< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/05/10

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في احكام التخلي
قال السيد الماتن قدس سره : واللازم ستر لون البشرة دون الحجم، وإن كان الأحوط ستره أيضا [1]، ذهب جمع من الفقهاء الى ان الازم من ستر لون العورة ليس المقصود منه السواد او البياض بل المراد منه عين العورة ونفسها لان اللون لا مدخليه له في الكلام واستدلوا على ذلك بظاهر الروايات التي دلت على حرمة النظر الى عورة المؤمن منها قوله صلى الله عليه واله وسلم (عورة المؤمن على المؤمن حرام)[2] بل المتفاهم العرفي من اطلاق النظر الى شيء هو عينه وليس لونه ولا يوجد دليل على خلاف ذلك .
وذهب جمع من الفقهاء الى وجوب ستر حجم العورة ايضا واستدلوا على ذلك بان الحجم من مراتب النظر فلو كانت العورة مستورة وغطاها بلباس ولكن الحجم ظاهر فهو من مراتب النظر المحرم، ولكن هذه الدعوى ممنوعة لعدم الدليل بل الادلة الواردة في النصوص على خلاف ذلك، رواية محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عمر بن علي بن عمر بن يزيد، عن عمه محمد بن عمر، عن بعض من حدثه أن أبا جعفر ( عليه السلام )، كان يقول : من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، قال : فدخل ذات يوم الحمام فتنور فلما أطبقت النورة على بدنه ألقى المئزر، فقال له مولى له : بأبي أنت وامي إنك لتوصينا بالمئزر ولزومه وقد ألقيته عن نفسك، فقال : أما علمت أن النورة قد أطبقت العورة [3]، ومنها خبر عبيد الله المرافقي ـ في حديث ـ أنه دخل حماما بالمدينة فأخبره صاحب الحمام أن أبا جعفر ( عليه السلام ) كان يدخله فيبدأ فيطلي عانته وما يليها، ثم يلف إزاره على أطراف إحليله ويدعوني فأطلي سائر بدنه، فقلت له يوما من الأيام : إن الذي تكره أن أراه قد رأيته، قال : كلا إن النورة سترة)[4] وهاتان الروايتان تؤيدان ذلك المطلب، ولكن يكفينا ظواهر الادلة والمتفاهم العرفي لان الروايتان ضعيفتان من حيث السند لانهما مرسلتان وتكونان من المؤيدات ولا يستدل بهما، واذا طلي العورة بشيء بحيث يستر لون البشرة أي عينها فعند العرف يصدق انه سترها وهذا المقدار كافي وهذه الدعوى غير تامة والدليل على خلاف ذلك ويترتب على ذلك امور :-
الامر الاول لو كان هناك لون يخالف لون البشرة فما دامت عين العورة بادية يحرم النظر لها وان كان اللون يختلف عن لون البشرة وتعبير الفقهاء بلون العورة انما هو لبيان معنى نفس العورة وعينها
الامر الثاني : اذا تغطى وستر العورة بشيء شفاف وكان حاكيا عن العورة فلا يمكن ان يصدق عليه انه ستر ما دامت عين العورة باديه فلا يكتفى بهذا الستر
الامر الثالث : لو لبس شيء ثخينا يستر لون العورة ولكنه لا يستر الحجم فبناء على ما ذكره بعضهم من اعتبار ستر الحجم فهذا الستر لا يكون كافيا خلاف ما ذكره المشهور وما ذكره البعض من وجوب ستر الحجم هو الموافق للاحتياط، ولا يخفى ان الحجم يختص في القبل في الرجال والنساء واما الدبر فلا يتحقق فيه ستر الحجم
ثم ذكر قدس سره : وأما الشبح وهو ما يتراءى عند كون الساتر رقيقا فستره لازم، وفي الحقيقة يرجع إلى ستر اللون[5]، فلو غطى الانسان عورته بثوب شفاف ترى من خلاله العورة بنحو الشبح فيحرم النظر اليه لأنه من مصاديق النظر وتشمله الادلة التي تدل على حرمة النظر الى عورة المؤمن .
ثم ذكر الماتن قدس سره : لا فرق في الحرمة بين عورة المسلم والكافر على الأقوى[6]، ويقع الكلام في هذه المسألة من جهتين :- الجهة الاول : كشف المسلم عورته امام الكافر فلا ريب ولا اشكال في حرمة ذلك لإطلاقات الادلة التي دلت على وجوب حفظ العورة وحرمة النظر اليها
الجهة الثانية : هل يجوز للمسلم ان ينظر الى عورة الكافر ؟ اولا المشهور بين الفقهاء الحرمة لإطلاقات الادلة الشاملة لكل عورة سواء كانت عورة مؤمن او عورة الكافر لان كشف العورة قبحه ارتكازي وما ورد من الادلة ارشاد لذلك القبح، ولكن ذهب جمع من الفقهاء منهم المحدث البحراني والمحدث صاحب الوسائل والصدوق رحمهم الله الى جواز النظر الى عورة الكافر واستدلوا على ذلك بروايتين وان كان الظاهر منها رواية واحدة، الاولى مرسلة ابن ابي عمير عن غير واحد عن ابي عبد الله عليه السلام قال (النظر الى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك الى عورة الحمار)[7]، والاخرى مرسلة الصدوق عن الصادق عليه السلام انه قال (انما اكره النظر الى عورة المسلم فان النظر الى عورة من ليس بمسلم مثل النظر الى عورة الحمار)[8]، ثانيا ما ورد من جواز النظر الى شعور نساء اهل الذمة تعدوا به الى جواز النظر الى عوارتهن، ثالثا ان الروايات الواردة في المقام قد ورد فيها لفظ المؤمن على المؤمن حرام وهذه تقيدات لا تكون من باب ذكر افضل الافراد فبذكر المؤمن او المسلم تقيد لإطلاق الحكم ولا يشمل الحكم عورة الكافر
اجيب على ذلك بان الروايات المستدل بها سندهما ضعيف فلا يمكن الاعتماد عليهما وقد ناقشوا بذلك من ان مراسيل ابن ابي عمير كالمسانيد وثانيا ان مرسلة ابن ابي عمير في المقام فقد نقل عن غير واحد فمعناه انهم متعددون ولا يعقل ان لا يكون في هؤلاء واحد موثق فمن هذه الناحية يمكن الاعتماد على مرسلة ابن ابي عمير وايضا مرسلة الصدوق ان جعلناها مطابقة مع مرسلة ابن ابي عمير وهي واحدة فلا اشكال اما اذا تعددت المرسلة فنكتفي بمرسلة ابن ابي عمير، والكلام في انه لو كانت هذه المرسلة معتبرة لكن هجر الاصحاب لها يوجب سقوطها عن الاعتبار اذ اننا لا نأخذ بالأخبار التي هي صحيحة السند اذا هجرها الاصحاب وفي المقام ان الاصحاب اعرض المشهور عنها فيوجب وهنها، اما الادلة الاخرى فان ذكر المؤمن من باب الشرفية لا من باب التقيد كما هو وارد كثيرا في الآيات والروايات خطابات عامة يشمل المؤمن وغير المؤمن فمثلا من قتل مؤمن متعمدا، فان القتل بنفسه محرم ولكن ذكر به المؤمن لشرفيته ومن شأن المؤمن والمسلم ان لا يظهر عورته امام الغير، واما الدليل الثالث فلا اعتبار به من جواز النظر الى شعور نساء اهل الذمة سيأتي البحث في كتاب النكاح انه ذهب جمع الى حرمته ولكن على فرض جوازه فهو مختص بالشعور ولا يمكن التعدي به الى العورة وهذه الادلة غير تامة فما ذهب اليه المشهور من حرمة النظر الى عورة المؤمن وغير المؤمن هو المقبول .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo