< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/05/23

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ في ما يتعلق بصيغة الأمر \ التعبدي والتوصلي\
 المحاولة الثانية:
 وهي للميرزا النائيني وحاصلها: في مرحلة الإنشاء والجعل يفرض المولى وجود الموضوع وقيوده ثم يرتب الحكم عليه؛ فإذا أراد إيجاب الحج مثلا، يفرض بالغا عاقلا مستطعيا له زاد وراحلة ومخلى السرب، ثم يوجب الحج عليه على نحو القضية الحقيقية.
 ومن هنا كان مرجع القضية الحقيقية إلى قضية شرطية مقدمها ثبوت الموضوع، وتاليها ثبوت الحكم؛ فقضية (المستطيع يجب عليه الحج)، مرجعها إلى (من استطاع وجب عليه الحج).
 ثم إن الموضوع مع قيوده، قد يكون مقدورا للمكلف، وبالتالي يمكن تعلق التكليف به؛ ﮐ(الاستطاعة)؛ فإن المكلف قادر على تحصيلها وإن لم يوجبه الشارع. وقد يكون غير مقدورا للمكلف، وبالتالي لا يمكن تعلق التكليف به؛ للزومه التكليف بما لا يطاق، وهو محال عليه ، ﮐ(البلوغ) و(العقل) و(زوال الشمس)؛ فإن المكلف غير قادر على تحصيلها. إلا أن الموضوع مع قيدوه من كلا القسمين، وبقطع النظر عن إمكانية تعلق التكليف بهما، لما أخذا مفروضي الوجود في مقام الجعل والتشريع سواء من ناحية العرف؛ كما بالنسبة إلى القسم الأول، أم من ناحية العقل؛ كما بالنسبة إلى القسم الثاني، فلا يتعلق التكليف به.
 وبناء عليه، لما كان الأمر مأخوذا مفروض الوجود، فلا يمكن تعلق التكليف به، وإلا لزمت أمور ثلاثة:
 الأمر الأول: (اتحاد الموضوع والحكم)
 لما كان قصد امتثال الأمر متعلَّق للأمر، والقصد جزء من متعلَّق الأمر، فيكون الأمر متعلَّق المتعلَّق، إلا أن الأمر موضوع أخذ مفروض الوجود، فيكون الأمر، الذي هو الحكم، هو الموضوع أو المتعلق، فيتحد الموضوع والحكم.
 الأمر الثاني: (فرض الحكم موجودا وغير موجود)
 لما فرضنا الموضوع مفروض الوجود؛ أي مقدر الوجود وغير موجود واقعا، والموضوع هو الأمر، والأمر حكم إنشائي موجود واقعا، لزم أن يكون الحكم موجودا بلحاظ جعله واقعا، وغير موجود بلحاظ كونه مفروض الوجود، وهو محال.
 الأمر الثالث: (الدور)
 الأمر الأول والثاني متعلقان بمقام الجعل، بينما يتعلق هذا الأمر بمقام الفعل، وتوضيحه: إن فعلية الحكم متوقفة على فعلية الموضوع؛ إذ نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علته، ومن هنا أنكرنا الشرط المتأخر؛ للزومه فعلية الحكم حال كون الموضوع غير فعلي.
 وعليه، لو كان قصد امتثال الأمر جزءا من متعلق الأمر، لكان الأمر متوقفا عليه، إلا أن القصد متوقف على الأمر؛ لأنه فرع الأمر نفسه، فيكون الأمر متوقفا على القصد، والقصد متوقفا على الأمر، وهذا دور.
 هذه تمام المحاولة الثانية للنائيني في إثبات عدم إمكان أخذ قصد امتثال الأمر في متعلقه،
 وقد أشكل بعض الأعلام: على دعوى أخذ قصد الأمر مفروض الوجود؛ حيث إن الحق خلافه؛ لأن القصد جزء المتعلق، والمتعلق يجب تحصيله حال كونه مقدورا، فلا يكون مأخوذا مفروض الوجود.
 وفيه: إن الميرزا لم يدعِ أخذ قصد الأمر مفروض الوجود، وإنما ادعى أخذ الأمر نفسه مفروض الوجود؛ أي متعلق المتعلق، وهذا ما لا بأس فيه؛ لأن الأمر خارج عن قدرة المكلف، وعليه لا يمكن تعلق التكليف به، فيؤخذ مفروض الوجود.
 أما السيد الخوئي ، فقد أشكل على أستاذه: بأن الأمر وإن كان غير اختياري؛ ولكنه لا يؤخذ مفروض الوجود؛ إذ أخذه كذلك في مقام الجعل والإنشاء إما أنه من ناحية العرف، ولكن العرف لا شغل له بالجعل، وإما أنه من ناحية العقل، إلا أن المولى لما أنشأ الحكم، فلا يمكن أن يكون مفروض الوجود، وإلا لزم أن يكون موجودا وغير موجود، وهو محال.
 وفيه: إن الكلام في أخذ الأمر مفروض الوجود حال الجعل لا بعده.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo