< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

37/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: من روى عنه من الضعفاء ابن أبي عمير

وأمّا عبد الرحمان بن سالم فقد عرّفه النجاشي بقوله:(عبد الرحمان بن سالم بن عبد الرحمان الكوفي العطّار _ وكان سالم بيّاع المصاحف_ وعبد الرحمان أخو عبد الحميد بن سالم له كتاب، ثم ذكر سنده إليه...ألخ). وعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (ع) كما عدّه البرقي من أصحابه. ويظهر من النجاشي والشيخ عدم التعرّض له من حيث الوثاقة وعدمها نعم ضعّفه ابن الغضائري وقال: (روى عن أبي بصير ضعيف...ألخ) وبالجملة فلو لم نحكم بضعفه فلا أقل أنه مجهول الحال.

وأمّا محمد بن سنان فقد اختلف الأعلام فيه والمشهور بينهم أنه ضعيف. ولكي يتضح الحال لا بدّ من التعرض لأقوال الأعلام حتى نرى ما هو الأنصاف في المسألة. وقد استدل على ضعفه بعدّة أمور: الأول ما ذكره النجاشي في ترجمته قال: محمد بن سنان أبو جعفر الزاهري من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعي، كان أبو عبد الله بن عيّاش يقول: حدّثنا أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان قال: هو محمد بن الحسن بن سنان مولى زاهر توفي أبوه الحسن وهو طفل وكفله جدّه سنان فنسب إليه. وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد:(أنه روى عن الرضا (ع) قال: وله مسائل عنه معروفة، وهو رجل ضعيف جداً لا يعوّل عليه ولا يلتفت إلى ما تفرّد به).

وقد ذكر أبو عمرو في رجاله قال:(أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، قال: قال: أبو محمد الفضل بن شاذان لا أحل لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان. وذكر أيضاً أنه وجد بخط أبي عبد الله الشاذاني أني سمعت العاصمي يقول: إن عبد الله بن محمد بن عيسى الملقب ببنان قال: كنت مع صفوان بن يحيى بالكوفة في منزل إذ دخل علينا محمد بن سنان فقال صفوان: إن هذا ابن سنان لقدّ همّ ان يطير غير مرّة فقصصناه حتى ثبت معنا وهذا يدل على اضطراب كان وزال وقد صنّف كتباً إلى أن قال: ومات محمد بن سنان سنة عشرين ومائتين).انتهى

ثم ان التضعيف (وهو ضعيف جداً ) هل هو من قول النجاشي أو من قول أبي العباس ابن عقدة وهو محتمل من كل منهما. نعم قال النجاشي:(في ترجمة مياح المدائني ضعيف جدّاً له كتاب يعرف برسالة مياح وطريقها أضعف منها وهو محمد بن سنان ...ألخ)، وهذا نص في تضعيف من النجاشي.

الثاني: ما ذكره الشيخ المفيد في رسالته العددّية قال: بعد أن أورد رواية فيها محمد بن سنان. (وفي هذه الرواية محمد بن سنان وهو مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه...ألخ).

الثالث: ما ذكره الشيخ في أكثر من موضع، فقد ذكره في الفهرست وقال:(محمد بن سنان له كتب وقد طعن عليه وضعّف وكتبه مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها ...ألخ)، وذكره أيضاً في رجاله في أصحاب الرضا(ع) وضعّفه. قال:(محمد بن سنان ضعيف). وذكره أيضاً في التهذيب والإستبصار في مسألة المهر من باب النكاح. قال: (في طريق هذه الرواية _ التي رواها_ محمد بن سنان ...إلى أن قال : ومحمد بن سنان مطعون عليه ضعيف جدّاً وما يستبّد بروايته ولا يشاركه فيه غيره لا يعمل عليه ...ألخ).

الرابع: ما ذكره الكشي في عدة مواضع، منها قال حمدويه:(كتبت أحاديث محمد بن سنان عن أيوب بن نوح وقال: لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان). ومنها ما ذكره عن محمد بن مسعود قال عبد الله بن حمدويه: سمعت الفضل بن شاذان يقول: (لا أستحل أن أروي أحاديث محمد بن سنان). وذكر الفضل في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين ابن سنان وليس بعبد الله.

وفيه أن عبد الله بن حمدويه لم يوثق فتكون الرواية ضعيفة، نعم قوله:(وذكر الفضل في بعض كتبه...ألخ) هو من كلام الكشي. ومنها ما ذكره في ترجمة أبي سمينة محمد بن علي الصيرفي قال:(وذكر الفضل في بعض كتبه من الكذابين المشهورين أبو الخطاب ويونس بن ظبيان ويزيد الصائغ ومحمد بن سنان وأبو سمينة أشهرهم.

الخامس: ما ذكره ابن الغضائري قال:(ضعيف غال يضع لا يلتفت إليه...ألخ) وبالجملة فلا إشكال في دلالة تلك الأمور على ضعف الرجل. وأمّا ما استدل به على وثاقته فعدّة أمور أيضاً. الأول: أن الشيخ المفيد عدّه في الإرشاد ممّن نص على أبي الحسن الرضا (ع) من أبيه وأنه من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته...ألخ).

ولا يخفى أن كلامه هذا يتنافى مع ما ذكره في الرسالة العددّية. الثاني: وقوعه في تفسير علي بن إبراهيم (رض). وفيه ما ذكرناه من أنه إذا لم يكن من مشايخه المباشرين فلا يفيد.

الثالث: عدّه الشيخ في كتاب الغيبة من الوكلاء الممدوحين. وفيه ما ذكرناه من أن الوكالة لا تفيد الوثاقة. مع أن كلامه هنا يتنافى مع ما ذكره في الفهرست والرجال والتهذيب. الرابع: رواية الإجلاء عنه مثل أيوب بن نوح والفضل بن شاذان ومحمد بن عيسى بن عبيد ويونس بن عبد الرحمان وغيرهم. وفيه أن رواية الإجلاء عنه أعمّ من الدلالة على التوثيق.

الخامس: هناك عدّة روايات عن أهل البيت (ع) دالة على مدحه ووثاقته. منها ما رواه الكشي عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمّي قال: دخلت على أبي جعفر الثاني (ع) في آخر عمره فسمعته يقول: (جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وزكريا بن آدم عنّي خيراً فقد وفوا لي) ، ولم يذكر سعد بن سعد قال:(فخرجت فلقيت موثقاً فقلت له إن مولاي ذكر صفوان ومحمد بن سنان وزكريا بن آدم وجزاهم خيراً ولم يذكر سعد بن سعد قال: فعدت إليه فقال: جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان وزكريا بن آدم وسعد بن سعد فقد وفوا لي) وهي صحيحة وهي دالة على مدحه.

ومنها ما ذكره الكشي أيضاً بسنده عن محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن عيسى عن رجلٍ عن علي بن الحسين بن داود القمّي قال: سمعت أبا جعفر الثاني (ع) يذكر صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان بخير وقال: رضي الله عنهما برضاتي عنهما فما خالفاني قط. هذا بعد ما جاء عنه فهما ما قد سمعته من أصحابنا)، وهي وإن أفادت المدح ولكنها ضعيفة بالإرسال أو بالقطع وبجهالة علي بن الحسين بن داود القمي.

ومنها ما رواه الكشي أيضاً بسنده عن حمدويه قال: حدثني أبو سعيد الآدمي عن محمد بن مرزبان عن محمد بن سنان قال: شكوت إلى الرضا (ع) وجع العين فأخذ قرطاساً فكتب إلي أبي جعفر(ع) وهو أقل من يدي أوّل شيء فدفع الكتاب إلى الخادم وأمرني أن أذهب معه وقال: أكتم فأتيناه وخادم قد حمله قال: ففتح الخادم الكتاب بين يدي أبي جعفر(ع) فجعل أبو جعفر (ع) ينظر في الكتاب ويرفع رأسه إلى السماء يقول: مناج ففعل ذلك مراراً فذهب كل وجع في عيني وأبصرت بصراً لا يبصره أحد...ألخ).

وهي أيضاً تفيد المدح الشديد إلاّ أنها ضعيفة بأبي سعيد الآدمي _ سهل بن زياد_ وبمحمد بن مرزبان فإنه مجهول مضافاً إلى أنه نفسه راويها وهذا قدح آخر في الرواية. السادس ما ذكره العلامة في المختلف في مسألة الرضع فبعد أن نقل رواية فيها محمد بن سنان قال: لا يقال ان في طريقها محمد بن سنان وفيه قول لأنّا رجحّنا العمل بروايته...ألخ).

وفيه ما ذكرناه في أكثر من مناسبة من أن توثيقات المتأخرين لا تفيد. والإنصاف أن الرجل ضعيف للوجوه المتقدمة، وأما أدلة التوثيق والمدح فهي لا تنهض في مقابل تلك الوجوه القوية. وأمّا القول بأن نسبة التضعيف إلى محمد بن سنان نشأت من جهة رميه بالغلو لا الضعف المطلق ففي غير محله بل هو خلاف الظاهر جدّاً ثم أنه لو سلمنا أن الأمور التي استدل بها على توثيقه تامّة فالجرح حينئذٍ مقدّم على التوثيق لما تقدم في أكثر من مناسبة. وعلى القول بعدم التقديم فيقع التعارض بين الأدلة وبعد تساقطها فيصبح الرجل مجهول الحال فلا يعمل برواياته، والله العالم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo