< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ الأمر الثالث
 كان الكلام في تصوير الجامع على القول بالأعم وذكرنا الوجه الأول وقد أورد صاحب الكفاية على هذا التصوير إشكالين، نذكرهما ونعقِّب بإشكال للميرزا النائيني.
 الإشكال الأول:
 بناء على أن حقيقة الصلاة هي الأركان، يلزم أن لا يطلق على الصلاة الخالية من ركن واحد والمتوفرة على تمام الأجزاء والشرائط أنها صلاة، كما يلزم أن يطلق على الصلاة المتوفرة على تمام الأركان ما خلا الأجزاء أنها صلاة، مع أن العرف يطلق على الأولى صلاة دون الثانية.
 الإشكال الثاني:
 إذا وُجدت جميع الأجزاء والشرائط، فلا يخلو إما أن تكون داخلة في المسمى أم لا. فإن كانت داخلة في المسمى، فيكون إطلاق لفظ الصلاة على المجموع مجازا؛ لأن الفرض أن حقيقة الصلاة هي الأركان فحسب، فيكون استعمال لفظ الصلاة في مجموع الأركان والأجزاء استعمال مجازي لعلاقة الكل والجزء.
 وإن قيل: إنما تكون هذه الأجزاء داخلة في المسمى إذا كانت موجودة، وإن لم تكن موجودة فلا تكون داخلة فيه. قلنا: يلزم على ذلك أن يكون الجزء مقوما للماهية، وذلك حال وجوده، وغير مقوم لها، وذلك حال عدم وجوده، وهذا غير معقول؛ إذ لا تشكيك في الماهيات المركبة زيادة ونقصا، ولا شدة وضعفا.
 الإشكال الثالث:
 ذكره الميرزا، وهو أن الأركان التي ادعى المحقق القمي أنها معنى الصلاة، لها مراتب؛ فالانحناء إلى الركبتين يمثل أعلى مراتب الركوع، وكلما قل الانحناء حصلنا على رتبة أقل، وهكذا حتى الوصول إلى الإيماء.
 وعليه، فهل المراد من الصلاة الأركان بأعلى مراتبها، أم بجميعها؟ فعلى الأول، يلزم أن لا تكون الصلاة بانحناء غير تام صلاةً، وعلى الثاني، نحتاج إلى تصوير جامع لهذه المراتب، وهذا الجامع إما أن يكون للصحيح من هذه المراتب، فيرد عليه ما تقدم من إشكالات، وإما أن يكون للأعم من الصحيح والفاسد، فيرد عليه أيضا ما تقدم.
 والإنصاف:
 لا شك في أن الصلاة من الماهيات المركبة، ولكن الإنصاف أنها ليست ماهية حقيقية مركبة من جنس وفصل ليرد عليها ما تقدم من أن الماهيات لا تكون مشككة زيادة ونقصا، وإنما الصلاة ماهية اعتبارية مركبة من الأركان والأجزاء والشرائط؛ أي من مقولات متعددة، والمقولات أجناس عالية، ولا يعقل الاتحاد بين جنسين منها فضلا عن أكثر، ومن هنا كان تركب الصلاة من هذه الأجناس تركبا اعتباريا، فتزيد أو تنقص بلا إشكال؛ لأنها بيد المعتبر.
 وبناء عليه، فإن تركب الصلاة من حيث القلة بشرط لا؛ أي بشرط أن لا تقل عن الأركان، ومن حيث الكثرة بلا بشرط، فلا ضير في أن تزيد عليها أجزاء وشرائط؛ بحيث إن وُجدت دخلت في المسمى، وإلا لم تدخل فيه.
 ومن هنا يتضح الجواب على الإشكال الثالث، فإنما نحتاج إلى تصوير جامع إذا كان المعنى ضيقا، والحال أنه من حيث الزيادة وسيع (لا بشرط)، فيتسع لكل المراتب، الصحيح منها والفاسد.
 فالإنصاف ما ذهب إليه المحقق القمي من أن الصلاة موضوعة لخصوص الأركان، وبالتالي لا يكون إطلاق لفظ (الصلاة) على الصلاة المحتوية على الأركان فحسب باطلا، وإن لم يرتضه العرف، كما لا يكون إطلاقه على الصلاة المحتوية على الأركان وغيرها من الأجزاء والشرائط مجازا؛ لما تقدم من أن الصلاة من حيث الكثرة معنى وسيع (لا بشرط) فيتسع لكل زيادة جزئية وشرطية على الصلاة؛ حيث تكون هذه الأجزاء والشرائط داخلة في المسمى حال وجوده، وغير داخلة فيه حال عدم وجودها.
 ويؤيد ما ذهبنا إليه: من أن الصلاة عبارة عن الأركان، مثل حسنة الحلبي، عن أبي عبد الله ع قال: ( الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود ) [1]
 وصحيحة زرارة عن أبي جعفر ع: ( لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، والوقت، والقبلة، والركوع، والسجود ) [2]
 فإن هذه الروايات وأمثالها واضحة في أن حقيقة الصلاة في أركانها، وأن ما زاد عن الأركان إنما يدخل في المسمى حال وجوده فحسب، ولا يلزم على ذلك تعدد المسمى؛ لما عرفت أنه من حيث الكثرة معنى وسيع لا بشرط، فلا يضره أو يغيره أو يكثّره ما زاد عن الأركان.
 
 


[1] - وسائل الشيعة باب 9 من أبواب الركوع، ج6، ص310، ح1.
[2] - وسائل الشيعة باب 4 من أبواب الوضوء، ج1، ص372، ح8.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo