< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ في ما يتعلق بصيغة الأمر \ الواجب التعييني والتخييري \
 التصوير الثالث:
 صوِّر الواجب التخييري أيضا على أن يكون الواجب أحد الشيئين أو الأشياء، لكن لا على وجه انتزاع المفهوم الكلي، وإلا رجعنا إلى التصوير الأول. وهذا التصوير ممكن ثبوتا باعتبار أن غرض المولى متعلق بفعل واحد، إما الإطعام أو الصوم أو العتق، فأي فعل من هذه الأفعال يفي بالغرض، وعليه لا معنى للجمع بينها؛ إذ لا غرض مستقل لكل منها، كما لا معنى لإيجاد أحدها بعينه؛ للزومه الترجيح بلا مرجح.
 وبناء عليه، يصبح الواجب التخييري عبارة عن: أطعم، أو صم، أو اعتق، فالمراد أحدها على نحو البدلية.
 إذًا، لا إشكال في هذا التصوير ثبوتا، أما إثباتا فيبدو أنه الأقرب إلى ظاهر الروايات؛ كما في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله ع: ( في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا ) [1]
 اقتضاء إطلاق الصيغة للتعيين:
 الإنصاف أن الأصل اللفظي يقتضي التعيين سواء اخترنا التصوير الأول أم الثاني أم الثالث.
 أما على التصوير الأول: فالتخيير عبارة عن وجوب أحد الأفعال الذي يختاره المكلف؛ أي وجوب أحدها بشرط اختياره، والإطلاق لا يفي بذلك.
 أما على التصوير الثاني: فالتخيير عبارة عن وجوب كل منها بشرط عدم الإتيان بالآخر، والإطلاق لا يفي بذلك أيضا.
 وكذلك على التصوير الثالث: فإن معنى التخيير عبارة عن وجوب أحدها على نحو البدلية والعطف ﺑ(أو)، والفرض أننا نشك في العطف، ولا يفي الإطلاق بذلك.
 مقتضى الأصل العملي:
 نقول: إن دوران الأمر بين التعيين والتخيير يمكن تصويره في ثلاث مراحل:
 أولا: إن كان الشك في التعيين والتخيير في مرحلة الجعل والحكم الواقعي؛ كما لو شككنا في أن الواجب علينا هو صلاة الجمعة تعيينا أم أننا مخيرون بينها وبين صلاة الظهر؟
 
 ثانيا: إن كان الشك فيهما في مرحلة الحكم الظاهري؛ كما لو شككنا في أنه هل يجب تقليد زيد بعينه أم أننا مخيرون بينه وبين بكر؟
 ثالثا: إن كان الشك فيهما في مرحلة الفعلية ومقام الامتثال والتزاحم خارجا؛ كما لو وجدنا غريقين، واحتملنا أهمية أحدهما، فشككنا في أنه هل يجب إنقاذه بالخصوص، أم أننا مخيرون بينه وبين الآخر؟
 وقد ذكرنا سابقا أن المختار بالنسبة إلى الشك في التعيين والتخيير في المرحلة الثانية والثالثة هو التعيين، أما في المرحلة الأولى، فقلنا بجريان البراءة عن التعيين؛ لما فيه من خصوصية زائدة، فننفيها بالإطلاق. وإن قيل: ولكن كما أن التعيين فيه خصوصية، فالتخيير كذلك، قلنا: حتى لو كان في التخيير تلك الخصوصية، إلا أنه لا يمكن إجراء البراءة فيه؛ لأن التخيير توسعة على المكلفين، فإجراء البراءة فيها خلاف الامتنان الذي من أجله جعلت البراءة.
 الواجب العيني والكفائي: تعريفهما
 الواجب العيني عبارة عما يتعلق بفعل المكلف ولا يسقط عنه بفعل الغير. أما الواجب الكفائي، فهناك عدة وجوه لتصويره:
 التصوير الأول:
 وهو أن الواجب الكفائي عبارة عن أن يكون المكلف بالواجب شخصا معينا بشرط أن يسقط عنه إذا أتى به غيره. وفيه: إن هذا التصوير خلاف ما يظهر من الأدلة في مقام الإثبات، ثم لماذا يكون هذا الشخص بعينه دون غيره مكلفا بالواجب طالما يسقط بقيام غيره به؟!
 التصوير الثاني:
 وهو أن الواجب الكفائي عبارة عن أن يكون المكلف هو كل الناس على نحو العموم المجموعي؛ بحيث يكون كل فرد هو جزء لموضوع التكليف.
 وهذا باطل بالضرورة؛ للزومه أن يأتي الجميع بالواجب، والفرض أنه كفائي.
 التصوير الثالث:
 وهو أن موضوع الواجب الكفائي هو مجموع الناس على نحو العموم الاستغراقي، فهو واجب على كل واحد بشرط أن لا يأتي به سائر الناس. وهذا التصوير ممكن ثبوتا، إلا أنه خلاف ظواهر الأدلة.
 التصوير الرابع:
 وهو أن يكون موضوع الواجب هو أحد الأشخاص لا بعينه. وهذا ممكن ثبوتا؛ حيث تكون المصلحة قائمة بأحد المكلفين، وإن ورد إثباتا استحباب قيام أشخاص معينين بالواجب لما فيهم من الخصوصية؛ كصلاة الفقيه على الميت.
 أما إثباتا، فهذا التصوير هو الأقرب إلى ظواهر الأدلة.
 
 اقتضاء إطلاق الصيغة للعينية:
 الإنصاف أن الأصل اللفظي يقتضي التعيين سواء اخترنا التصوير الأول أم الثاني أم الثالث أم الرابع.
 أما الأول، فباعتبار أنه مشروط بأن لا يأتي به الغير، والإطلاق لا يفي بذلك.
 وأما الثاني، فهو غير غير ممكن ثبوتا أصلا.
 وأما الثالث، فباعتبار أنه مشروط أيضا بأن لا يأتي به سائر الناس، والإطلاق لا يفي بذلك.
 وأما الرابع، فباعتبار أن المراد منه أحد الأشخاص لا بعينه، والإطلاق لا يثبت ذلك.
 فالإنصاف: إن مقتضى الأصل اللفظي العينية. أما الأصل العملي، فيأتي بحثه في مبحث البراءة والاشتغال.
 
 


[1] - وسائل الشيعة باب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo