< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

37/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: هل الظن المطلق والخاص حجّة في المسائل الإعتقادية

 

وأمّا القسم الثاني: من الأمور الإعتقادية الذي لا يجب على المكلف تحصيل العلم واليقين به لا بحكم العقل ولا بحكم الشرع ولكن إذا حصل له العلم واليقين أحياناً يجب عليه حينئذٍ بحكم العقل والشرع الإعتقاد به فهو تفاصيل التوحيد وكيفية علمه تعالى وإرادته وتفاصيل الحشر وخصوصياته وان الميزان والصراط بأي كيفية ونحو ذلك، فهذه الأمور لا يجب تحصيل العلم ولا الإعتقاد بها بتلك الخصوصيات إلا إذا حصل العلم بها إتفاقاً من الخارج فيجب الإعتقاد بها.

والحاصل ان وجوب الإعتقاد بخصوصيات الأمور المزبورة إنما كان مشروطاً بحصول العلم بها من باب الإتفاق لا أن وجوبها مطلق حتى يجب تحصيل العلم بها من باب المقدمة. نعم الواجب على المكلف هو الإعتقاد الإجمالي بما هو الواقع ونفس الأمر فيعتقد وينقاد بتلك الأمور على ما هي عليها في الواقع ونفس الأمر.

(قوله ولا يجب عقلاً معرفة غير ما ذكر إلا ما وجب شرعاً معرفته كمعرفة الإمام عليه السلام على وجه آخر غير صحيح أو أمر آخر ممّا دلّ الشرع على وجوب معرفته)[1] .

قد عرفت أن القسم الثاني من الأمور الإعتقادية لا يجب على المكلف تحصيل المعرفة عقلاً ولا شرعاً، واستثنى من ذلك أمران. الأول: إذا لم تكن الإمامة من المناصب الإلهية كما يقول بذلك غير الإمامية فوجوب معرفة الإئمة حينئذٍ لا تكون عقلية لأنه على هذا القول ليست الإمامة من وسائط نعمه جلاّ وعلا.

نعم يجب ذلك شرعاً للروايات المستفيضة بل لعلها متواترة أنه من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. منها صحيحة الحارث بن المغيرة، قال:(قلت لإبي عبد الله (ع): قال رسول الله (ص) من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. قال (ع): نعم قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه. قال: جاهلية كفر ونفاق وضلال)[2] وكذا غيرها.

الأمر الثاني وهو المعاد الجسماني حيث ثبت من الخارج وجوب معرفته لكونه من ضروريات الدين الموجب انكاره للكفر، إذا عرفت ذلك. فنقول أمّا القسم الأوّل من العقائد فسيأتي الكلام فيه من حيث جواز العمل بالظن فيه وعدمه وأما القسم الثاني فهل يجوز العمل بالظن فيه سواء كان ظناً خاصاً أو مطلقاً بناءً على الإنسداد. حكي عن الشهيد الثاني في المقاصد العلّية أنه (ره) بعد أن ذكر عدم لزوم المعرفة بتفاصيل البرزخ والمعاد، قال: (وأما ما ورد عنه (ص) في ذلك من طرق الآحاد فلا يجب التصديق به مطلقاً وان كان طريقه صحيحاً لأن الخبر الواحد ظنّي وقد اختلف في جواز العمل به في الأحكام الشرعية الظنّية فكيف بالأحكام الإعتقادية العلمية...ألخ)[3] .

ويظهر من الشيخ الأنصاري جواز العمل بالظن الخاص فيه حيث قال: (بناء على أن هذا نوع عمل بالخبر فإن ما دلّ على وجوب تصديق العادل لا يأبى الشمول لمثل ذلك ثم قال ما حاصله أنه لو كان العمل بالخبر لا لإجل الدليل الخاص على وجوب العمل به بل من جهة الإنسداد فلا وجه للعمل به، إذ ليس في المقام تكليف مطلق بالإعتقاد وعقد القلب كي يدعي ان التكليف ثابت وباب العلم والعلمي بما يجب الإعتقاد به وعقد القلب عليه منسدّ. فيجب التنّزل إلى الظن في تعيين ما يعتقد به ويعقد القلب عليه بل الإعتقاد وعقد القلب واجب على تقدير حصول العلم بتلك التفاصيل.[4]

أقول أمّا الظن الخاص فلا مانع من العمل به كما ذكره الشيخ الإنصاري فإذا قام دليل ظني معتبر على ثبوت أمر من تفاصيل ما ذكر فيجب الإلتزام بمضمونه وعقد القلب عليه والإنقياد له. وبالجملة فيصح الإعتقاد وعلى طبق ما أدّاه الظن الخاص بمقتضى حجّيته واعتباره.

وأمّا الظن المطلق أي الإنسدادي فلا يجوز العمل به لما ذكره الشيخ الإنصاري من عدم وجود تكليف مطلق بوجوب الإعتقاد به وعقد القلب عليه كي يدعى ان التكليف فيه ثابت وباب العلم بما يجب الإعتقاد به منسدّ فتنزل منه من العلم إلى الظن إلى آخر ما ذكره، أو لما ذكره صاحب الكفاية من أنه إذا انسدّ باب العلم في هذا القسم يمكن العلم بمطابقة عمل الجوانح مع الواقع بالإعتقاد الإجمالي بما هو واقعها وعقد القلب عليها من دون عسر ولا إخلال بالنظام فإذا حصل الظن بتفصيل من تفاصيل البرزخ أو المعاد فيمكن ترك الإعتقاد به ويعتقد بما هو الواقع إجمالاً. وهذا وان كان احتياطاً ولكنه لا يستلزم العسر والحرج فضلاً عن إختلال النظام. وعليه فلا يجوز العمل بالظن الإنسدادي لإختلال إحدى مقدماته وهي إستلزام الإحتياط العسر والحرج.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo