< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث العاشر \ بساطة مفهوم المشتق
 الدليل الثاني على بساطة المشتق:
 قال صاحب الكفاية: ( ثم إنه يمكن أن يستدل على البساطة؛ بضرورة عدم تكرار الموصوف في مثل زيد الكاتب، ولزومه من التركب، وأخذ الشيء مصداقا أو مفهوما في مفهومه )
 يقول: إنه لو كان المشتق مركبا من الذات والمبدأ، للزم تكرر الموضوع، والحال أنه لا يوجد في القضية إلا موضوع واحد. وعليه، فالمشتق بسيط.
 وتوضيحه: في قولك: (زيد كاتب)، فإن كان (كاتب) مركبا من الذات والمبدأ، فلا يخلو، إما أن يراد من الذات مصداقها، ومصداقها هو زيد نفسه، فتصبح القضية (زيد زيد كاتب)، أو يراد منها مفهومها، فتصبح القضية (زيد شيء له الكتابة)، وعلى كلا الحالين تكرر الموضوع، وإن كان تكرره في الأولى بلفظه، وتكرره في الثانية بوجهه، فإن الذي يعنينا لزوم تكرر الموضوع أو تعدده، وهو خلاف ما يشهد به الوجدان من وحدة موضوع قضية (زيد كاتب).
 الدليل الثالث على بساطة المشتق:
 هذا هو الدليل الثالث على بساطة المشتق، وهو للمحقق النائيني ، ومفاده: لو كان المشتق مركبا من ذات ومبدأ، لاحتاج بطبيعة الحال إلى نسبة رابطة بينهما، فيلزم على ذلك إشكالان:
 الأول: أن يكون في قضية (الإنسان كاتب) نسبتان، الأولى في قضية (الإنسان إنسان)، والثانية في قضية (إنسان له الكتابة)، والحال أنه لا يوجد إلا نسبة واحدة. إذًا اللازم باطل، فالملزوم، وهو كون المشتق مركبا، مثله في البطلان.
 الثاني: أن يكون المشتق مبنيا؛ فإن اشتمال المشتق على النسبة، وهي معنى حرفي، يجعله أشبه بالحروف، مما يستلزم بناءه، والحال أنه معرب. واللازم، وهو كون المشتق مبنيا، باطل، فالملزوم، وهو كون المشتق مركبا، مثله في البطلان.
 وإن قيل: ولكن لا نجد وجه شبه بين الحرف والمشتق من الوجوه الأربعة المنصوصة حتى يكون المشتق مبنيا، فما من شبه وضعي؛ إذا لا تقل حروف المشتق عن ثلاثة، وما من شبه معنوي؛ فلا يشبه المشتق في المعنى حرفا موجودا، ولا حرفا غير موجود، وما من شبه تأثري؛ إذ يتأثر المشتق بالعوامل الداخلة عليه خلافا للحرف، وما من شبه افتقاري؛ لأن المشتق قائم بذاته.
 قلنا: صحيح أن المشتق لا يشبه الحرف بأحد الأوجه الأربعة، إلا أنه بنفسه متضمن للمعنى الحرفي، وهي النسبة؛ أي إن الحرف نفسه جزء من المشتق، فلا نحتاج إلى وجه شبه بينهما من جهة، كما يمكن دعوى الشبه بينهما من جهة أن النسبة المتضمَّنة في المشتق تفتقر إلى طرفيها، فحصل الشبه الافتقاري.
 
 ثم قال صاحب الكفاية: ( إرشاد: لا يخفى أن معنى البساطة - بحسب المفهوم - وحدته إدراكا وتصورا، بحيث لا يتصور عند تصوره إلا شيء واحد لا شيئان، وإن انحل بتعمل من العقل إلى شيئين؛ كانحلال مفهوم الشجر والحجر إلى شيء له الحجرية أو الشجرية، مع وضوح بساطة مفهومهما. وبالجملة: لا ينثلم بالانحلال إلى الاثنينية - بالتعمل العقلي - وحدة المعنى وبساطة المفهوم كما لا يخفى، وإلى ذلك يرجع الإجمال والتفصيل الفارقان بين المحدود والحد، مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا؛ فالعقل بالتعمّل يحلِّل النوع، ويفصِّله إلى جنس وفصل، بعد ما كان أمرا واحدا إدراكا، وشيئا فاردا تصورا، فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع والرتق )
 بعد أن ذَكَرَ صاحب الكفاية ما ذَكَرَ من أدلة على بساطة مفهوم المشتق، عاد لينفي بساطته بالتحليل العقلي، مرشدا إلى أن بساطة المشتق إنما هي بحسب التصور واللحاظ، مع أنه - وكما نبّهنا في بداية هذا المبحث - لا خلاف على بساطة مفهوم المشتق بل كل المفاهيم الذهنية بحسب اللحاظ والتصور الذهني.
 ثم إنه قاس المشتق على الأسماء الجامدة التي تنحل بالتحليل العقلي إلى جنس وفصل، من قبيل الإنسان الذي ينحل إلى (الحيوانية) و(الناطقية)، والحق أنه لا يمكن قياس المشتقات على الأسماء الجامدة.
 والخلاصة إلى هنا: إن المفاهيم كلها بسيطة بحسب اللحاظ والتصور الذهني، سواء مفاهيم المشتقات أم غيرها، أما بحسب التحليل العقلي، فبعضها بسيط كالمشتقات، وبعضها مركب كالأسماء الجامدة. والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo