< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

37/02/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أصحاب الإجماع

ثم أن جماعة من الأعلام قبلوا هذا الإجماع من الكشّي (ره) وتلقوه بالقبول منهم رشيد الدين محمد بن علي بن شهر آشوب (ره) من علماء القرن السادس المتوفى عام ٥٨٨ للهجرة، ومنهم العلامة الحلّي (ره) المتوفى عام ٧٢٦ للهجرة ومنهم ابن داود (ره) المولود عام ٦٤٨ للهجرة.

وقد يظهر ذلك أيضاً من الشهيد الأول (ره) في غاية المراد عند البحث عن بيع الثمرة بعد نقل حديث في سنده الحسن بن محبوب حيث قال : (وقد قال الكشّي أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن الحسن بن محبوب) وهكذا غيرهم من الأعلام ولا يهمّنا كثيراً تعداد أسماء من قَبِل هذا الإجماع. ثم أنه يظهر من بعض الأعلام أنه نقل الإجماع عن الكشّي (ره)، ويظهر من البعض الآخر أنه إدعى الإجماع كدعوى الكشي (ره)، والذي يهمنا في البحث هو الأمر الثاني وهو ماذا يستفاد من العبارة، فنقول هناك عدة إحتمالات :

الأول، ما ذكره جماعة من الأعلام من أن معقد الإجماع يدل على تصحيح روايات هؤلاء الأشخاص عنهم وعمّن بعدهم أي من رووا عنه كائناً من كان بمعنى، أنه إذا صحت الرواية عنهم ووصلت إلينا بطريق صحيح فهي حجّة من دون حاجة إلى ملاحظة حال من بعدهم بل ينبغي ملاحظة حال من كان في السند قبلهم أي الوسائط بيننا وبينهم.

قال المحقق الكاشاني (ره) في أوائل كتابه الوافي في المقدمة الثانية (وقد فهم جماعة من المتأخرين من قوله أجمعت العصابة أو الأصحاب على تصحيح ما يصح عن هؤلاء، الحكم بصحة الحديث المنقول عنهم ونسبته إلى أهل البيت(ع)بمجرّد صحته عنهم من دون إعتبار العدالة في من يروون عنه حتى لو رووا عن معروف بالفسق أو بالوضع فضلاً عمّا لو أرسلوا الحديث كان ما نقلوه صحيحاً محكوماً على نسبته إلى أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم. وأنت خبير بأن هذه العبارة ليست صريحة في ذلك ولا ظاهرة فيه فإن ما يصحّ عنهم انما هو الرواية لا المروي بل كما يحتمل ذلك يحتمل كونها كناية عن الإجماع على عدالتهم وصدقهم بخلاف غيرهم ممّن لم ينقل الإجماع على عدالته. انتهى

الثاني، ما ذهب إليه صاحب الوافي الكاشاني (ره) والسيد أبو القاسم الخوئي (ره) وبعض الأعلام المتأخرين هو أن معقد الإجماع يدل على وثاقة هؤلاء وجلالتهم في أنفسهم فقط ولا دلالة فيه على تصحيح رواياتهم ولا وثاقة من بعدهم أي من رووا عنه.

الثالث، ما ذهب إليه جماعة من الأعلام منهم العلّامة الحلي والشهيد والشيخ البهائي والعلّامة المجلسي والسيد بحر العلوم وغيرهم، وهو أن معقد الإجماع يدل على وثاقة هؤلاء الأشخاص ووثاقة من بعدهم بمعنى أن كل من روى عنه هؤلاء فهو ثقة، وان كان بعضهم مجهول الحال أو مهملاً عندنا.

الرابع، ما ذهب إليه صاحب الفصول ونسب إلى صاحب الرياض وغيره، وهو أن معقد الإجماع يدل على توثيق هؤلاء وصحّة رواياتهم ولا دلالة فيه على توثيق من بعدهم.

الخامس، أن معقد الإجماع يدل على بيان منزلة هؤلاء من حيث العلم والفقاهة ولا ربط له بالرواية. وهو المناسب لذكر الإجماع تحت عنوان الفقهاء من أصحاب الإئمة (ع). إذا عرفت ذلك فنقول ما هو الصحيح من هذه الإحتمالات الخمس، ولنبدأ من الإحتمال الأخير، فنقول إن هذا المعنى ربّما كان ظاهراً من العبارة الأولى للكشي(ره) ، حيث ورد فيها ..وانقادوا لهم بالفقه فقالوا أفقه الأولين ستة ...ألخ

وهذا يدل على بيان فقاهتهم وانهم الأكابر في الفقه، ويؤيد هذا الإحتمال ما ذكره ابن شهر آشوب في مناقب الباقرين، حيث قال في مناقب الباقر(ع) واجتمعت العصابة أن أفقه الأولين ستة وأهم أصحاب أبي جعفر(ع) وأبي عبد الله (ع) وهم زرارة بن أعين ...ألخ، فإنه اقتصر على ذكر الفقاهة والفقهاء من أصحابهم ولم يشر إلى الروايات وصحتها. وفيه أولاً ان قول الكشي(ره) في عبارته الأولى ..وانقادوا لهم بالفقه...وان كان يدل على بيان منزلة هؤلاء من حيث الفقاهة إلاّ ان هذه العبارة جاءت بعد عبارته. أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين...ألخ.

وهذه العبارة لا بدّ من حملها على أحد معاني الأربعة المتقدمة، ويكون قوله وانقادوا لهم بالفقه توصيفاً آخر إهتماماً بحسن حالهم. وإذا تأملت عبارته الثانية والثالثة تحت تسمية الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (ع) وتسمية الفقهاء من أصحاب أبي أبراهيم وأبي الحسن الرضا، تجد صحّة ما قلناه وأن الإقرار لهم بالفقه يكون توصيفاً آخر لبيان جلالتهم في الطائفة.

والخلاصة ان الإحتمال الأخير بعيد، وأمّا الإحتمال الأوّل وهو الحكم بصحة روايات هؤلاء بالمعنى المعروف عند القدماء، وهو الإطمئنان بصدق رواياتهم من دون توثيق لمشايخهم فيحكم بصحّة الرواية، وان كان السند مرسلاً أو مشتملاً على مجهول أو ضعيف، وبعبارة أخرى يكون المراد تصحيح متون رواياتهم لا توثيق من يقع في اسنادها، ومن المعلوم ان هذا يبتني على ان الصحّة عند المتقدمين تختلف عنها عند المتأخرين، فإن الصحّة عند المتقدمين تعني صحّة المتن لا صحّة السند أي ان المروي صحيح ومطابق للواقع ولا دلالة فيه على وثاقة الرواة.

وتوضيحه، أن الصحيح عند المتأخرين من عصر العلامة أو عصر شيخه أحمد بن طاووس هو ما كان سنده متصلاً إلى المعصوم بنقل الإمامي العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات، كما أنه ينقسم بإصطلاح المتأخرين إلى أربعة أقسام الصحيح والموثق والحسن والضعيف، وأمّا مصطلح القدماء فهو عبارة عمّا احتفت به القرائن الداخلية أو الخارجية أو كل منهما الدالة على صدقه وان اشتمل سنده على ضعف. ومن القرائن الداخلية الدالة على صدق الخبر هو كون رواته ثقاتاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo