< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/02/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر العاشر \ الصحيح والأعم \ وجوه القول بالصحيح
 المبحث الأول: وجوه القول بالصحيح
 قال صاحب الكفاية: ( وكيف كان، فقد استُدل للصحيحي بوجوه: أحدها: التبادر، ودعوى أن المنسبق إلى الإذهان منها هو الصحيح، ولا منافاة بين دعوى ذلك، وبين كون الألفاظ على هذا القول مجملات، فإن المنافاة إنما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبيَّنة بوجه، وقد عرفت كونها مبيَّنة بغير وجه )
 بعد الفراغ عن الأمور الأربعة المتقدمة، وهي: جريان النزاع على المباني المختلفة، ومعنى الصحيح والأعم، والقدر الجامع على القول بالصحيح والقول بالأعم، وثمرة النزاع بين القولين، نشرع تبعا لصاحب الكفاية في بيان الوجوه التي استدل بها على القول بأن ألفاظ العبادات موضوعة لخصوص الصحيح، وإلا فإننا بالغنى عن ذلك؛ لما عرفت من أنه لا يمكن تصوير الجامع على القول بالصحيح، وتعيّن القول بالأعم.
 مهما يكن من شيء فقد استدل للصحيحي بوجوه أربعة:
 الوجه الأول: التبادر
 فإن المتبادر إلى ذهن السامع للألفاظ العبادات خصوصُ الصحيح منها، والتبادر أمارة على الحقيقة.
 ثم أشكل صاحب الكفاية على نفسه بأن ألفاظ العبادات لما كانت مجملة، فلا يمكن أن يحصل التبادر من خلالها لخصوص الصحيح.
 أجاب: صحيح أنها مجملة، ولكنها ليست كذلك من جميع الوجوه؛ لأنها مبيَّنة بآثارها.
 وفيه:
 أولا: إنما يكون التبادر أمارة على الحقيقة إذا كان من حاق اللفظ، لا من قرينة خارجية، وفي المقام إن كان ثمة تبادر فهو من القرينة؛ ذلك أننا لو سمعنا مثلا: (زيد يصلي)، ثم تبادر إلى ذهننا أنه يصلي صلاة صحيحة، فإن هذا التبادر ناشئ من قرينة كونه مسلما، ومن شأن المسلم أن يصلي الصلاة الصحيحة لا الفاسدة، وإلا فلو سمعنا لفظ (الصلاة) من دون زيد أو عمرو، فلن يحصل التبادر المدعى، هذا إذا لم نقل بأن المتبادر الحاقي حينها هو الأعم.
 
 ثانيا: ما جاء في جوابه من أن الإجمال من وجه، وأنه مبيَّن بالآثار، في غير محله؛ لأن الآثار للصحة الفعلية، وكلامنا في الصحة الاقتضائية من جهة، ومن جهة أخرى إن الآثار؛ ككون الصلاة معراجا للمؤمن، وقربان كل تقي، لا يلتفت إليها الناس، ومع عدم التفاتهم إليها كيف ينتقلون من خلالها إلى معنى الصلاة؟!
 الوجه الثاني: صحة السلب عن الفاسد
 قال صاحب الكفاية: ( ثانيها: صحة السلب عن الفاسد، بسبب الإخلال ببعض أجزائه، أو شرائطه بالمداقة، وإن صح الإطلاق عليه بالعناية )
 مفاد هذا الوجه أن المكلف لو أخل ببعض الأجزاء والشرائط، فيصح أن يقال: (هذه ليست صلاة)، وصحة سلب لفظ (الصلاة) عن الفاسدة أمارة على أنها ليست موضوع إلا لخصوص الصحيح منها، وما إطلاق الناس لفظها على الفاسدة إلا تساهلا وعناية.
 وفيه: إننا ندعي في المقابل أنه يصح سلب لفظ الصلاة عن الفاسدة؛ فإن نجد أن العرف يطلق لفظ (الصلاة) على ما كانت بلا سورة أو بلا طهارة خبثية، كل ما في الأمر أنه لا يصدق على الفاسدة أنها صلاة مأمور بها؛ لبداهة أن الشارع المقدس لا يأمر بالفاسد، إلا أن كلامنا في الصلاة بنفسها بقطع النظر عن كونها مأمورا بها أم لا.
 الوجه الثالث: الأخبار الظاهرة في إثبات الآثار للمسميات
 قال صاحب الكفاية: ( ثالثها: الأخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات مثل: "الصلاة عمود الدين" [1] أو "معراج المؤمن" [2] و"الصوم جنة من النار" [3] إلى غير ذلك ...)
 يقول أن إثبات الخواص والآثار للمسميات العبادية كاشف على أن المراد خصوص الصحيح منها؛ لأن الآثار لا تترتب على الفاسد. وتقريبه:
 قوله ع: "الصلاة معراج المؤمن" أصل صحيح، فيصح عكس نقيضه (كل ما لم يكن معراجا للمؤمن فليس بصلاة)، وبما أن الصلاة الفاسدة لا معراجية فيها، فليست بصلاة.
 


[1] - وسائل الشيعة باب7 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها، ج4، ص27، ح12.
[2] - مستدرك سفينة البحار ج6، ص343.
[3] - وسائل الشيعة باب1 من أبواب الصوم المندوب، ج10، ص396، ح1

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo