أننا بالوجدان لا نجد أن هذا العنوان الجامع هو المؤثر؛ فليس عنوان الصلاة ما ينهى عن الفحشاء والمنكر، وإنما أفراد الصلاة الخارجية بكيفياتها الخاصة، ومن هنا كان تأثير بعض الأفراد أشد من بعض، وإلا لو كان مرجع التأثير إلى العنوان، والفرض أنه واحد، لتواطأت تأثيراتها.
 ثالثا: انتهى صاحب الكفاية إلى أن الجامع لأفراد الصلاة بسيط غير مركب؛ لأن المركب تتداخل فيه الصحة والفساد، وهذا صحيح. وفيه: كيف يُنتهى إلى جامع بسيط لأفراد الصلاة والحال أنها مركبة من مقولات متعددة لا جامع بينها؛ لأنها أجناس عالية؟ بل كيف يُنتهى إلى جامع لمرتبة واحدة من مراتب الصلاة والحال أن الصلاة الواحدة مركبة من مقولات مختلفة في حقيقتها؛ فالنية من مقولة الكيف النفساني، والقيام من مقولة الوضع، والذكر من مقولة الكيف المسموع ... ولا يمكن الجمع بين مقولتين فضلا عن أكثر، ولا يمكن بالتالي تصوير جامع حقيقي ذاتي لأمور متباينة في حقيقتها.
 رابعا: ذهب صاحب الكفاية إلى أن الأثر، وهو النهي عن الفحشاء والمنكر أو المعراجية أو القربان إلى الله، يكشف عن المسمى، وهو الجامع، فالمفروض أن يكون الأثر، وهو الكاشف، متقدما عن المنكشف، وهو المسمى، ولكن الأثر الفعلي المذكور لا يتحقق قبل الإتيان بالمسمى؛ أي قبل تحقق الصلاة خارجا، وبالتالي لا كاشف عن المسمى قبل الإتيان به.
 خامسا: إن كان الأثر هو ما يكشف عن المسمى؛ أي الجامع لأفراد الصلاة الصحيحة، للزم أن يكون العوام خلال صلاتهم غافلين عن معنى الصلاة؛ لأنهم يكونون حينها غافلين عن آثارها.
 سادسا: إن دعوى كون النهي عن الفحشاء والمنكر، أو المعرجية، أو القربان إلى الله، أثر لخصوص الصلاة، في غير محله؛ ذلك أن هذه الأمور آثار للصوم والحج والكثير من العبادات. وبالتالي لا تصلح هذه الآثار كاشفة عن مسمى واحد، وهو الصلاة.
 سابعا: التزم صاحب الكفاية بأن الجامع البسيط لأفراد الصلاة الصحيحة، هو لازم المطلوب، وهو المحبوب، فرارا من إشكال جريان البراءة المتقدم، ولكن إذا كان المحبوب هو العنوان الجامع، وهو نفسه المأمور به، لما كان بسيطا؛ لأن الأفراد الخارجية للصلاة والتي يتحد معها عنوان المحبوب، مركبة من مقولات متعددة، كما تقدم، فيلزم تركبه أيضا، وهو خلف.
 وهكذا لم يتمكن صاحب الكفاية من تصوير جامع للأفراد الصحيحة.
 وإن قيل: صحيح أنه لا يوجد جامع ماهوي ذاتي للأفراد الصحيحة، ولكن لمَ لا نقول بأن الصلاة موضوعة للآثار، بأن يكون معناها هو النهي عن الفحشاء والمنكر أو المعراجية أو القربان؟ قلنا: يلزم من هذا القول الترادف، وهو واضح البطلان؛ إذ لا يصح استعمال ألفاظ هذه الآثار بدل الصلاة الصحيحة، فتأمل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo