< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:مناقشة المقدمة الخامسة للإنسداد الكبير

)قوله وأما المقدمة الخامسة فلاستقلال العقل بها وأنه لا يجوز التنزّل – بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية أو عدم وجوبها – إلاّ إلى الإطاعة الظنيّة دون الشكية أو الوهمية لبداهة مرجوحيتهما بالإضافة إليها...ألخ([1] .

لا إشكال في هذه المقدمة بل هي من المسلمات إذ العقل مستقل بقبح ترجيح المرجوح على الراجح وأنه لا يجوز التنزّل بعد عدم التمكن من الإطاعة العلمية الإجمالية وهي الإحتياط التام أو عدم وجوبها. إلاّ إلى الإطاعة الظنّية دون الشكية أو الوهمية.

وبالجملة فإن هذه المقدمة الخامسة وان كانت مسلمة إلاّ أنه لا تصل النوبة إليها وذلك لما ذكرناه في المقدمة الأولى من أن العلم الإجمالي بثبوت التكاليف الوجوبية والتحريمية ينحل بالعلم الإجمالي بوجودها في مضامين الأخبار المذكورة لما ذكرنا من أن المقدار المعلوم بالإجمال من التكاليف الواقعية لا يزيد على المقدار الموجود في مضامينها وقد عرفت ان الإحتياط فيها لا يستلزم العسر والحرج فضلاً عن إختلال النظام وعليه فلا تصل النوبة إلى الإطاعة الإحتمالية من الشكية والوهمية حتى يدور الأمر بينهما وبين الإطاعة الظنية بل يجب الإحتياط في أطراف العلم الإجمالي وهي التكاليف الموجودة في مضامين الأخبار المذكورة والرجوع إلى الأصول النافية في غير مورد الأخبار ولو كان التكليف فيها مظنوناً وقاعدة قبح ترجيح المرجوح على الراجح أجنبية عن المقام، إذ موردها دوران الأمر بين الأخذ بالمرجوح والأخذ بالراجح بحيث لا يمكن الجمع بينهما فيقع التزاحم بينهما ومن المعلوم أنه بعد فرض انحلال العلم الإجمالي بثبوت التكاليف الوجوبية والتحريمية بالعلم إجمالاً بوجودها في مضامين الأخبار لا دوران حينئذٍ، إذ المتعين هو الإحتياط في خصوص الأخبار.

وبالجملة فإن الدوران بين الإطاعة الظنّية والإطاعة الإحتمالية موقوف على تمامية المقدمات والمفروض عدم تمامية الأولى ولا الثانية ولا الرابعة. أما عدم تمامية المقدمة الثانية فلما عرفت من أن باب العلم إلى أغلب الأحكام الشرعية وان كان منسداً علينا إلاّ ان باب العلمي إلى أكثرها مفتوح لما تقدم من ثبوت حجّية خبر الثقة الوافي بمعظم الأحكام وعليه فلا يكون الأمر دائراً بين الإطاعة الظنّية والإطاعة الشكية أو الوهمية حتى يحكم بلزوم تقديم الظنية على الشكية أو الوهمية بل لا بدّ من العمل بخبر الثقة.

وأما عدم تمامية المقدمة الرابعة فلما عرفت من جواز الرجوع إلى الأصول مطلقاً من المثبتة والنافية لوجود المقتضي وعدم المانع منه على تقدير انحلال العلم الإجمالي بالأصول المثبتة وبما علمه تفصيلاً من الخبر المتواتر أو المحفوف بالقرينة القطعية.

وعلى تقدير عدم انحلاله بذلك تجري الأصول المثبتة فقط ويجب الإحتياط في موارد الأصول النافية فإن كان الإحتياط في جميعها موجباً للعسر والحرج فيؤخذ به بالمقدار الممكن اي يبعّض في الإحتياط والخلاصة ان جملة من مقدمات الإنسداد غير تامة وأهمها المقدمة الثانية. ثم أنه على فرض تماميتها لا توجب حجّية الظن أي لا تكشف عن أن الشارع جعل الحجّية للظن بل لا بدّ من التبعيض في الإحتياط على تفصيل تقدم.

 

((فصل))

(هل قضية المقدمات على تقدير سلامتها هي حجّية الظن بالواقع أو بالطريق أو بهما. أقوال والتحقيق أن يقال أنه لا شبهة في أن همّ العقل في كل حال انما هو تحصيل الأمن من تبعة التكاليف المعلومة من العقوبة على مخالفتها ...ألخ).

اعلم أن مقدمات الإنسداد على تقدير تماميتها وعلى تقدير القول بالكشف اي حجّية الظن المطلق هل تقتضي وجوب العمل بالظن بالواقع فقط اي الظن بالحكم الشرعي الفرعي كما لو ظن بوجوب الإستعاذة في الصلاة مثلاً. وقد ذهب إلى هذا القول جملة من الأعلام فلو ظن بطريقية شيء كخبر الثقة وأدّى إلى وجوب شيء مثلاً من دون أن يحصل منه الظن بالوجوب لا يجب العمل بذلك الخبر أو تقتضي وجوب العمل بالظن بالطريق – اي خصوص المسألة الأصولية- دون الظن بالواقع الذي لم يقم مظنون الطريقية على ثبوته.

كما ذهب إليه صاحب الفصول تبعاً لأخيه المحقق صاحب الحاشية على المعالم. وعليه فالحجّية عندهما للطريق فقط. كما لو حصل الظن بحجّية خبر الثقة أو الشهرة الفتوائية ونحوهما. أو تقتضي العمل بهما معاً اي اعتبار الظن في كل من الطريق والحكم الفرعي كما ذهب إليه الشيخ الأنصاري ووافقه صاحب الكفاية والميرزا النائيني وجماعة كثيرة من الأعلام.

وحاصل ما ذكره الشيخ الأنصاري ان المقدمات المذكورة اقتضت كون الظن مؤمناً في حال الإنسداد كالعلم في حال الإنفتاح فكما أن العلم المؤمن في حال الإنفتاح لا يفرق فيه بين العلم بالواقع والعلم بالطريق كالعلم بحجّية خبر الثقة فكذلك الظن في حال الإنسداد لا يفرق فيه بين الظن بالواقع والظن بالطريق ثم انه – بناء على حجّية الظن بالطريق وحجّية الظن بالواقع – ينبغي ان يعلم ان الظن بالطريق تارة يلزم من العمل به مخالفة الظن بالتكليف كما لو قام الطريق على نفي التكليف مع الظن بثبوته أو قام على ثبوت التكليف مع الظن بثبوت ضده كما لو قام على الوجوب مع الظن بالحرمة.

وأخرى لا يلزم من العمل به مخالفة كما لو قام على ثبوت التكليف مع الظن بعدمه فإن بنينا على كون المنجز للتكليف هو العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعية كما هو الصحيح وكان مظنون الطريقية على النحو الأول أمكن القول بجواز العمل على طبقه فإنه وان كان مخالفاً للظن بالواقع إلاّ أنه مع الظن بالطريقية يظن بالترخيص في مخالفة الواقع ومع الظن بالترخيص لا ملزم عقلاً بالظن على وفق الواقع للظن بتدارك مصلحة الواقع.

 

وأما إذا كان على النحو الثاني فوجوب العمل على طبقه عقلاً بلا وجه مع كون التكليف موهوماً لأن الظن بالطريقية لا يوجب الظن بزيادة المصلحة أو اهتمام الشارع بالمؤدى ليمتاز عن سائر التكاليف الموهومة لتجب موافقته.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo