< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

35/11/26

بسم الله الرحمن الرحیم

تذنيب:
قال صاحب الكفاية: "تذنيب:لايخفىأنهلاشبهةفيجريانالنـزاع، فيما إذا كان الوصف أخص من موصوفه ولو من وجه في مورد الافتراق من جانب الموصوف، وأما في غيره، ففي جريانه إشكال، أظهره عدم جريانه، وإن كان يظهر مما عن بعض الشافعية، حيث قال : (قولنا: في الغنم السائمة زكاة، يدل على عدم الزكاة في معلوفة الإبل ) جريانه فيه، ولعل وجهه استفادة العلية المنحصرة منه".[1]
يختم صاحب الكفاية هذا الفصل بتذنيب كان الأولى أن يذكره في الصدر؛ لتناوله الموارد التي يجري فيها النـزاع حول ثبوت مفهوم الوصف وعدم ثبوته بالنسبة إلى الوصف والموصوف.
وحاصل كلامه: للوصف بالنسبة إلى الموصوف حالات خمس:
- الأولى: أن يكون الوصف أخص من الموصوف؛ كما في: (أكرم الإنسان العادل)، فهنا يجري النـزاع في أنه إذا انتفت العدالة، فهل ينتفي وجوب إكرام الإنسان أم لا؟
- الثانية: أن تكون النسبة بين الوصف والموصوف العموم من وجه، ويكون الافتراق من جانب الموصوف؛ كما في: (في الغنم السائمة الزكاة)؛ فهنا يجري النـزاع في أنه هل تجب الزكاة في الغنم المعلوفة أم لا؟
- الثالثة: أن تكون النسبة بين الوصف والموصوف العموم من وجه، ويكون الافتراق من جانب الصفة والموصوف معا، فهنا لا يجري النـزاع؛ فقد تقدم أنه يشترط في المفهوم وحدة الموضوع بينه وبينالمنطوق، والاختلاف بينهما في الإيجاب والسلب، وبالتالي لو افترقت الصفة عن الموصوف وصارت في موصوف آخر؛ كما في الإبل أو البقر المعلوفة، فتخرج المسألة حينئذ عن محل النـزاع؛ لاختلاف الموضوع، خلافا لبعض الشافعية الذين ذهبوا إلى دلالة (في الغنم السائمة الزكاة) على المفهوم، وهو (عدم الزكاة في الإبل والبقر المعلوفة).
نعم، يستثنى من ذلك فيما لو استفيد من التوصيف كون الوصف علة لسنخ الحكم مطلقا، ولو بالإضافة إلى غير موصوفه، فيدور الحكم حينئذ مدار الوصف وجودا وعدما، إلا أنه يخرج بذلك عن مفهوم الوصف، ويدخل في باب منصوص العلة، فلا خصوصية حينئذ للموصوف، بل المدار على الوصف ولو كان في موضوع آخر.
- الرابعة: أن تكون النسبة بين الوصف والموصوف التساوي؛ كما في: (أكرم الإنسان المتعجب)، فهنا أيضا لا يجري النـزاع؛ لأن انتفاء الوصف حينئذ يلزمه انتفاء الموصوف، فلا يتنازع في انتفاء وجوب الإكرام وعدمه بعد انتفاء موضوعه.
- الخامسة: أن يكون الوصف أعم مطلقا من الموصوف؛ كما في: (أكرم الإنسان الماشي)، فالكلام فيه كالكلام في الحالة السابقة؛ فإنه لا يجري النـزاع أيضا؛ لأن انتفاء الوصف الأعم مطلقا من الموصوف حينئذ يلزمه انتفاء الموصوف نفسه، فلا يتنازع في انتفاء وجوب الإكرام وعدمه بعد انتفاء موضوعه.




المبحث الأول: دخول الغاية في حكم المغيَّى وعدمه
قال صاحب الكفاية: "هلالغاية في القضية تدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية؛ بناء على دخول الغاية في المغيَّى، أو عنها وبعدها، بناء على خروجها، أو لا؟ فيه خلاف ...".[2]
هذا هو ثالث فصول المفاهيم، وهو في مفهوم الغاية، وأنه هل التقييد بالغاية دال على انتفاء الحكم عما بعدها أم لا؟ هذا فيما لو كانت الغاية داخلة في المغيَّى. وإذا لم تكن داخلة، فيكون النـزاع هكذا: هل التقييد بالغاية يدل على انتفاء الحكم عنها وعما بعدها أم لا؟ إلا أن هذا البحث متوقف على بحث في منطوق الجملة المغياة، وهو أنه هل تدخل الغاية في حكم المغيَّى أم لا؟ أي هل الحكم في المنطوق يشمل الغاية أم لا؟ ولذلك تم تقديمه على بحث مفهوم الغاية، خلافا لما فعله صاحب الكفاية؛ حيث أخَّره عن بحث المفهوم.
نقول: في المسألة احتمالات أو أقوال أربعة:
- الأول: دخول الغاية في المغيَّى مطلقا.
- الثاني: عدم دخول الغاية في المغيَّى مطلقا.
- الثالث: دخول الغاية في المغيَّى بحال اتحادهما جنسا، وعدم دخولها فيه بحال تغايرهما جنسا. والأول مثل: (صم النهار إلى الليل)؛ حيث اتحدت الغاية والمغيَّى جنسا؛ لأن كل من النهار والليل من جنس الزمان. والثاني مثل: (كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام)؛ حيث اختلفت الغاية والمغيَّى جنسا؛ فإن الشيء الحلال من جنس ومعرفة الحرام من جنس آخر، ولا معنى لدخول العلم بالحرام بالحلال.
- الرابع: دخول الغاية في المغيَّى بحال كانت أداة الغاية (حتى)، وعدم دخولها فيه بحال كانت أداة الغاية (إلى). والأول مثل: (مات الناس حتى الأنبياء)، والثاني مثل: (سر من البصرة إلى الكوفة). وقد نسب السيد الخوئي للميرزا لأنه كان يميل إلى هذا القول.

هذا تمام الاحتمالات أو الأقوال في المسألة، والإنصاف ما عليه مشهور الأصحاب من أنه ما من قرينة عامة تثبت دخول الغاية في المغيَّى أو عدم دخولها مطلقا، كما لم يدل الوضع على أحدهما، ولا على شيء من التفصيل المذكور، وإنما التعويل دائما على القرائن الخاصة.
نعم، لا ينبغي الخلاف في عدم دخول الغاية فيما إذا كانت غاية للحكم؛ كمثال: (كل شيء لك حلال)، فإنه لا معنى لدخول معرفة الحرام في حكم الحلال. ثم إن المقصود من كلمة (حتى) التي يقع الكلام عنها، هي (حتى) الجارة دون العاطفة؛ لأن العاطفة يجب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها؛ إذ هذا ما يقتضيه العطف؛ فإذا قلت: (مات الناس حتى الأنبياء)، فإن معناه أن الأنبياء ماتوا أيضا، بل حتى العاطفة تفيد أن الغاية هو الفرد الفائق على سائر أفراد المغيَّى في القوة أو الضعف، فكيف يتصور ألا يكون المعطوف بها داخلا في الحكم، بل قد يكون هو الأسبق في الحكم؛ نحو: (مات كل أبٍ حتى آدم). ثم إنه مع عدم وجود قرينة خاصة، وعدم وجود أصل لفظي يدل على الدخول أو الخروج، فالمرجع عند الشك إلى الأصول العملية. والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo