< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/06/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ في ما يتعلق بصيغة الأمر \ وقوع الأمر عقيب الحظر \
 المبحث السادس: وقوع الأمر عقيب الحظر
 قال صاحب الكفاية: ( المبحث السابع: إنه اختلف القائلون بظهور صيغة الأمر في الوجوب وضعا أو إطلاقا فيما إذا وقع عقيب الحظر أو في مقام توهمه على أقوال: نسب إلى المشهور ظهورها في الإباحة، وإلى بعض العامة ظهورها في الوجوب، وإلى بعض تبعيته لما قبل النهي، إن علِّق الأمر بزوال علة النهي، إلى غير ذلك )
 هذا هو المبحث السادس، وترتيبه سابعا لدى صاحب الكفاية، وحاصله: إنه وقع الخلاف بين الأعلام حول ظهور صيغة الأمر فيما إذا وقعت عقيب الحظر أو توهمه؛ حيث نسب إلى المشهور ظهورها في الإباحة، بينما نسب إلى بعض العامة ظهورها في الوجوب، كما نسب إلى البعض تبعية ظهورها إلى ما قبل النهي؛ فإن كان ما قبله رخصة فما بعده رخصة، وإن كان ما قبله وجوب فما بعده وجوب.
 والإنصاف: إن صيغة الأمر إذا جاءت عقيب الحظر أو في مقام توهمه فهي تدل على الإباحة بالمعنى الأعم الشاملة للوجوب والاستحباب والإباحة بالمعنى الأخص، وتعيين أحدها يحتاج إلى قرينة، وذلك سواء قلنا بأن صيغة الأمر ظاهرة في الوجوب بالوضع أو الإطلاق أو العقل؛ لأن النهي هادم لهذا الظهور بعد أن كان على الأقل صالحا للقرينية الصارفة عن الوجوب، وبالتالي نحتاج إلى قرينة معينة للمراد من الصيغة.
 نعم، يمكن للقائل بأن دلالة الصيغة على الوجوب ليست بالظهور بل بأصالة الحقيقة أن يتمسك بالدلالة على الوجوب، وقد عرفت أن الحق ظهورها في الوجوب بالعقل؛ إذ مقتضى العبودية الطاعة، ولما لم يكن ثمة مؤمِّن من العقاب يوم القيامة وجب الامتثال ما لم يرد ترخيص.
 وأما من ذهب إلى تبعية ظهور الصيغة إلى ما قبل النهي؛ مثلا إن كان ما قبله وجوب فبما بعده وجوب؛ كما في قوله: { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } فهو مردود بأن الكلام في دلالة صيغة الأمر بحد ذاتها، والحال أن استفادة وجوب قتال المشركين عقيب النهي عن قتالهم في أشهر الحرم استفيد من قرينة خارجية، وهي العموم الأزماني في الآيات والروايات التي دلت على استمرارية وجوب قتالهم.
 وكذلك الأمر بالنسبة إلى من ذهب أنه إن كان متعلق الأمر عباديا فيكون ظاهرا في الاستحباب إن وقع عقيب النهي، فإن هذا الكلام مقبول، إلا أنه خارج عن محل الكلام؛ إذ الكلام في دلالة الصيغة بنفسها، والحال أن استفادة الاستحباب استفيد من قرينة خارجية، وهي كون متعلق الأمر عباديا.
 هذا بالنسبة إلى وقوع الأمر عقيب النهي أو في مقام احتماله، أما لو وقع الأمر قبل النهي وكان متعلقهما واحدا؛ كما لو قال المولى: (أكرم العلماء)، ثم قال: (لا تكرم العلماء)، هنا كل من الأمر والنهي يشكل قرينة على عدم ظهور الآخر في معناه، فيحمل النهي على الكراهة مثلا.
 المبحث السابع: المرة والتكرار
 قال صاحب الكفاية: ( المبحث الثامن: الحق أن صيغة الأمر مطلقا، لا دلالة لها على المرة ولا التكرار؛ فإن المنصرف عنها، ليس إلا طلب إيجاد الطبيعة المأمور بها، فلا دلالة لها على أحدهما، لا بهيئتها ولا بمادتها، والاكتفاء بالمرة، فإنما هو لحصول الامتثال بها في الأمر بالطبيعة، كما لا يخفى )
 هذا هو المبحث السابع، وترتيبه ثامنا لدى صاحب الكفاية، وحاصله: إنه إذا ورد أمر ما من الشارع، فهل يدل بذاته على المرة أم التكرار؟
 ذهب صاحب الكفاية، وهو الإنصاف، إلى أن الأمر بحد ذاته لا يدل على أي منهما، وإنما يدل على الوجوب فحسب؛ وذلك أن في مثل (صلِّ) يوجد هيئة ومادة، أما الهيئة فهي عبارة عن نسبة إيقاعية إيجادية بين المبدأ والمخاطب، فلا دلالة لها على المرة أو التكرار. وأما المادة (الصلاة)، فقد ذكرنا أنها موضوعة للماهية المهملة المعراة عن جميع الخصوصيات، ومنها المرة والتكرار.
 وإن قلتَ: كيف لا يدل الأمر على المرة والحال أنه يكتفى بفرد واحد من أفراده؟!
 قلنا: إن الاكتفاء بمرة لم يكن عن طريق الأمر، بل عن طريق العقل؛ فإن المطلوب من الأمر هو الطبيعة؛ أي صرف وجودها، وهو يتحقق بأول وجود، فانطباق الطبيعة على فردها قهري، والإجزاء عقلي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo