< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مناقشة مقالة صاحب الفصول في أن نتيجة الكشف الظن بالطريق

قوله:(وفيه أولاً- بعد التسليم العلم بنصب طرق خاصة باقية فيما بأيدينا من الطرق غير العلمية وعدم وجود المتيقن بينها أصلاً – أن قضية ذلك هو الإحتياط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال لا تعيينها بالظن...ألخ)[1] .

أشار صاحب الكفاية إلى عدّة أجوبة ذكرها هنا الشيخ الإنصاري رداً على الكلام صاحب الفصول. الجواب الأول: (ما حاصله هو إمكان منع نصب الشارع طرقاً خاصة للأحكام الواقعية كيف وإلاّ لكان وضوح تلك الطرق كالشمس في رابعة النهار لتوفر الدواعي بين المسلمين على ضبطها لإحتياج كل مكلف إلى معرفتها أكثر من حاجته إلى صلواته الخمس..ألخ)[2] .

وفيه ان هذا الجواب انما يتم لو كان مراد صاحب الفصول من الطرق المنصوبة طرقاً مخترعة أسسّها الشارع من دون أن يكون لها عند العرف والعقلاء عين ولا أثر فإنها هي التي تتوفر الدواعي إلى نقلها وكانت من الوضوح كالشمس في رابعة النهار. ولكنك عرفت مراده من الطرق المنصوبة هي الطرق العقلائية التي قد أمضاها الشارع ولم يردع عنها وهذه تكفي في صحة دعواه بمعنى أنه يعلم إجمالاً إمضاء بعض الطرق العقلائية الوافي بالأحكام وقد خفي علينا ما أمضاه وانسدّ باب العلم به.

الجواب الثاني: وحاصله سلّمنا نصب الطرق لكن بقاء ذلك الطريق غير معلوم. بيان ذلك ان ما حكم بطريقيته لعله قسم من الأخبار وليس منه بأيدينا اليوم إلا قليل كأن يكون الطريق المنصوب هو الخبر المفيد للإطمئنان الفعلي بالصدور لكثرة القرائن ولا ريب في ندرة هذا القسم في هذا الزمان أو خبر العادل أو الثقة الثابت عدالته أو وثاقته بالقطع أو البينة الشرعية أو الشياع مع إفادته الظن الفعلي بالحكم ويمكن دعوى ندرة هذا القسم في هذا الزمان إذ غاية الأمر أن نجد الراوي في الكتب الرجالية محكي التعديل بوسائط عديدة من مثل الكشي والنجاشي وغيرهما ومن المعلوم ان مثل هذا لا يعّد بينة شرعية ...ألخ)[3] .

وفيه أن المدعى هو أن الشارع قد نصب طريقاً وافياً بالأحكام على وجه يوجب انحلال العلم الإجمالي بها والخبر المفيد للإطمئنان وكذا خبر العادل أو الثقة الثابت عدالته أو وثاقته بالقطع أو البينةالشرعية ليس بتلك المثابة من الكثرة بحيث يفي بالإحكام الشرعية حتى في الزمان السابق التي كانت قرائن الصدق فيه كثيرة فإن كثرة قرائن الصدق لا تقتضي كثرة الخبر الذي عليه قرائن الصدق على وجه يوجب الإطمئنان بحيث يفي بالأحكام المعلومة بالإجمال لينحل به العلم الإجمالي فلا بدّ أن يكون الطريق المنصوب غير الخبر المفيد للإطمئنان وقد انسد باب العلم به علينا.

الجواب الثالث: حاصله سلّمنا نصب الطريق ووجوده في جملة ما بأيدينا من الطرق الظنية من أقسام الخبر والإجماع المنقول والشهرة وظهور الإجماع والإستقرار والأولوية الظنية إلاّ أن اللازم من ذلك هو الأخذ بما هو المتيقن من هذه فإن وفى بغالب الأحكام اقتصر عليه وإلاّ فالمتيقن من الباقي مثلاً الخبر الصحيح والإجماع المنقول متيقن بالنسبة إلى الشهرة وما بعدها من الأمارات إذ لم يقل أحد بحجّية الشهرة وما بعدها دون الخبر الصحيح والإجماع المنقول فلا معنى لتعيين الطريق بالظن بعد وجود القدر المتيقن ...ألخ).

وفيه أن ما هو المتيقن في النصب من هذه الطرق هو ما ذكره بقوله وثانياً وهو الخبر المفيد للإطمئنان إلى آخره وقد عرفت انه قليل لا يفي بالأحكام الشرعية والطرق الأخر ليس فيها ما هو متيقن الإعتبار بل احتمال النصب في كل واحد منها على حدّ سواء ودعوى أن مطلق الخبر أو الإجماع المنقول متيقن الإعتبار بالإضافة إلى غيره ممّا لا شاهد عليها إذ لا مزية له على سائر الطرق الظنية فيتردد الطريق المنصوب بينها ولا بدّ حينئذٍ من التنزل إلى تعيينه بالظن.

الجواب الرابع: حاصله سلّمنا عدم وجود القدر المتيقن لكن اللازم من ذلك وجوب الإحتياط لإنه مقدم على العمل بالظن لما عرفت من تقديم الإمتثال العلمي على الظني...ألخ).

وقد أشكل صاحب الكفاية على هذا الجواب ثم أجاب عنه وحاصل الإشكال أنه كيف نحتاط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال والمفروض في مقدمات الإنسداد عدم وجوب الإحتياط بل عدم جوازه إذا كان عسره مخلاً بالنظام.

وأما الجواب فإن الذي لا يجب فيه الإحتياط أو لا يجوز هو الإحتياط التام في أطراف العلم الإجمالي بالتكاليف لا عدم وجوب الإحتياط في أطراف العلم الإجمالي بالطرق. فإن مقتضى الإحتياط في الطرق هو جواز رفع اليد عن الإحتياط في غير موارد الطرق وهو نفس الأحكام ثم ذكر جملة من تلك الموارد.

منها : أنه إذا احتمل التكليف في مورد ولم يكن من موارد الطرق فبما أنه يكون حينئذٍ من أطراف العلم الإجمالي الكبير لا يجب فيه الإحتياط وليس من أطراف العلم الإجمالي بالطرق حتى يجب فيه الإحتياط بمقتضى العلم الإجمالي بنصب الطرق بل مقتضى القاعدة الرجوع إلى الأصل وان كان نافياً.

ومنها: ما لو نهض كل ما هو من أطراف العلم الإجمالي بالطرق على نفي التكليف. كما إذا دلّ جميع ما احتملت طريقيته على نفي التكليف في مورد كما إذا فرض قيام خبر الثقة والإجماع المنقول والشهرة وغيرها مما يحتمل كونه طريقاً على عدم حرمة شرب التتن مثلاً فإنه يرفع اليد عن الإحتياط هنا أيضاً من ناحية هذا العلم الإجمالي الصغير لكنه يجب بمقتضى العلم الإجمالي الكبير لكون الحكم مشكوكاً أو موهوماً. وكذا غيرها من الموارد التي ذكرها صاحب الكفاية ولا حاجة إلى نقلها.

والجواب الشافي: على الجواب الرابع للشيخ الأنصاري هو أن الإحتياط في الطرق مضافاً إلى أنه غير ممكن لمعارضة بعضها مع بعض وغير المعارض منها قليل لا يفي بالأحكام يرجع إلى الإحتياط في الأحكام فإن الإحتياط بالطريق انما يكون بإعتبار المؤدى والطرق انما تؤدى إلى الأحكام فالإحتياط فيها يلازم الإحتياط في الأحكام بل هو نفسه والمفروض عدم وجوبه أو عدم جوازه وهذا بخلاف الظن بطريقية الطريق فإنه لا يلازم الظن بالحكم حتى يتوهم ان اعتبار الظن بالطريق يرجع إلى اعتبار الظن بالحكم. والخلاصة أن هذه الأجوبة الأربعة لم يكتب لها التوفيق.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo