< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

ثم أن هناك إشكالين لا يختصان بمفهوم آية النبأ بل يعمان جميع أدلة حجّية خبر الواحد، أحدهما هو أنه لو كان الخبر الواحد حجّة لكان خبر السيّد المرتضى بإجماع الفرقة على عدم حجّيته حجّة لإن خبره من أفراد الخبر العادل وقد أخبر برأي المعصوم (ع).

وفيه أن أدلة حجّية خبر الواحد لا تشمل خبر السيد لأن خبره مستند إلى الحدس، وقد ذكرنا سابقاً أن الإجماع المنقول بخبر الواحد لا تشمله أدلة حجّية الخبر لإنه ليس مستنداً إلى الحسّ وخبر السيد المرتضى من هذا القبيل هذا أولاً. وثانياً ان خبره معارض لخبر الشيخ الطوسي بإجماع الطائفة على حجّية خبر الواحد. وثالثاً انه يلزم من شمول أدلة الحجّية لخبر السيد خروجه عنها لإن حكاية السيد الإجماع على عدم حجّية خبر العدل شمل خبر نفسه فيكون قد حكى الإجماع على عدم إعتبار قوله. ورابعاً ان شمول أدلة حجّية الخبر لخبر السيد يلزم منه التخصيص المستهجن لإستلزامه خروج جميع الأخبار إلاّ خبر السيد.

إن قلت لا يلزم منه التخصيص المستهجن لإنه يمكن أن يلتزم بالتفكيك في الأزمنة بإرادة حجّية كل خبر من الصدر الأول إلى زمان صدور خبر السيد وإرادة خصوص خبر السيد الحاكي للإجماع على عدم الحجّية من زمان صدوره إلى ما بعده من الأزمنة فلا يكون حينئذ التخصيص مستهجناَ.

ومنه ان هناك تسالماً بين الأعلام على عدم الفصل وان خبر الواحد لو كان حجّة في زمان كان حجّة في جميع الأزمنة وإذا لم يكن حجّة في الأزمنة المتأخرة لم يكن حجّة أيضاً في الأزمنة المتقدمة.

وخامساً أنه يلزم من شمول أدلة الحجّية لخبر السيد خروج الكلام عمّا يقتضيه الطريقة المألوفة بين العقلاء وأرباب اللسان. إذ لو كان المقصود من أدلة حجّية الخبر عدم حجّية أخبار الآحاد كما هو مضمون خبر السيد لكان اللازم التعبير بنحو ذلك من أول الأمر لا التعبير بما يدل على حجّية كل خبر وهذا نظير ما لو قال صدّق زيداً في جميع ما يخبرك فأخبر زيد بألف خبر ثم أخبر بكذب كل ما أخبر به فإنه لو أريد من الأمر بتصديق زيد في جميع أخباره بنحو العموم خصوصاً الخبر الأخير يلزم منه القبح وإلاستهجان كما لا يخفى.

وسادساً:أنه يستحيل شمول أدلة الحجّية لخبر السيد لإنه بعد شمول أدلة حجّية خبر الواحد لما عدا خبر السيد من سائر الأخبار لا يبقى مجال لشمولها لمثل خبر السيد لإن القطع بحجّيتهما ملازم لإنتفاء الشك في مطابقة مضمون خبر السيد للواقع وعدم المطابقة فيخرج بذلك عن عموم أدلة حجّية الخبر ففي الحقيقة يكون عدم شمول الأدلة لمثل خبر السيد الحاكي للإجماع على عدم الحجّية من باب التخصّص لإنتفاء الشك في مطابقة مؤداه للواقع وهذا بخلاف ما لو شمل ادلة الحجّية لخبر السيد إذ عليه يلزم كون خروج ماعداه من سائر الأخبار من باب التخصيص لتحقق الموضوع فيها وهو الشك في المطابقة وجداناً ومن المعلوم أنه مع الدوران بين التخصّص والتخصيص يتعين الأول على ما هو مقتضى أصالة العموم حيث إنها تقتضِ لزوم الأخذ بالعموم وعدم جواز رفع اليد عنه بالتخصيص فيه.

لا يقال كيف لازم شمول أدلة الحجّية لمثل خبر السيد أيضاً هو القطع بعدم حجّية ما عداه من سائر الأخبار فيلزم أنّ يكون خروج ما عداه أيضاً من باب التخصّص لا التخصيص فإنه يقال: إن المدار في التعبّد بكل أمارة إنما هو الشك في مطابقة مضمونه ومؤداه للواقع، ومؤديات ما عدا خبر السيد ليس حجّية خبر الواحد حتى يلزم من شمول الأدلة لخبر السيد الحاكي للإجماع على عدم حجّية خبر الواحد. القطع بعدم الحجّية فينتفي الشك في مطابقة مؤدياتها للواقع بل إنما مؤديات ما عداه من الأخبار عبارة عن وجوب أمر كذا وحرمة كذا واقعاً.

ولا ريب في بقاء الشك في مطابقة هذا المضمون للواقع وجداناً ولو على تقدير القطع بحجّية خبر السيد فيشملها أدلة الحجّية فلا يكون رفع اليد عن ذلك بمقتضى حجّية خبر السيد والحكم بخروج سائر الأخبار عن عموم أدلة الحجّية إلاّ من باب التخصيص لا غير.

الأشكال الثاني: في شمول أدلة الحجّية للأخبار الحاكية لقول الإمام (ع) بواسطة أو بوسائط، وتقريبه من وجوه الأول: دعوى إنصراف أدلة الحجّية إلى الأخبار الحاكية لقول الإمام بلا واسطة، وأشار إليه الشيخ الأعظم مع الجواب عنه قال: ( إن الآية لا تشمل الأخبار مع الواسطة لإنصراف النبأ إلى الخبر بلا واسطة فلا يعم الروايات المأثورة عن الإئمة (ع) لإشتمالها على وسائط ثم قال: وضعف هذا الايراد على ظاهره واضح لأن كل واسطة من الوسائط إنما يخبر خبراً بلا واسطة فإن الشيخ إذا قال حدثني المفيد قال حدثني الصدوق قال حدثني أبي قال حدثني الصفار قال كتبت إلى العسكري (ع) بكذا فإن هناك أخبار متعددة بتعدد الوسائط فخبر الشيخ قوله حدثني المفيد ...ألخ.

وهذا خبر بلا واسطة يجب تصديقه فإذا حكم بصدقه وثبت شرعاً أن المفيد حدث الشيخ بقوله حدثني الصدوق فهذا الأخبار أعني قول المفيد الثابت بخبر الشيخ حدثني الصدوق وأيضاً خبر عادل وهو المفيد فنحكم بصدقه وان الصدوق حدثه فيكون كما لو سمعنا من الصدوق إخباره بقوله حدثني أبي والصدوق عادل فيصدق في خبره فيكون كما لو سمعنا أباه يحدث بقوله حدثني الصفار فنصدقه لأنه عادل فيثبت خبر الصفار أنه كتب إليه العسكري (ع) وإذا كان الصفار عادلاً وجب تصديقه والحكم بأن العسكري (ع) كتب إليه ذلك القول كما لو شاهدنا الإمام (ع) يكتب إليه فيكون المكتوب حجّة فيثبت بخبر كل لاحق أخبار سابقة ولهذا يعتبر العدالة في جميع الطبقات لأن كل واسطة مخبر بخبر مستقل ). [1] انتهى

ويرد عليه أنه يتوجه ذلك إذا كان المدعى هو الإنصراف إلى ما لا واسطة في مطلق النبأ ولو من غير الإمام وإلا فلو أريد بالإنصراف الإختصاص بالخبر الحاكي لقول الإمام (ع) بلا واسطة فلا يرد عليه ذلك.

والإنصاف هو منع الإنصراف ولذلك ترى بناء الأصحاب حتى في الصدر الأول على الأخذ بالأخبار المروية عن الإمام ولو بوسائط عديدة من غير تشكيك منهم في الحجّية من جهة تعدد الوسائط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo