< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/04/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : اواني الكفر
كان الكلام في اواني الكفار وذكرنا ان الاواني التي تؤخذ من يد الكافر محكوم بالطهارة الا اذا علم كونها نجسة بقاعدة الطهارة واستصحابها ان كانت معلومة سابقا بالطهارة وشك في نجاستها فاستصحاب الطهارة محكم وقاعدة الطهارة ايضا محكمة فيما اذا عرضت حالتان متضادتان على اناء الكافر لكن شك في التقدم والتأخر فالمرجع قاعدة الطهارة وذكرنا ما يتعلق بذلك ايضا
ثم قال رحمه الله : أن لا تكون من الجلود، وإلا فمحكومة بالنجاسة إلا إذا علم تذكية حيوانها، أو علم سبق يد المسلم [1]، الجلود المأخوذة من يد الكافر فلا يجوز استعمالها فيما يشترط فيه الطهارة لإصالة عدم التذكية فانه لا يجوز الاكل فيها ولا الشرب ولا استعمالها في الصلاة فإصالة عدم التذكية تثبت عدم حلية اكلها وعدم جواز استعمالها في الصالة الا ان نجاستها موضوع نقاش عدم الحلية وتثبت النجاسة ايضا، الا ان جمع من الفقهاء ذهبوا الى التفرقة بين الحرمة والنجاسة فقالوا بأن اصالة عدم التذكية انما تثبت عدم الحلية واما اثبات النجاسة فمشكل اذ ان النجاسة مترتبة على الميتة اصالة عدم التذكية لا يثبت كون هذا الحيوان ميته فانه من الاصل المثبت فيثبت الحرمة لكن نجاستها موضع كلام
ثم ذكر رحمه الله : بان غير الجلود من اللحم والالية والشحم ايضا حكمه كذلك فان اصالة عدم التذكية تجري ويحكم بنجاستها على القول بان اصالة عدم التذكية تثبت النجاسة او يحكم بحرمتها وعدم حليتها اذا قلنا بان اصالة عدم التذكية تثبت الحرمة وعدم الحلية
ثم ذكر رحمه الله : وكذا غير الجلود وغير الظروف مما في أيديهم مما يحتاج إلى التذكية، كاللحم والشحم والألية، فإنها محكومة بالنجاسة إلا مع العلم بالتذكية، أو سبق يد المسلم عليه، وأما ما لا يحتاج إلى التذكية فمحكوم بالطهارة إلا مع العلم بالنجاسة، ولا يكفي الظن بملاقاتهم لها مع الرطوبة، والمشكوك في كونه من جلد الحيوان أو من شحمه أو أليته محكوم بعدم كونه منه، فيحكم عليه بالطهارة، وإن اخذ من الكافر [2]، ان غير الجلود وغير الشحم واللحم المأخوذ من يد الكفار محكوم بالطهارة لقاعدة الطهارة استصحاب الطهارة ان علمنا بطهارتها سابقا ولا يحكم بنجاستها بمجرد وضوع يد الكافر عليها لان يد الكافر قد سبق انها ليست أماراه على النجاسة، فمجرد كون هذه الاشياء بيد الكافر لا يحكم عليها نجسه الا اذا علمنا بنجاستها سابقا فنستصحب النجاسة، ثم قال ولا يكفي مجرد الظن لعدم حجية الظن واعتباره ولذلك نرجع الى اصالة عدم حجيته الا اذا كان الظن راجع الى اطمئنان العقلاء فيؤخذ به حينئذ فاذا اطمئن الانسان بأن ما في يد الكافر نجس فيحكم بنجاسته اما اذا مجرد ظن لا اعتبار بذلك الظن لان قاعدة الطهارة محكمه ثم ذكر رحمه الله : لو شك ما في يد الكافر من الجلد فإصالة عدم التذكية جارية فيحكم بالنجاسة والطهارة او لم يكن من الجلد كالمصنوع في عصرنا من معادن وبلاستك فانه لو شك في ان هذا المجلوب من بلاد الكفر من الجلود حتى تكون لا تجوز الصلاة فيها او لم تكن من الجلود انما من البلاستك الموجود في عصرنا فحينئذ يحكم عليها بالنجاسة او لا، فقال قدس سره يمكن ان نرجع الى قاعدة الطهارة لإصالة عدم كونها من الجلود بالعدم الازلي واستدل على ذلك بإصالة عدم كون هذا الموجود في يد الكافر كونه من الجلود بالعدم الازلي او اصالة عدم تعلق الروح بها الشيء الموجود في يد الكافر فانه ان لم تكن من الجلود فالمرجع قاعدة الطهارة وهذا صحيح ممكن اثبات ذلك بالعدم الازلي بعد ما عرفتم من ان ادلة الاستصحاب تشمل ادلة الاستصحاب في الازل ايضا ويحكم بطهارته .
ثم ذكر مسألة اخرى : يجوز استعمال أواني الخمر بعد غسلها، وإن كانت من الخشب أو القرع أو الخزف غير المطلي بالقير، أو نحوه، ولا يضر نجاسة باطنها بعد تطهير ظاهرها داخلا وخارجا، بل داخلا فقط، نعم يكره استعمال ما نفذ الخمر إلى باطنه إلا إذا غسل على وجه يطهر باطنه أيضا [3]، فان اواني الخمر على المشهور بين الفقهاء انها قابلة للطهارة اذا غسلة واستدل على ذلك اولا بقاعدة الحلية والاباحة انه سابقا نجس فبعد غسله يطهر واصالة الاباحة جاريه في ذلك، وثانيا ان اواني الخمر كسائر الاواني النجسة او المتنجسه التي تقبل التطهير اما مرة او مرتين او ثلاثة حسب ما ورد من الروايات من غسل الاواني المتنجسه هذه تشمل اواني الخمر ايضا هي انية والاواني المتنجسه ايضا انيه لا فرق بينها، الامر الثالث استدلوا بالروايات الواردة في خصوص اواني الخمر وهذه الروايات على طائفتين
الطائفة الاولى : ما تدل على طهارة اواني الخمر بعد غسلها منها ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار بن موسى، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن الدن، يكون فيه الخمر، هل يصلح أن يكون فيه خل أو ماء كامخ أو زيتون ؟ قال : إذا غسل فلا بأس . وعن الإبريق وغيره يكون فيه خمر، أيصلح أن يكون فيه ماء ؟ قال : إذا غسل فلا بأس . وقال : في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر، قال : تغسله ثلاث مرات . وسئل أيجزيه أن يصب فيه الماء ؟ قال : لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات [4]، ففرق الامام عليه السلام بين الاواني وعلى أي حال ان اواني الخمر يمكن تطهيرها بلا فرق بين ان تكون الانية التي فيها الخمر خزف او خشب او قرع فان هذه الرواية مطلقة تشمل جميع انواع الانية وهذه الرواية واضحة الدلالة
الطائفة الثانية : روايات تدل على النهي عن استعمال اواني الخمر ما رواه وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب ؟ عن خالد بن جرير، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) عن كل مسكر، فكل مسكر حرام . قلت : فالظروف التي يصنع فيها منه ؟ فقال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) عن الدبا والمزفت والحنتم والنقير، قلت : وما ذلك ؟ قال : الدبا : القرع، والمزفت : الدنان، والحنتم : جرار خضر، والنقير : خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها [5]
ومنها : ما رواه محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما ( عليهما السلام ) قال : سألته عن نبيذ قد سكن غليانه ـ إلى أن قال : ـ وسألته عن الظروف ؟ فقال : نهى رسول الله ( صلى الله عليه واله ) عن الدباء والمزفت وزدتم أنتم الحنتم ـ يعني الغضار ـ والمزفت يعني الزفت الذي يكون في الزق ويصب في الخوابي ليكون أجود للخمر، قال : وسألته عن الجرار الخضر والرصاص ؟ فقال : لا بأس بها [6]، هذه انواع الاواني التي كان يصنع فيها الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من استعمال هذه الاواني، وكيف ما كان هذه الرواية مضمونها مثل ما في رواية ابي الربيع الا ان في هذه الرواية الامام يزيد ان الحنتم انتم زدتموه وكذلك يجوز استعمال اواني الخمر اذا كانت خضر او من الرصاص، وعلى أي حال طائفتان متعارضتان اما ان نحمل هذه الروايات المجوزة على الكراهة وانه يكره استعمال اواني الخمر حتى بعد الغسل لأجل هذه الروايات او نحمل هذه الروايات في الطائفة الثاني على الاواني التي ينفذ فيها الخمر ولا تطهر بمجرد صب الماء فيها واما مما لا ينفذ فيه الخمر نقول بطهارته بعد الغسل فما قيل في المقام من انه كما قاله في النهاية وقاله ابن البراج من ان في الخمر شدة هذه الشدة فيها تختلف عن سائر النجاسات فأنها تنفذ الى باطن الاواني ولا تطهر الا بوصول الماء الطاهر الى باطنها فلذلك قالوا بنجاستها ولا تطهر بمجرد غسلها حينئذ، لكن يورد ان هذا المطلب لا يختص بالخمر فانه لو وضع نجس ونفذ في داخلها فالكلام نفس الكلام المتقدم الا انهم لا يذكرونه ويخصونه بأواني الخمر فانه لا يختص بخصوص الخمر فان النجس اذا وضوع في الانية التي ينفذ فيها فينفذ بلا فرق بين الخمر والبول وسائر النجس فلما لا تقولون بسائر النجس وتخصون الخمر فلابد من القول بكراهة استعمال اواني الخمر التي ينفذ الخمر مضافا الى ما ذكرناه سابقا من انه اذا نفذ النجس في اعماق شيء فهل لا يمكن تطهيره ابدا او انه يمكن تطهير هذا بظاهر هذا الداخل وان لم يكن الماء نافذ الى اعماق النجس فلا حاجة لإيصال الماء الى الداخل وان لم يكن الماء نافذ الى اعماق الاناء فانه ان طهر ظاهر الداخل فانه يطهر حينئذ فلذا السيد الماتن اشار بقوله في المقام من ان النجاسة اذا نفذة في الباطن وطهر ظاهر الباطن كفى بالتطهير الا اذا علم انه لاقى النجس الباطن فانه يتنجس مره اخرى وهذا العلم من اين يحصل فالمحصل من جميع ذلك كراهة استعمال اواني الخمر التي ينفذ فيها الخمر ولو بعد التطهير واما التي تكون صلبه لا ينفذ فيها الخمر يكفي فيها التطهير ظاهرا وهذا المحصل من مجموع الروايات .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo