< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الرميتي

بحث الرجال

38/02/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب دعائم الإسلام

ومنها كتاب دعائم الإسلام للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي. ولد في المغرب من أسرة تنتسب إلى قبيلة بني تميم، ولم يذكر التاريخ يوم ولادته ولكنه توفي في القاهرة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة للهجرة.

والمعروف عنه أنه أشهر فقيه نشأ في الطائفة الإسماعيلية وأكثرهم انتاجا للكتب الفقهية وللبحوث الشرعية، وقد ولي القضاء في عهد عبيد الله المهدي الخليفة الفاطمي الأول، وظل حتى انتقال الخليفة المعز لدين الله إلى مصر، وعندئذ أصبح قاضي قضاة، وعلى العموم فإن أسرة النعمان ظلّت وفيّة للفاطميين حتى آخر العهد الفاطمي.

والمعروف بين الاعلام انه اسماعيلي وبقي على ذلك إلى وفاته. قال عنه صاحب معالم العلماء: (ليس بإمامي وكتبه حسان)[1] ، ولكن ذكر بعض العلماء انه انتقل إلى مذهب الامامية. قال صاحب المقابيس عنه: (هذا الرجل كما يلوح من كتابه من أفاضل الشيعة بل الامامية)[2] .

وقال العلامة بحر العلوم في رجاله: (وقد كان في بدء أمره مالكيا ثم انتقل إلى مذهب الامامية)، ولا يخفى ما في هذا الكلام بل من الواضح جدا انه كان اسماعيليا، وكان كتابه دعائم الإسلام مشهورا في مصر بل كان هو القانون الرسمي لدولة الفاطميين.

ونقل المحدّث النوري عن كشف الظنون، أن الدعاة الفاطميين جعلوا لمن يحفظ دعائم الإسلام مالا. ثم أن المحدّث النوري أقام عدّة قرائن على أنه كان اثني عشريا ولم يكن اسماعيليا، وأهم تلك القرائن ما ذكره في التعقيبات بذكر الائمة (ع).

قال في المجلد الأول: (وروينا عن الائمة صلوات الله عليهم أنهم أمروا بالتقرب بعد كل صلاة فريضة إذا سلّم المصلي بسط يديه ورفع باطنهما ثم قال: اللهم أني أتقرب إليك بمحمد رسولك ونبيّك وبوصيّه علي وليّك وبالائمة من ولده الطاهرين الحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد ويسمى الائمة إماما إماما إلى أن ينتهي إلى إمام عصره. ثم يقول: اللهم أني أتقرب إليك بهم وأتولاهم وأبرأ إليك من إعدائهم...الخ)[3] .

ولكن الانصاف ان هذا الكلام لا يدل على انتقاله إلى مذهب الامامية لانه لم يسمّ الامام بعد الامام الصادق (ع) وقد يكون مراده من الامام بعد الامام أي أئمة الإسماعيلية إلى إمام عصر المكلف، وبالجملة فلا يوجد ما يدل على صيرورته اماميا.

فالإنصاف بقائه على مذهب الإسماعيلية. نعم هو من العلماء المعروفين في ذاك الوقت ولم يرد فيه قدح بل هو ممدوح واما بالنسبة إلى كتابه دعائم الإسلام فقد عدّه المحدّث النوري من الكتب المعتبرة ولكنه لم يذكر طريقه إليه.

وبالجملة فإن جماعة من العلماء قالوا باعتبار رواياته وذلك لشهادة المؤلف في مقدمة الكتاب حيث قال: (الحمد لله استفتاحا بحمده وصلّى الله على محمد رسوله وعبده وعلى الإئمة الطاهرين من أهل بيته أجمعين أما بعد فإنه لما كثرت الدعاوى والآراء واختلفت المذاهب والأهواء واخترعت الأقاويل إختراعا وصارت الأمّة فرقا واشياعا ودثر أكثر السنن فانقطع، ونجم حادث البدع وارتفع، واتخذت كل فرقة من فرق الضلال رئيسا لها من الجهال فاستحلت بقوله الحرام وحرّمت به الحلال تقليدا له وإتباعا لأمره بغير برهان من كتاب ولا سنة ولا بإجماع جاء عن الإئمة والأمّة، تذكرنا عند ذلك قول رسول الله (ص) : (لتسلكن سبل الأمم ممّن كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه)[4] إلى أن قال: (فقد رأينا وبالله التوفيق عند ظهور ما ذكرناه أن نبسط كتابا جامعا مختصرا يسهل حفظه ويقرب مأخذه ويغني ما فيه من جمل الأقاويل عن الإسهاب والتطويل نقتصر فيه على الثابت الصحيح ممّا رويناه عن الأئمة من أهل بيت رسول الله (ص) من جملة ما اختلفت فيه الرواة عنهم في دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والاحكام فقد روينا عن أبي جعفر محمد بن علي أنه قال بني الإسلام على سبع دعائم الولاية وهي أفضلها وبها وبالولي يوصل إلى معرفتها والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد. فهذه دعائم الإسلام نذكرها ان شاء الله بعد ذكر الإيمان الذي لا يقبل الله تعالى عملا إلاّ به ولا يزكو عنده إلاّ من كان من أهله ...الخ)[5] .

فقد استفادوا من قوله: (نقتصر فيه على الثابت الصحيح) صحّة الروايات الموجودة فيه. حيث ان هذا شهادة منه باعتبار رواياته. والانصاف أوّلا انه لا يوجد طريق صحيح إلى نفس الكتاب وكونه معروفا ومشهورا في ذاك الوقت لا يفيدنا شيئا لانه لما زالت الدولة الفاطمية وجاء الأيوبيون وعاثوا في الأرض فسادا فقتلوا الناس وهدموا البيوت وأزالوا من مصر كل ما خلّفه الفاطميون من تراث واندثرت الكتب التي يعتبرونها ضلالا ومنها كتاب دعائم الإسلام.

حيث لم يوجد له أثر ومن وجد عنده نسخة منه كان يعاقب أشد العقاب، وبالجملة فهذا الكتاب الموجود اليوم لم يحرز بتمامه أنه ذك الكتاب في ذلك الوقت. أضف إلى ذلك ان الروايات الموجودة فيه كلها مرسلة حيث لم يذكر صاحب الكتاب طريقه إلى الامام (ع). والخلاصة ان روايات دعائم الإسلام ليست حجّة. نعم هي تصلح للتأييد، والله العالم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo