< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الأصول

38/02/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإستدلال على الإحتياط بالآيات القرآنية

قوله: (واحتج للقول بوجوب الاحتياط فيما لم تقم فيه حجّة بالأدلّة الثلاثة...ألخ).

قد أشرنا سابقا أن الاخباريين ذهبوا إلى وجوب الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية، وأمّا الشبهات الحكمية الوجوبية فالمعروف بينهم عدم وجوب الاحتياط فيها إلاّ ما حكي عن محمد أمين الاستر آبادي ونفر يسير غيره من القول بوجوب الاحتياط فيها.

قال الشيخ الانصاري (ره): (والمعروف من الاخباريين هنا موافقة المجتهدين في العمل بأصالة البرائة وعدم وجوب الاحتياط. قال المحدّث الحر العاملي في باب القضاء من الوسائل انه لاخلاف في نفي الوجوب عند الشك في الوجوب إلا إذا علمنا اشتغال الذمة بعبادة متعينة وحصل الشك بين الفردين كالقصر والتمام والظهر والجمعة وجزاء واحد للصيد أو أثنين، ونحو ذلك فإنه يجب الجمع بين العبادتين لتحريم تركهما معا للنص وتحريم الجزم بوجوب احدهما لا بعينه عملا بأحاديث الاحتياط قال الشيخ انتهى موضع الحاجة).

ثم قال: (وممّن يظهر منه وجوب الاحتياط هنا المحدّث الاستر آبادي، حيث حكى عنه في الفوائد المدنية أنه قال: إن عادة العامّة والمتأخرين من الخاصة جرت بالتمسك بالبرائة الأصلية ولما أبطلنه جواز التمسك بها في المقامين لعلمنا بأن الله أكمل لنا ديننا، علمنا بأن كل واقعة يحتاج إليها ورد فيها خطاب قطعي من الله تعالى خال عن المعارض وبأن كل ما جاء به نبيّنا صلّى الله عليه وآله مخزون عند العترة الطاهرة عليهم السلام ولم يرخصوا لنا في التمسك بالبرائة الاصلية بل أوجبوا التوّقف في كل ما لم يعلم حكمه وأوجبوا الاحتياط في بعض صوره فعلينا ان نبين ما يجب أن يفعل في المقامين وسنحققه ان شاء الله تعالى).

قال الشيخ: (وذكر هناك ما حاصله وجوب الاحتياط عند تساوي احتمالي الامر الوارد بين الوجوب والاستحباب...ألخ) ثم قال الشيخ: (وكيف كان فيظهر من المعارج القول بالاحتياط في المقام عن جماعة حيث قال: العمل بالاحتياط غير لازم وصار آخرون إلى لزومه وفصّل آخرون...ألخ).

قوله: (أما الكتاب فبالآيات الناهية عن القول بغير العلم وعن الإلقاء في التهلكة والآخرة بالتقوى...ألخ).

من جملة الآيات الشريفة التي استدل بها للاحتياط الآيات الناهية عن القول بغير علم لكونه افتراء عليه سبحانه كقوله عزوجل: (لم تقولون على الله ما لا تعلمون)، وقوله سبحانه: (قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون). وجه الاستدلال ان الحكم بالترخيص في محتمل الحرمة قول بغير علم وافتراء عليه سبحانه وتعالى.

ومنها ما دلّ على لزوم الورع والاتقاء ولزوم المجاهدة في الله كقوله سبحانه: (واتقوا الله حق تقاته)، وقوله سبحانه: (وجاهدوا في الله حقّ جهاده)، وجه الاستدلال بهما هو لزوم الاتقاء عمّا يحتمل الحرمة والمجاهدة بعدم ارتكابه لكونه حق التقوى وحق الجهاد الذي أمر به في الآية الشريفة.

ومنها ما دلّ على حرمة إلقاء النفس في التهلكة كقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، وجه الاستدلال بها ان في ارتكاب المشتبه إلقاء للنفس في التهلكة فيجب التوقف والاحتياط.

ومنها ما دل على المنع عن متابعة ما لا يعلم والذي يظهر منه وجوب التوقف والاحتياط، كقوله سبحانه وتعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم)، والجواب: أما ما دل على النهي عن القول بغير علم، ففيه أن مقتضى الأدلة المتقدمة من حديث الرفع وغيره تمنع عن أن يكون الحكم بالترخيص الظاهري قولا بغير علم.

وبعبارة أخرى أنه لا اشكال بين الأعلام في حرمة القول بغير علم وأنه تشريع محرّم إلا أن الأصولي لمّا ذهب إلى القول بالترخيص الظاهري لم يذهب إليه بلا دليل حتى يكون تشريعا محرّما بل أقام الدليل على الترخيص الظاهري، وهو ما تقدم من الآيات والروايات وحكم العقل بقبح العقاب بلا بيان واصل إلى المكلف. نعم الحكم بالترخيص الواقعي وان كان قولا بغير علم إلا أن القائل بالبرائة لا يدعيه، وإنما يقول بالترخيص الظاهري مقابل الاخباري القائل بوجوب الاحتياط.

وأمّا الجواب عمّا دلّ على لزوم الورع والإتقاء ولزوم المجاهدة. ففيه ان ارتكاب الشبهة استنادا إلى ما يدل على الترخيص الظاهري لا يكون منافيا للتقوى والمجاهدة بل المنافي لها هو ترك الواجبات وفعل المحرمات، أضف إلى ذلك أن غاية ما تقتضيه هذه الآيات الشريفة هي الدلالة على رجحان هذه المرتبة من التقوى التي ينافيها ارتكاب الشبهة لأن حقّ التقوى لا يكون إلا بإتيان المندوبات وترك المكروهات والمشتبهات فتكون هذه المرتبة هي حقّ التقوى لا تكون فوقها مرتبة وهي راجحة عقلا وشرعا، كما يرشد لذلك قوله تعالى في آية أخرى:(إنّ اكرمكم عند الله أتقاكم)، فلا يستفاد منها الوجوب.

وأمّا ما دلّ على حرمة إلقاء النفس في التهلكة. ففيه ان كان المراد من التهلكة هي العقوبة الاخروية فهو مقطوع العدم بمقتضى أدلّة البرائة من النقل والعقل وان كان المراد منها التهلكة الدنيوية فلا اشكال انه ليس في ارتكاب الفعل مع الشك في الحرمة احتمال الهلكة فضلا عن القطع بها، وأما ما دلّ على المنع من متابعة ما لا يعلم مثل قوله تعالى:( ولا تقف ما ليس لك به علم).

ففيه ان الترخيص الظاهري استنادا إلى ما تقدم من الأدلّة لا يكون اتباعا ما ليس به علم كما لا يخفى. أضف إلى ذلك أنه يرد على جميع ما تقدم انها لو كانت مانعة

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo