< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

34/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الأصول\ الأوامر \ الإجزاء \ إجزاء الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري عن الأمر الواقعي \
 تحرير محل النـزاع:
 بعد بيان معنيي الحكم الظاهري، وقبل الخوض في محل النـزاع، لا بد أن نحرر محله لنعرف أي من المسائل داخلة فيه، وأيها خارجة عنه، فنقول: أما المسائل الخارجة عن محل النـزاع، فهي أربعة:
 أولا: (الأمر الظاهري العقلي)
 لا إشكال في خروج الأوامر الظاهرية العقلية من العلم والبراءة العقلية والظن الانسدادي على الحكومة، فإن كلا من هذه الثلاثة خالية من حكم شرعي مأمور به، وعليه لا معنى للنـزاع في كون المأمور به بالأمر الظاهري العقلي مجزيا عن المأمور به بالأمر الواقعي؛ فسواء قطع المكلف بعدم وجوب شيء مثلا، أو أجرى البراءة العقلية في وجوبه، أو عمل بظن دل على عدم وجوبه وقد استندت حجيته إلى انسداد باب العلمي، فإنه في كل من هذه الحالات الثلاثة لو انكشف أن الواقع هو الوجوب، لم يكن العمل طبقها مجزيا؛ لأن كلا منها لا يغير الواقع المطلوب امتثاله، وعليه تجب الإعادة والقضاء.
 ثانيا: (الخطأ في التطبيق)
 وكذا من الموارد الخارجة عم محل النـزاع ما لو أخطأ المكلف في تطبيق دليل من الأدلة سواء من ناحية الدلالة أم السند، فإنه لا معنى للنـزاع حينئذ في الإجزاء وعدمه؛ إذ الخطأ في التطبيق لا يغير الواقع المطلوب امتثاله كما تقدم.
 ومثاله: ما لو عملنا بإطلاق آية التيمم، فذهبنا إلى عدم وجوب الإعادة بحال بادر المكلف إلى الصلاة مع التيمم، ثم ارتفع العذر داخل الوقت، فإنه إن انكشف أنه لا إطلاق في الآية الشريفة لأنها في مقام بيان أصل تشريع بدلية الطهارة الترابية عن المائية، ومهملة من جهة وجوب الإعادة بحال ارتفاع العذر في داخل الوقت، فلا معنى للنـزاع الإجزاء وعدمه.
 وكذلك ما لو فهمنا دلالة الواو على مطلق الجمع دون الترتيب في حسنة زرارة قال: "قلت: كيف يغتسل الجنب؟ فقال: إن لم يكن أصاب كفه شيء غمسها في الماء، ثم بدأ بفرجه فأنقاه بثلاث غرف، ثم صب على رأسه ثلاث أكف، ثم صب على منكبه
 الأيمن مرتين، وعلى منكبه الأيسر مرتين، فما جرى عليه الماء فقد أجزأه"( [1] )، فإنه إن انكشف دلالتها على الترتيب لم يكن تركه سابقا مجزيا، فتجب الإعادة، ولا معنى للنـزاع في الإجزاء وعدمه.
 وكذلك لو كان الاشتباه في سند رواية فيها ابن سنان، فتوهمنا أنه عبد الله بن سنان الثقة، فعملنا على طبقها، ثم انكشف أنه محمد الضعيف، فهنا أيضا لا يكون العمل بالراوية مجزيا.
 ثالثا: (الأمارة الجارية في الموضوعات والأحكام الجزئية)
 فلو قامت بينة على أن هذا المائع ماء، فتوضأنا به، ثم انكشفت خمريته، وجب التطهير وإعادة الوضوء، ولا معنى للنـزاع في إجزاء العمل طبق الأمارة في الموضوعات وعدم إجزائه؛ ذلك أنها لا تغير في الواقع شيء، حتى المصوبة من الأشاعرة والمعتزلة لم يذهبوا إلى ذلك، وإنما ذهبوا إلى أن الأمارة تغير الواقع الحكمي لا الموضوعي.
 ومثله ما لو قامت علمنا أن هذه الدار لزيد، ثم شككنا بانتقالها عنه، فاستصحبنا بقاءها على ملكيته واشتريناها منه، ثم انكشف أنها كانت حين الشراء على ملك غيره، هنا لا معنى للنـزاع أيضا؛ لأن البيع في غير محله قطعا لوقوعه في غير ملك البائع.
 رابعا:
 هذه المسألة الرابعة التي اختلف في خروجها عن محل النـزاع، وهي فيما لو دلت رواية على عدم وجوب شيء مثلا، ثم جزمنا بوجوبه؛ حيث انكشف الواقع بالقطع، هنا ذهب البعض إلى خروج هذه المسألة عن محل النـزاع؛ حيث ذهبوا إلى عدم الإجزاء، بينما ذهب آخرون إلى دخولها في محله.
 إذا عرفت ذلك، فإن محل النـزاع يقع في حالتين: فيما لو قام الأصل العملي الشرعي على شيء، وعملنا على طبقه، ثم عثرنا على آية أو رواية تخالف مقتضاه، أو عملنا بإطلاق لم نجد له مقيدا، أو بعموم لم نجد له مخصصا، ثم وجدنا بعد ذلك رواية مقيدة أو مخصصة، فهنا يأتي النـزاع في أن ما أتى به المكلف طبق الأصل مجز أم لا؟
 ثم إن البحث يقع في مقامين: الأول: نتكلم فيه عن الأحكام الظاهرية الثابتة بالأصول العملية الشرعية، والثاني: نتكلم فيه عن الطرق والأمارات.
 والأقوال في المسألة أربعة:
 الأول: القول بالإجزاء مطلقا، سواء بالنسبة إلى الإعادة أو القضاء، وممن ذهب إلى ذلك السيد البروجردي
 الثاني: القول بعدم الإجزاء مطلقا، وممن ذهب إلى ذلك السيد الخوئي
 الثالث: القول بالإجزاء في خصوص الأصول دون الأمارات، وممن ذهب إلى ذلك صاحب الكفاية ، وقد تردد في الاستصحاب لما له من جهة كاشفية كالأمارة.
 الرابع: القول بالإجزاء في الأصول وكذلك في الأمارات على القول بالسببية، وعدم الإجزاء على القول بالطريقية.
 
 
 
 


[1] () وسائل الشيعة باب 26 من أبواب الجنابة ج2، ص229، ح2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo