< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

37/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مراسيل صفوان وابن ابي عمير والبزنطي

الأمر الثاني: من الأمور الأربعة التي ذكرها السيد أبو القاسم الخوئي: قال: (فرضنا أن التسوية ثابتة وأن الأصحاب عملوا بمراسيل ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي وأضرابهم ولكنها لا تكشف عن أن منشأها هو أن هؤلاء لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة بل من المظنون قوياً أن منشأ ذلك هو بناء العامل على حجّية خبر كل إمامي لم يظهر منه فسق وعدم إعتبار الوثاقة فيه كما نسب هذا إلى القدماء وأختاره جمع من المتأخرين منهم العلامة قدس سره على ما سيجيء في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن عبد الله وعليه فلا أثر لهذه التسوية بالنسبة إلى من يعتبر وثاقة الراوي في حجّية خبره). انتهى

وقد أشكل عليه جماعة من الأعلام بأن القدماء ومنهم الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وغيرهما يعتبرون الوثاقة في الراوي وأنها من شرائط العمل بالرواية بل إدعى أن هذا هو سيرة الأصحاب حيث قال في العدّة: (ان واحداً منهم- أي الأصحاب- إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله وهذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي(ص) ومن بعده من الإئمة (ع).

أقول المعروف عند الأعلام المتقدمين ان عملهم بالرواية إنما هو للوثوق بصدورها وان كان راويها مجهول الحال أو معروفاً بالفسق والكذب إذ كانوا يعتمدون على قرائن في الرواية داخلية وخارجية تجعلهم يطمئنون بصدورها ومن جملة القرائن الداخلية هي وثاقة الراوي وليس إعتمادهم فقط على وثاقة الراوي ومن هنا تراهم يعملون في كثير من الروايات مع أنها بإصطلاح المتأخرين تعدّ من الضعّاف. والذي يؤكد ما قلناه إن تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف ومرسل ومقطوع ومرفوع ونحو ذلك إنما نشأ من المتأخرين أي من زمن عصر العلامة.

والأنصاف أن عمل المتقدمين برواية لا يكشف عن كون عملهم لأجل وثاقة الراوي نعم ما ذكره السيد أبو القاسم الخوئي بأنه المظنون قوياً أن منشأ ذلك هو بناء العامل على حجّية خبر كل إمامي لم يظهر منه فسق ...في غير محله، إذ لا يوجد ما يشير إلى ذلك فضلاً عما هو ظاهر فيه أمّا بالنسبة إلى القدماء فقد عرفت أن عملهم إنما هو على القرائن الداخلية والخارجية. وأما بالنسبة للمتأخرين فجماعة كثيرة منهم يأخذون بالرواية التي عمل بها الأصحاب وإن كانت ضعيفة بحسب الإصطلاح كما أنهم لا يعملون بالرواية التي أعرض عنها الأصحاب وإن كانت صحيحة بحسب الإصطلاح، وقسم منهم يعمل بالإصطلاح المعروف في تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف وموثق ...

وأمّا ما نسبه السيد أبو القاسم الخوئي إلى العلامة في حق أحمد بن إسماعيل ففي غير محله أيضاً إذ لم يعلم أن قبول العلامة لرواية أحمد بن إسماعيل لإجل كونه إمامياً لم يظهر منه فسق بل يمكن أن يكون ذلك لكونه مشهوراً بين الأعلام كثير الحديث فهذا يكشف عن حسنه ووثاقته. وتوضيحه أن العلامة (ره) قال في حق أحمد بن إسماعيل:(لم ينص علماءنا عليه بتعديل ولم يروِ فيه جرح فالأقوى قبول روايته مع سلامتها من المعارض). انتهى

ولا يخفى أنه لا يظهر من هذه العبارة أن العلامة يعمل بخبر كل إمامي لم يظهر منه فسق بل لعل العمل بروايته بل هو الظاهر لإجل كونه معروفاً ومشهوراً بين الأصحاب الكاشف ذلك عن وثاقته. قال الشيخ في الفهرست في ترجمة أحمد بن إسماعيل: كان من أهل الفضل والأدب والعلم وله كتب عدّة لم يصنف مثلها فمن كتبه كتاب العبّاسي وهو كتاب عظيم نحو عشرة الآف ورقة في أخبار الخلفاء والدولة العباسية مستوفي لم يصنّف مثله. وقال عنه في رجاله أديب أستاذ ابن العميد.

الأمر الثالث: قال السيد أبو القاسم الخوئي (ره): )ان هذه الدعوى وان هؤلاء الثلاثة وأضرابهم من الثقات لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة. دعوى دون إثباتها خرط القتاد فإن معرفة ذلك في غير ما إذا صرّح بنفسه أنه لا يروي ولا يرسل إلاّ عن ثقة أمر غير ميسور ومن الظاهر أنه لم ينسب إلى أحد هؤلاء إخباره وتصريحه بذلك وليس لنا طريق آخر لكشفه. غاية الأمر عدم العثور برواية هؤلاء عن ضعيف لكنه لا يكشف عن عدم الوجود على أنه لو تمّت هذه الدعوى فإنما تتّم في المسانيد دون المراسيل...ألخ

حاصله ان معرفة ان هؤلاء لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة انما تكون بأحد أمرين الأول: تصريح نفس الراوي بأنه لا يروي ولا يرسل إلاّ عن ثقة. الثاني: التتبع في مسانيدهم ومشايخهم وعدم العثور على رواية هؤلاء عن ضعيف وذكر بعضهم أننا نختار الأمر الأول، وهو أنهم صرّحوا بذلك ووقف عليه تلاميذهم والرواة عنهم ووقف الشيخ والنجاشي عن طريقهم عليه...ألخ

أقول هذا الكلام يحتاج إلى دعوى علم الغيب فمن أين علمتم أنهم صرّحوا بذلك، ولم يذكر الشيخ ولا أحد من الأعلام أنهم صرّحوا بذلك فكيف يصح أن ننسب أنهم صرّحوا بذلك إلى تلاميذهم وأن الشيخ وقف على الطريق إليهم مع أنه لا توجد إشارة من الشيخ إلى هذا المطلب ومجرد قول الشيخ أن هؤلاء الثلاثة لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة لا يلازم أنه وصل إليه من تلاميذهم أنهم صرّحوا بذلك بل هذا إجتهاد من الشيخ.

ثم ذكر هذا البعض من الأعلام أننا نختار الأمر الثاني: وهو التتبع في المسانيد وما ذكره من أن غايته عدم الوجدان وهو لا يدل على عدم الوجود غير تام لأنه لو تتبعنا مسانيد هؤلاء ولم نجد لهم شيخاً ضعيفاً في الحديث نطمئن بأن ذلك ليس إلاّ من جهة إلتزامهم بعدم الرواية إلاّ عن ثقة ولم يكن ذلك من باب الصدفة...ألخ

أقول هذا الكلام غريب إذ كل من تتبع رواية هؤلاء الثلاثة يجد أنهم قد رووا عن الضعاف كما سيأتي في الأمر الرابع. وهذا ابن أبي عمير قد روى عن ثلاثة عشر شيخاً ضعيفاً ستة منهم حصل الإتفاق بين الأعلام على ضعفهم وسبعة منهم إختلف الأعلام في ضعفهم وإن كان الإنصاف أنهم ضعاف أيضاً إلا المفضل بن عمر وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر اساميهم.

وأمّا صفوان فقد روى عن سبعة أشخاص اتفق على تضعيف إثنين منهم واختلف في الخمسة الباقين وإن كان الصحيح عندنا أنهم ضعاف أيضاً. وأمّا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فقد روى عن خمسة أشخاص ضعاف ولكن لم يحصل إتفاق على ضعفهم وإن كانوا ضعاف عندنا وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله. والغرض من هذا الكلام أنه كيف يصح القول أننا تتبعنا فوجدنا هؤلاء الثلاثة لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن الثقات

لاسيّما أن ابن أبي عمير نسي الوسائط بينه وبين المعصوم (ع) وأمّا ما ذكره بعضهم من أن رواياته قبل ضياع كتبه ونسيان الوسائط لم تكن إلاّ عن الثقات فنسيان الأسماء لا يضر بحجّية الروايات. ففيه أن هذا الكلام إنما يصح لو ثبت أنه لم يكن يروي إلاّ عن الثقات وهو أول الكلام بل عرفت أنه روى عن الضعاف.

الأمر الرابع: قال السيد أبو القاسم الخوئي قد ثبت رواية هؤلاء عن الضعفاء في موارد ذكر جملة منها الشيخ بنفسه ولا أدري أنه مع ذلك كيف يدعي أن هؤلاء لا يروون عن الضعفاء فهذا صفوان روى عن علي بن أبي حمزة البطائني كتابه ذكره الشيخ وهو الذي قال فيه: علي بن الحسن بن فضّال كذّاب ملعون وروى محمد بن يعقوب بسند صحيح عن صفوان بن يحيى عن علي بن أبي حمزة وروى الشيخ بسند صحيح عن صفوان وابن أبي عمير عن يونس بن ظبيان، ويونس بن ظبيان ضعّفه النجاشي والشيخ ...ألخ

أقول روى ابن أبي عمير عن ثلاثة شخصاً من الضعاف:

١- يونس بن ظبيان

٢- علي بن أبي حمزة البطائني

٣- الحسين بن أحمد المنقري

٤- عبد الله بن االقاسم

٥- علي بن حديد

٦- عمرو بن جميع

٧- أبو البختري وهب بن وهب

٨- داود الرقي

٩- عبد الرحمان بن سالم

١٠- محمد بن سنان

١١- المعلّى بن خنيس

١٢- المفضل بن عمر

١٣- المفضل بن صالح (أبو جميلة)

وأمّا صفوان بن يحيى فقد روى عن سبعة أشخاص من الضعفاء:

١- يونس بن ظبيان

٢- صالح النيلي

٣- علي بن أبي حمزة

٤- عبد الله بن خداش

٥- محمد بن سنان

٦- المعلّى بن خنيس

٧- المفضل بن صالح أبو جميلة

وأمّا أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي فقد روى عن خمسة أشخاص ضعاف:

١- الحسن بن علي بن أبي حمزة

٢- علي بن ابي حمزة

٣ - عبد الرحمان بن سلم

٤- عبد الله بن محمد الشامي

٥- المفضل بن صالح

ولا بدّ من التكلم عن أحوال هؤلاء الأشخاص ليتضح أنهم ضعاف أم لا. ولنبتدأ بهم على حسب الترتيب الذي ذكرناه. الأول يونس بن ظبيان، وقد ضعّفه النجاشي وقال عنه مولى ضعيف جداً لا يلتفت إلى ما رواه كل كتبه تخليط. وقال الكاظمي في التكملة: علماء الرجال بالغوا في ذمّه ونسبوه إلى الكذب والضعف والتهمة والغلّو ووضع الحديث ونقلوا عن الرضا(ع) لعنه انتهى.

أقول روى الكشي محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي في معرفة الرجال قال حدثني محمد بن قولويه القمي قال حدثني سعد بن عبد الله قال حدثني محمد بن عيسى عن يونس قال سمعت رجلاً من الطيّارة يحدث أبا الحسن الرضا(ع) عن يونس بن ظبيان أنه قال: (كنت في بعض الليالي وأنا في الطواف فإذا نداء من فوق رأسي يا يونس أني أنا الله لا اله إلا أنا فأعبدني وأقم الصلاة لذكري فرفعت رأسي فإذا ج[1] فغضب أبو الحسن (ع) غضباً لم يملك نفسه ثم قال للرجل أخرج عني لعنك الله ولعن من حدّثك ولعن يونس بن ظبيان ألف لعنة تتبعها ألف لعنة كل لعنة منها تبلغك قعر جهنم أشهد ما ناداه إلا شيطان أمّا أن يونس مع أبي الخطاب في أشد العذاب مقرونان وأصحابهما إلى ذلك الشيطان مع فرعون وآل فرعون في أشد العذاب سمعت ذلك من أبي (ع) قال يونس فقام الرجل من عنده فما بلغ الباب إلاّ عشر خطاً حتى صرع مغشياً عليه وقد قاء رجيعه وحمل ميتاً فقال أبو الحسن (ع): أتاه ملك بيده عمود فضرب على هامته ضربة قلب فيها مثانته حتى قاء رجيعه وعجّل الله بروحه إلى الهاوية والحقه بصاحبه الذي حدثه بيونس بن ظبيان ورأى الشيطان الذي كان يترائى له)[2]

والرواية صحيحة، نعم هناك رواية رواها الكشي أيضاً واردة في مدحه ولكنها ضعيفة قال هشام بن سالم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن يونس بن ظبيان فقال: (رحمه الله وبنى له بيتاً في الجنة كان والله مأموناً على الحديث)[3] وفي السند أبو محمد القاسم بن الهروي قال أبو عمرو الكشي : ابن الهروي مجهول وهذا حديث غير صحيح هذا وقد رواها ابن إدريس في آخر السرائر عن جامع البزنطي، وقيل أنها صحيحة لإن ابن إدريس وان لم يذكر طريقه إلى جامع البزنطي إلا أنه لا يعمل بخبر الواحد بل يعمل بالقطعيات فيكون الرواية ثابتة عنده. ولكنك عرفت في أكثر من مناسبة ان هذا الكلام في غير محله لإنه لم يذكر لنا القرائن التي جعلته يقطع من خلالها ولو وصلت إلينا فلعله لا يحصل لنا ظن منها فضلاً عن القطع وعليه فالرواية ضعيفة.

وأمّا علي بن أبي حمزة البطائني


[1] ج يعني جبرائيل (ع) وإذا هنا للفجائية أي تفاجئت بجبرائيل(ع).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo