< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/04/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ مقدمة \ الأمر الثالث عشر \ المشتق \ المبحث الرابع عشر \ قيام المبدأ بالذات
 المبحث الرابع عشر: قيام المبدأ بالذات:
 قال صاحب الكفاية: ( إنه وقع الخلاف بعد الاتفاق على اعتبار المغايرة - كما عرفت - بين المبدأ وما يجري عليه المشتق، في اعتبار قيام المبدأ به، في صدقه على نحو الحقيقة، وقد استدل من قال بعدم الاعتبار، بصدق الضارب والمؤلِم، مع قيام الضرب والألم بالمضروب والمؤلَم - بالفتح -. والتحقيق: إنه لا ينبغي أن يرتاب من كان من أولي الألباب، في أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها، من التلبس بالمبدأ بنحو خاص، على اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف المواد تارة، واختلاف الهيئات أخرى )
 وقع الخلاف بين الأعلام حول اشتراط قيام المبدأ بالذات لصحة حمل المشتق عليها، فمنهم من ذهب إلى عدم الاشتراط، ومنهم من ذهب إلى الاشتراط، ومنهم كصاحب الفصول اشترط القيام ولكن على نحو خاص؛ كالحلول والصدور ونحو ذلك؛ بحيث يكون بين المبدأ والذات اثنينية وتغاير، فإن لم يكن بينهما ذلك، لم يصح الحمل إلا مع التصرف بالمحمول، كما تقدم في الصفات الذاتية للحق ؛ بحمله على معنى مجازي معين، أو نقله إلى معنى آخر.
 هذه خلاصة الأقوال في المسألة: وقد استدل القائلون بعدم الاشتراط بصحة حمل (الضارب) على زيد في قولنا: (زيد ضارب عمرو)، مع أن القيام قائم بعمرو لا بزيد، وكذا في قولنا: (زيد مؤلِم عمرو)، فإنه صح حمل (المؤلِم) على زيد، مع أن الألم قائم في عمرو.
 وكذا في المبادئ الجامدة، فإنه يصح حمل المشتق منها على الذات، مع أن المبادئ الجامدة لا تقوم بالذوات؛ مثل قولنا: (زيد لابن)، أو (تامر)؛ فإن (اللبن) و(التمر) لا يصح قيامهما بالذات.
 أما صاحب الفصول: فلما اشترط في صحة حمل المشتق على الذات، أن يكون المبدأ قائما بالذات على نحو يلزم منه اثنينيتهما وتغايرهما، لزمه أن يتصرف في معنى الصفات الذاتية للباري ؛ لأنها لما كانت عين ذاته المقدسة، وبالتالي انتفت الاثنينية بين مبدئها والذات، لزم نقلها إلى معنى آخر، أو حملها على المجاز.
 وقد أشكل كل من المحققَين صاحب الكفاية والنائيني: على كلام صاحب الفصول بالنسبة لما يتعلق بالصفات الذاتية لواجب الوجود ، بأنه لم يتضح ما هو المراد بالمعنى بالمجازي من جهة، ومن جهة أخرى لا يخلو نقل معنى مثل (العالم) في قولنا: (الله عالم) من أن يكون المراد منه ضده، وهو الجاهل، وهو محال؛ إذ الجهل ممتنع عليه، أو أن لا يكون من وراء ذكر الصفات معنى، فتكون ألفاظا بلا معان مرادة؛ أي مجرد لقلقة لسان، وهذا أيضا محال عليه وقد وصف نفسه بصفاته؛ للزومه اللغوية حينئذ، وهو على الحكيم محال.
 الجواب:
 أولا: إن قيام المبدأ بالذات على أنحاء متعددة؛ فمرة يكون على نحو الصدور؛ كما في (زيد ضارب عمرو)؛ إذ الضرب قام بزيد قياما صدوريا، وأخرى يكون على نحو الوقوع؛ كقيام الضرب في القضية المتقدمة بعمرو، وثالثا يكون على نحو الحلول؛ كما في (زيد مريض)، ورابعا يكون على نحو الانتزاع؛ كما في (زيد زوج) أو (زيد حر)؛ فإنه لا شيء بإزاء مبدأ الزوجية والحرية في الخارج، وإنما انتزع المشتق من عنوانيهما، وخامسا يكون على نحو الإيجاد؛ حيث تكون الذات موجِدة للمبدأ؛ بمعنى أنها تكون ملازمة له، كما في (زيد لابن).
 وبهذه الأنحاء عرفت الجواب على ما استدل به القائلون بعدم اشتراط قيام المبدأ بالذات؛ فإنما صح حمل (الضارب) على زيد؛ لأن مبدأ الضرب قام بزيد قياما صدوريا، وإن كان قائما بعمرو قياما وقوعيا. أما المبادئ الجامدة، فهي تقوم بالذوات قياما إيجاديا، بمعنى ملازمتها لها.
 أما بالنسبة للصفات الذاتية لواجب الوجود ، فإن مبادئها قائمة بالذات المقدسة قياما اتحاديا عينيا، فهو نحو من أنحاء الاتحاد وإن لم تتضح كيفيته لدينا؛ إذ لا يشترط فهم كيفية تطبيق هذا النحو من القيام أو غيره على هذا المورد أو غيره.
 ثانيا: مع قطع النظر عن القيام الاتحادي الذي أغنانا عن دعوى المجازية والنقل، فيمكن دفع إشكال كل من المحققَين صاحب الكفاية والنائيني بأنه لعل المعنى المراد من (العالم) مثلا، هي العلم؛ فمعنى (الله عالم)؛ أي الله كله علم، وهكذا.
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo