< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

35/06/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : كتاب الطهارة - فصل – في الاستنجاء
الجهة الثانية : هل يكتفى بتطهير مخرج البول بغير الماء ام لابد ان يكون غسل مخرج البول بالماء فقط -وهذه المسألة ذكرناها في بحث المياه- قلنا ان كل متنجس اذا تنجس لا يمكن تطهيره الا بالماء فلا يكتفى بتطهيره بالمسح او الدلك ونحوه فقد وردت ادلة خاصة بذلك كما لا يكتفى بالماء المضاف وغيره من المائعات، والكلام في المقام صغرى لتلك الكبرى فالذكر تنجس بالبول فهل هذا المتنجس لابد من تطهيره بالماء ام يكتفى بالتمسح
المشهور والمعروف لا يكتفى بغير الماء في تطهير الذكر واُستدلَ على ذلك بالإجماع وبصنفين من الروايات احدهما معتبر والاخر غير معتبر
اما المعتبر : منه صحيحة عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لا صلاة إلا بطهور، ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار، بذلك جرت السنة من رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأمّا البول فإنه لا بد من غسله)[1] فهي صحيحة سندا وصريحتا دلالتا، ومنه رواية عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: يجزي من الغائط المسح بالأحجار، ولا يجزي من البول إلا الماء)[2] وهذه الرواية مؤيدة لتلك الصحيحة ايضا وهذا مستند المشهور المدعى عليه الاجماع
اما غير المعتبرة : ثلاثة روايات استفادوا منها ان مخرج البول كمخرج الغائط
اولا : رواية سماعة قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): إني أبول ثم أتمسح بالأحجار، فيجيئ مني البلل ما يفسد سراويلي؟ قال: ليس به بأس)[3] فهذه الرواية استفادوا منها لو كان موضع البول متنجس لأوجب نجاسة السراويل
ثانيا : موثقة حنان ابن سدير قال: سمعت رجلا سأل أبا عبدالله (عليه السلام) فقال: إني ربما بلت فلا أقدر على الماء، ويشتد ذلك علي؟ فقال: إذا بلت، وتمسحت، فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئا فقل: هذا من ذاك)[4]
ثالثا : خبر عبدالله بن بكير قال: قلت لأبي عبدالله ( عليه السلام ): الرجل يبول ولا يكون عنده الماء، فيمسح ذكره بالحائط؟ قال: كل شيء يابس ذكي)[5] هذه هي الروايات الثلاثة التي تمسك بها بعضهم في حكمه بكفاية التمسح في مخرج البول ويمكن مناقشتها من جهات :-
الجهة الاولى : ان الرواية الاولى والثانية معارضة بصحيحة العيص بن القاسم قال سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذه ؟ قال : يغسل ذكره وفخذيه)[6] فان هذه الصحيحة تدل على عدم طهارة مخرج البول بالتمسح بالأحجار وتدل على تنجيس المتنجس حيث امر بغسل فخذيه فهذه الرواية صحيحة سندا وواضحة دلالتا فتعارض تلك الروايتين
الجهة الثانية : ان اقصى ما يستفاد من هاتين الروايتين عدم تنجيس المتنجس لا انها تدلان على طهارة مخرج البول بالتمسح
الجهة الثالثة : خصوص رواية عبد الله ابن بكير كل يابس ذكي يدل على انه اذا لم يكن عندك ماء فمسحه الى ان تحصل على الماء فتغسله ولا تدل على طهارة مخرج البول بالتمسح
استشكل السيد الخوئي (رحمه الله) على الرواية الاولى والرواية الثالثة بضعف السند باعتبار ان مبناه اذا لم يرد توثيق بحق شخص فهو ضعيف لكن مبنى جماعة خلاف ذلك وهو الصحيح فاذا لم يرد توثيق في حق احد لا يدل على ضعفه فلابد ان تكون هناك قرائن نستفيد منها كيفية الاعتماد على روايات ذلك الراوي، والسيد الوالد (رحمة الله) يرى ان اصحاب الامامين الصادقين عليهما السلام الاصل فيهما الوثاقة الا ما خرج بالدليل انه ضعيف حيث وكيف ما كان لا يحتاج الى تضعيف سند الروايات الا ان دلالتها غير تامة والصحيح ما ذهب اليه المشهور من انه يجب غسل مخرج البول بالماء ولا يكتفى بالمسح بالأحجار وغير ذلك .
ثم قال الماتن رحمه الله : بالماء مرتين والأفضل ثلاث [7]، اذا غسل بالماء فهل يكتفى بمرة واحدة ام لابد ان تكون مرتين اختلفت الاقوال بذلك فبعضهم قال كفاية الغسل مرة واحدة وبعضهم قال يجب مرتين وبعضهم احتاط بالثلاثة، فالكلام في هذه المسألة تارة من حيث الاطلاقات واخرى من حيث الاخبار الخاصة وثالثة من حيث الاصل العملي ورابعا من حيث الكلمات التي نستفيد منها اجماع او لا يمكن استفادة الاجماع على احد القولين
اما من حيث الاطلاقات فانه قد وردت روايات كثيرة تدل على ان النجس لا يمكن تطهيره الا بالماء فهذه الاطلاقات عامة وردت في بحث المياه وهي تشمل المقام، وايضا يمكن لنا التمسك بإطلاق بالروايات الخاصة الواردة في المقام، منها صحيح يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط، أو بال؟ قال: يغسل ذكره، ويذهب الغائط، ثم يتوضأ مرتين مرتين)[8] هذه الرواية كالصريح في انه لا اعتبار بالتعدد في البول وانما التعدد بالوضوء فلو كان التعدد معتبر في غسل البول فلابد ان يذكر وانما ذكر المرتين في الوضوء فقط فاطلاق هذه الصحيحة لو نأخذ بصراحتها كفاية الغسل مرة واحدة وكفاية المسح في الغائط، ومثل هذه الرواية خبر ابن المغيرة، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: للاستنجاء حد؟ قال: لا، ينقي ما ثمة، قلت: فإنه ينقي ما ثمة ويبقى الريح؟ قال: الريح لا ينظر إليها)[9] فالمناط هو النقاوة واطلاق هذه الرواية يشمل الغسل مرة واحدة كذلك في الاستنجاء اطلاقه يشمل النقاء ولا نحتاج الى شيء اخر ولو كان هناك ريح فلا يعتنى به، ومنها مرسل الكافي انه(يجزي أن يغسل بمثله من الماء إذا كان على رأس الحشفة، وغيره)[10] وهذه المرسلة لها من الاطلاق ما يشمل الغسل مرة واحدة
فهذه الروايات وردت في خصوص البول ولكن لها من الاطلاق ما يشمل الغسل مرة واحدة فقد عمل بذلك المشهور من الاصحاب وافتوا بكفاية الغسل مرة واحدة ولا نرفع اليد عن هذه الاطلاقات سواء كانت الاطلاقات العامة التي وردت في بحث المياه او اطلاق الروايات الواردة في المقام الا اذا كان هناك نص خاص يدل على التعدد، فهل نستفيد من هذه الاخبار التعدد ونرفع اليد عن هذه الاطلاقات ونقيدها ام لا نستفيد ذلك ؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo