< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/03/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث الثامن
 المبحث الثامن: كون المشتق حقيقة في الأخص أو الأعم إثباتا
 قال صاحب الكفاية: ( ويدل عليه تبادر خصوص المتلبس بالمبدأ في الحال، وصحة السلب مطلقا عما انقضى عنه، كالمتلبس به في الاستقبال )
 ذكرنا في ختام المبحث السابق أنه مع عدم إمكانية تصوير الجامع للأعم، يتعين القول بالوضع للأخص، وإنما سنذكر أدلة هذا المتعيِّن تمشيا مع الأصحاب.
 الدليل الأول: التبادر
 إن المتبادر إلى الذهن من قولك: (زيد عالم)، و(عمرو كاتب)، خصوص المتلبس بالعلم والكتابة فعلا، دون من انقضى عنه، والأمارة علامة الحقيقة، فيكون استعمال المشتق في المتلبس حقيقة، واستعماله فيما انقضى عنه مجازا.
 وإن قيل: ما الدليل على أن التبادر المذكور من حاق اللفظ، فلعله من قرينة خارجية، ولو من كثرة الاستعمال
 قلنا: احتمال كون التبادر من قرينة خارجية وإن كان ممكنا عقلا، إلا أن احتماله ضئيل جدا وغير معتد به، فلا قرينة ظاهرة ليستند إليها التبادر. أما الكلام عن كثرة الاستعمال، فليس بدقيق؛ لوقوع الكثرة في غير المتلبس.
 الدليل الثاني: صحة السلب
 إن صحة سلب المبدأ عن المنقضي عنه فعلا؛ حيث يصح قولنا: (زيد ليس بضارب) بعد الفراغ من الضرب، أمارة على المجاز، بل ذهب البعض إلى أن صحة السلب في المقام أدمغ دليل على المجازية من غيره؛ لأنه لا يمكن حتى الادعاء عقلا أن المشتق موضوع للذات المتلبسة بالمبدأ ومن انقضى عنها؛ لما مر من عدم إمكان تصوير جامع لهما، خلافا لمثل قولك: (رأيت أسدا في الحمام)، فإنه مع علمنا بأن لفظ (الأسد) موضوع لخصوص الحيوان المفترس لا الرجل الشجاع، إلا أنه يمكن عقلا الادعاء بأنه موضوع لكليهما؛ ذلك أن تصوير جامع لهما ممكن.
 ثم ذكر صاحب الكفاية إشكالا لصاحب الفصول على صحة السلب، مفاده: إنه لو كان المراد من السلب مطلق السلب؛ أي السلب في الأزمنة الثلاثة، فهو كذب؛ لعلمنا بحصول التلبس قبل الانقضاء، وإن كان المراد السلب المقيد بالحالية، فهو وإن كان صحيحا إلا أنه لا يفيد في المقام؛ لأن صحة السلب التي تعتبر أمارة على المجازية هي صحة السلب مطلقا؛ أي سلب الأعم. أما السلب المقيد؛ أي سلب الأخص، فلا يلزمه سلب الأعم؛ لأن نقيض الأخص لا يلزمه نقيض الأعم؛ إذ إن نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم.
 وتوضيحه:
 لو قلنا: (زيد ضارب)؛ أي مطلقا في كل الأزمنة، فهو أعم من (زيد ضارب الآن)، بينما نقيض القضية الأولى، وقو قولنا: (زيد ليس بضارب)؛ أي ليس بضارب مطلقا، أخص من (زيد ليس بضارب الآن)؛ إذ يصح قولنا: (كل من ليس بضارب مطلقا، فهو ليس بضارب الآن)، ولا يصح (كل من ليس بضارب الآن، ليس بضارب مطلقا).
 وعليه، لما كانت علامة المجاز صحة السلب مطلقا، فلا يكون سلب المقيد نافعا؛ لأنه لا يلزمه السلب مطلقا.
 جواب صاحب الكفاية:
 أجاب بأن السلب المقيد إنما لا يكون نافعا إذا كان راجعا للمسلوب؛ أي للمحمول، أما إن كان راجعا للمسلوب عنه؛ أي للموضوع، أو للسلب؛ أي للحمل، فلا إشكال في كون السلب حينئذ نافعا في أماريته على المجاز.
 توضيحه: إن كان السلب راجعا للموضوع؛ كما في قولك: (زيد الآن ليس بضارب)؛ أي زيد في حال الانقضاء ليس بضارب، فيكون المعنى أن زيدا الذي انقضى عنه المبدأ؛ أي غير المتلبس به، ليس بضارب مطلقا، أما أنه ليس بضارب في الحال والاستقبال، فواضح؛ لعملنا بانقضاء الضرب، وأما أنه ليس بضارب في الماضي؛ فلأن الذي ضرب في الماضي هو زيد مطلقا، بينما زيد موضوع القضية مسلوبة الموضوع، هو زيد المقيد بانقضاء المبدأ عنه. وعليه، إن كان سلب الموضوع سلب مطلق، فتكون صحته أمارة على المجاز بلا إشكال.
 وكذا إن كان السلب راجعا للحمل؛ كما في قولك: (زيد ليس الآن بضارب)؛ حيث يكون المعنى أن زيدا الذي انقضى عنه المبدأ ليس بضارب مطلقا؛ إذ إن زيدا الذي كان ضاربا بالأمس هو زيد في مطلق الأحوال، لا بقيد الانقضاء.
 نعم، إن كان السلب راجعا للمحمول؛ كما في قولك: (زيد ليس بضارب الآن)، هنا وإن كانت هذه القضية صحيحة؛ لانقضاء المبدأ عن زيد فعلا، إلا أنها لا تفيد المجازية؛ فإن الذي يفيدها هو صحة سلب المبدأ عن المحمول مطلقا.
 جوابنا:
 ما ذكره صاحب الكفاية صحيح، ولكن لا حاجة إلى التطرق إليه؛ لأن صحة السلب علامة على المجاز وإن كان راجعا للمحمول؛ ذلك أن هم القائل بالأعم صحة انطباق المشتق على مصداقيه: وهما المتلبس بالمبدأ، ومن انقضى عنه، وبالتالي يكفي لدحض مقالته وتعيين الوضع للأخص أن يصح السلب عمن انقضى عنه المبدأ؛ أي السلب المقيد بالانقضاء، بلا حاجة إلى السلب المطلق؛ حيث يكون للفظ حينئذ مصداق واحد، وهو خصوص المتلبس بالمبدأ فعلا، والله العالم
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo