< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ الأمر الثالث
 المحاولة الثانية لتصوير الجامع على القول بالأعم:
 نسب الشيخ الأنصاري إلى المشهور تصويرا للجامع على القول بالأعم، وإشارة إلى ذلك قال صاحب الكفاية: ( ثانيها: أن تكون موضوعة لمعظم الأجزاء التي تدور مدارها التسمية عرفا، فصِدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمى، وعدم صدقه عن عدمه. وفيه - مضافا إلى ما أورد على الأول أخيرا - أنه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمى، فكان شيء واحد داخلا فيه تارة، وخارجا عنه أخرى، بل مرددا بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند اجتماع تمام الأجزاء )
 حاصل هذا الكلام أن الصلاة موضوعة لمعظم أجزائها، فلو فرضنا أن أجزاءها عشرة، فمعظمها ثمانية أو سبعة مثلا، ولو كانت مركبة من ثمانية أجزاء، فمعظمها ستة مثلا، وهكذا. فالتسمية عرفا تدور مدار المعظم، فحينئذ لا يرد الإشكال المتقدم من عدم الصدق العرفي على الصلاة التي لم تتوفر على تمام أجزائها، بأن كانت حاوية للمعظم فحسب.
 وقد أشكل صاحب الكفاية على تصوير المشهور بإشكالات ثلاثة:
 الإشكال الأول:
 إذا كانت الصلاة موضوعة لخصوص المعظم، يلزم أن يكون إطلاقها على تمام الأجزاء والشرائط إطلاقا مجازيا، فلو فرض أن المعظم سبعة أجزاء، إلا أن المأتي به عشرة، لكان استعمال الصلاة في العشرة استعمالا مجازيا؛ لأنه استعمال للفظ في غير ما وضع له لعلاقة الكل والجزء.
 وجوابه: ذكرنا فيما سبق أن الصلاة كالكلمة من جانب القلة بشرط لا، ومن جانب الكثرة لا بشرط، وبالتالي إذا كانت الصلاة موضوعة للمعظم، فإن لم يوجد الزائد عليه لم يدخل في المسمى، وإن وُجد الزائد دخل في المسمى، وبالتالي يكون استعمال الصلاة في المعظم والزائد عنه استعمالا حقيقيا.
 الإشكال الثاني:
 بناء على هذا التصوير من أن الصلاة موضوعة لمعظم الأجزاء، فلو فرضنا أن القيام من جملة هذا المعظم، ثم عجز المكلف عن القيام، للزم أن يكون القيام داخلا مرة في ماهية الصلاة حال القدرة عليه، وغير داخل أخرى حال العجز عنه، ولا يعقل أن يكون شيء تارة مقوما للماهية، وأخرى لا، فإنه تشكيك في الماهية، وهو محال.
 وجوابه: تقدم أنه إنما يستحيل التشكيك في الماهيات إذا كانت مركبة حقيقة لا اعتبارا، كما نحن فيه؛ فالصلاة مركبة تركيبا اعتباريا من المعظم بشرط لا من حيث القلة، ولا بشرط من حيث الكثرة.
 الإشكال الثالث:
 لو كانت الصلاة موضوعة للمعظم بلا تعيين، يلزم أن لا نميّز بين الأجزاء المقوّمة الداخلة في المسمى، وغير المقومة الخارجة عنه، وذلك حال اجتماع تمام الأجزاء والشرائط، وعليه يلزم الترديد في الماهية.
 وجوابه: تقدم أن الأجزاء الزائدة على المسمى إن لم توجد فلا تكون داخلة فيه، وإن وجدت تكون داخلة فيه، وبالتالي تكون مقومة للماهية شأنها شأن المعظم، فينتفي الترديد فيها.
 إذًا الإنصاف أن الصلاة وغيرها من الألفاظ العبادية موضوعة للمعظم؛ أي لواقعه لا لمفهومه، سواء وقع المعظم صحيحا أم لا، فإن أُتي بالأزيد، دخل الزائد في حقيقتها، وإلا فلا.
 المحاولة الثالثة لتصوير الجامع على القول بالأعم:
 قال صاحب الكفاية: ( ثالثها: أن يكون وضعها كوضع الأعلام الشخصية ﮐ(زيد)، فكما لا يضر في التسمية فيها تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر، ونقص بعض الأجزاء وزيادته، كذلك فيها. وفيه: أن الأعلام إنما تكون موضوعة للأشخاص، والتشخص إنما يكون بالوجود الخاص، ويكون الشخص حقيقة باقيا ما دام وجوده باقيا، وإن تغيرت عوارضه من الزيادة والنقصان، وغيرهما من الحالات والكيفيات، فكما لا يضر اختلافها في التشخص، لا يضر اختلافها في التسمية )
 يذكر صاحب الكفاية في هذا التصوير الثالث للجامع على القول بالأعم، بأن ألفاظ العبادات كالأعلام الشخصية، فإنا نجد أنه حينما يولد مولود، يُطلق والده عليه اسم (زيد) مثلا، ثم إن عروض الحالات على زيد، من الزواج والمرض والكبر والشيب وغيرها، لا يؤثر في الاسم ولا في المسمى، وكذا ألفاظ العبادات؛ فإن أحوال الصلاة، من الاضطرار والاختيار ونحوهما، لا تضر في الاسم والمسمى؛ أي لا تؤثر على اسم الصلاة والصلاة نفسها، ولذلك لا حاجة إلى التكلف كثيرا في تصوير الجامع.
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo