< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/05/30

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ في ما يتعلق بصيغة الأمر \ التعبدي والتوصلي\
 كان الكلام في اشكال الشيخ النائيني والدفع له بالنقضي والحل وقلنا أن الانصاف بقاء الاشكال والذي يمكن قوله في المقام ودفع الإشكال به، هو: إن الداعي لا يمكن أن تتعلق به إرادة الفاعل أصلا؛ سواء كانت هي الإرادة التي كان ذلك الداعي باعثا عليها، أم كانت هناك إرادة أخرى تتعلق بإيجاد ذلك الداعي.
 أما الأول، فواضح، وأما الثاني؛ فلأن الداعي ليس من أفعال النفس، بل هو من انفعالاتها، أو من كيفياتها، فلا تدخله الإرادة والاختيار، والذي تدخله الإرادة هو القصد الذي هو فعل نفساني بمعنى تعلق الإرادة بالفعل مع قصد الأمر مثلا، هو تعلقها به بما أنه فعل من أفعال النفس؛ أعني كونه فعلا قلبيا، فهذا الذي تدخله الإرادة، فلا إشكال حينئذ.
 والخلاصة: إن التقييد ممكن، وعليه فإذا أطلق المولى ولم يقيد، يكون مقتضى الإطلاق هو كون الواجب توصليا.
 أدلة أصالة التعبدية
 ذهب بعض الأعلام إلى أن مقتضى الأصل اللفظي هو التعبدية، واستدلوا على ذلك ببعض الأدلة، منها:
 الدليل الأول:
 إن الأمر فعل اختياري للمولى، والفعل الاختياري الصادر من الحكيم لا بد أن يكون لغرض، وإلا لزمت العبثية وهي عليه محالة. ثم إن الغرض من الأمر هو المحركية،؛ أي تحريك المكلف تجاه الفعل؛ إذ لولا الأمر قد يفعل المكلف وقد لا يفعل، وإنما دعاه أمر المولى إلى الفعل، وكون الأمر داعيا دائما إلى الفعل، يعني أن الأوامر لا تكون إلا تعبدية إلا إذا قامت قرينة على التوصلية.
 وفيه:
 أولا: إن كون الأمر داعيا إلى فعل المكلف لا يختلف بالنسبة لكل من التوصلي والتعبدي؛ إذ لولا أمر المولى لما تحرك المكلف لفعل التوصليات أيضا؛ كما في أمره
 برد التحية، وهو واجب توصلي، فلولا أمر المولى بالرد لما تحرك المكلف تجاهه. وبالتالي إن كون الأمر داعي إلى الفعل لا يقتضي توصليته.
 ثانيا: بناء على كون الأمر داعيا إلى الفعل مقتضيا لتعبديته، يلزم انحصار التعبدية بداعي قصد امتثال الأمر فقط، مع أن نفس من قالوا بهذا الاقتضاء قد جعلوا سائر الدواعي في عرض قصد الامتثال.
 ثالثا: صحيح أن كل فعل اختياري من أفعال الحكيم لا بد له من غرض لنفي العبثية عنه، إلا أن الغرض قائم بمتعلق الأمر لا بالأمر نفسه، فالمصلحة بنفس الصلاة مثلا لا بالأمر بها. ثم إنه لا يجب تحصيل الغرض؛ لأن الملاكات ليست باختيار المكلف حتى يجب عليه تحصيلها.
 الدليل الثاني:
 قوله تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا } فقد استدلوا بهذه الآية الشريفة على أصالة التعبدية؛ وذلك بحمل (اللام) في "ليعبدوا" على الباء؛ فيصبح المعنى (وما أمروا إلا بعبادة الله)، فتدل حينئذ على أن كل الأوامر الواردة في الشريعة عبادة لا تسقط إلا بقصد امتثال الأمر.
 وفيه:
 أولا: إن لاحظنا سياق الآيات السابقة لوجدنا موردها أهل الكتاب والمشركين؛ حيث قال في مستهل السورة: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } وعليه فالآية ظاهرة في إرادة التوحيد ونفي الشرك، كما فسرها به جماعة، بل عن الشيخ البهائي الجزم بذلك.
 ثانيا: لو كانت الآية ناظرة إلى عبادية الأوامر للزم تخصيص الأكثر؛ فإن أغلب واجبات الشريعة توصلية. اللهم إلا إن حملنا الأمر على الجامع الأعم من الواجب والمستحب؛ فإن أغلب المستحبات تعبدية.
 ثالثا: قد تكون (اللام) في "لتعبدوا" للغاية؛ أي الغاية من الأوامر العبادة، إلا أن هذا لا يلزم منه عبادية الواجبات؛ لأننا نجد بعض الواجبات غايتها حصول العبادة؛ مثل وجوب الستر وطهارة الثوب في الصلاة، إلا أنها واجبات توصلية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo