< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

36/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

لا اشكال في جواز المسح ببلة غير نداوة اليد اذا جف ما على اليد من نداوة لا اشكال في اصل الجواز لما تقدم من الاجماع والتسالم وورود روايات متعددة على ذلك اذا كانت النداوة موجودة على اليد يمسح بها اما اذا يبست هذه النداوة فيجوز له ان يأخذ من نداوة اللحية او الاشفار او الحاجبين وهذا لا اشكال فيه بل ذكرنا سابقا انه لا يقتصر على نداوة اليد بل الادلة تدل على انه يجوز الاكتفاء بنداوة الوضوء كما في مرسل الصدوق ( بنداوة وضوئك[1] ) فان هذا يشمل نداوة اليد وغير اليد , فلو وضع يده على عضده ومسح راسه ثم مسح راسه ورجليه فلا اشكال من هذه الناحية وعليه ذهب جمع الى ذلك وان خالف بعض الفقهاء , كلامنا الان بعد جفاف اليد فلا ريب ان يأخذ المتوضئ من نداوة اللحية او الحاجبين والاشفار للإجماع والروايات .

وكلامنا في جهة اخرى وهي هل ان هذه النداوة مقتصرة على خصوص هذه الموارد الثلاثة اللحية والحاجب والاشفار ام انه يجوز الاخذ من سائر اعضاء الوضوء ؟

ذكرنا انهم تمسكوا على جواز اخذ النداوة من سائر الاعضاء بدليلين اطلاقات الكتاب والسنة ﴿ وامسحوا برءوسكم ...[2] فحينئذ اطلاق فالمسح بعد ان قيد هذا ان يكون ببلة الوضوء فيشمل كل موضع من مواضع الوضوء ولا يقتصر على خصوص اليد ولاسيما اذا كان هناك جفاف اليد فنأخذ من سائر الرطوبة للإطلاق , وكذلك اطلاقات السنة الواردة من هذا القبيل الذي نسميها بالإطلاقات الاولية ( امسح برأسك امسح برجلك ) فهذه الاطلاقات نتمسك بها بعد ورود التقييد عليها , انه بعد الجفاف يجوز لك ان تمسح بالبلة الباقية على البدن أي على اللحية ونحوا ذلك فنتمسك بهذه الاطلاقات ولا نقتصر على ذلك .

اشكل ان هذه الاطلاقات لا يمكن لنا التمسك بها باعتبار ان هذا الاطلاق قد قيد بما اذا كانت هناك يد وعليها بلة , اما اذا كان هذا الاطلاق قيد فلا يمكن التمسك بهذا الاطلاق الاولي فنرجع الى الاطلاق الثاني وهو ان يكون المسح ببلة الوضوء هذا اذا كانت البلة موجودة فلا ريب ولا اشكال في المسح بهذه البلة الا ان هذه البلة انتفت فلابد ان يكون فإطلاقه يبقى على اليد ايضا ( ببلة يدك ) يبقى الاطلاق على اليد ولو كانت جافة فالإطلاق يشمل اليد الجافة كما يشمل المرطوبة ايضا الا انها قيدت بخصوص اللحية (فاذا جفت حينئذ خذ من اللحية ) لما سياتي من صحيح بكر ابن اعين فلا اطلاق للأول لتقييده ذلك الاطلاق الاول ,

الاطلاق الثاني ايضا هو دليل المقيد اطلق انه في صورة الجفاف او في صورة الرطوبة مع انه في صورة الجفاف لا يمكن فيها التمسك فيصح لنا باليد الجافة الا انه قيد بخصوص اللحية فلابد من الاقتصار على اخذ الرطوبة من اللحية هذا ما ذكره بعضهم .

ويرد عليه من انه لا حاجة لنا الى الرجوع للإطلاقات الاولية أي اطلاقات الكتاب والسنة حتى تقول انها قيدت بل ترجع الى اطلاق دليل المقيد (يمسح الراس باليد ) فان هذه الروايات ورد فيها انه يمسح ببلة الوضوء فنأخذ بإطلاقها ﴿ فامسحوا برؤوسكم وارجلكم ﴾ ومرسلة الصدوق رحمه الله كما تقدم فحينئذ له اطلاق يشمل ما اذا كانت البلة موجودة على اللحية او كانت على الحاجب او على الاشفار نأخذ من سائر الاعضاء( ببلة وضوئك ) فان له اطلاق فلا حاجة الى الرجوع الى اطلاقات الكتاب والسنة حتى تورد علينا بان هذا الاطلاق قد قيد ورفع اليد عن اطلاقه واطلاق المقيد يشمل اليد المرطوبة واليابسة قيد ايضا بما اذا كانت هناك لحية , فهناك دليل يدل على ان المسح لابد ان يكون ببلة الوضوء له اطلاق كانت هذه البلة على اللحية او على الحاجبين او على الاشفار او على سائر اعضاء الوضوء ( ببلة وضوئك ) فلا حاجة الى ذلك فنرجع الى دليل المقيد ونتمسك به ولا حاجة الى الرجوع الى اطلاقات الكتاب والسنة أي الاطلاق الاول انه من لزوم مالا يلزم فلا حاجة للرجوع الى ذلك الاطلاق بل اطلاق المقيد كافي في المقام , هذا هو الدليل الاول .

الدليل الثاني : والذي قال ان الاطلاقات تشمل الفرد الكامل , دائما الاطلاقات تنصرف فتاخذ الافراد الكاملة من المامور به اما اذا كانت افراد ناقصة فلا تشمله الاطلاقات الا اذا دل دليل على الاجزاء ولذلك في كل مورد نشك في ان هذا المامور به الذي لم تجتمع فيه سائر الاجزاء والشروط هل تشمله الاطلاقات ؟ كلا لا تشمله الاطلاقات الا اذا كان هناك دليل يدل على الاجزاء هذا واضح تقدم الكلام في بحث الاصول .

في المقام لو مسحنا بنداوة غير اللحية فهذا فرد ناقص لم تجتمع فيه شروط المامور به فلا تشمله الاطلاقات فلا يمكن الاقتصار على اللحية لورود الدليل فيه هذا ماذكره .

لكن يمكن الجواب عنه انه بعد ورود الدليل على انه يمسح ببلة وضوئك الشامل للحية والحاجب ... وسائر اعضاء الوضوء فنمسك بهذا الدليل ولا حاجة لنا للرجوع الى دليل اخر, فان الاطلاقات تشمله اذا تم هذا الدليل وهو مرسلة الصدوق ( فامسح ببلة وضوئك ) تشمل ذلك حينئذ فيدخل تحت المامور به فتشمله الاطلاقات , فحينئذ فالصحيح انه يصح لنا الاخذ اذا جف ما على اليد من البلة يجوز لنا اخذ البلة من سائر اعضاء الوضوء اذا كانت لحية ام سائر اعضاء الوضوء فيصح لنا ان ناخذ البلة من العضد ونمسح رأسنا وان كانت البلة موجودة على اليد او الحاجبين لاطلاق مرسل الصدوق الشامل لما هو موجود على العضد

نعم باعتبار ورود هذه في الروايات فالاحوط الاقتصار عليه لما ذهب بعض الفقهاء من الاقتصار على ذلك ,

وحينئذ ذكر اللحية والحاجبين والاشفار انما هو لمظنة وجود النداوة فيها باعتبار ان سائر الاعضاء لم يكن عليها شعر فحينئذ ارشاد الى هذا الامر , فالروايات الوارد في اللحية والحاجبين والاشفار ارشاد الى هذه الجهة لاحتمال وجود البلة في هذه المواطن هذا ارشادي ولايستفاد منه التقيد الخاص من انه لابد ان يكون من اللحية اما اذا كانت البلة موجودة على اليد ترون ان بعض الناس لهم شعر كثيف على البدن يمكن ان تكون البلة موجودة فيه , ومن ذلك نستفيد من ان صحيح مالك ابن اعين الوارد في اللحية فقط انه من باب المثال لا من باب الخصوصية, والرواية هكذا : معتبرة مالك ابن اعين عن ابي عبد الله ع انه قال ( من نسي مسح راسه ثم تذكر انه لم يمسح فان كان في لحيته بلل فلياخذ منه وليمسح راسه وان لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وليعد الوضوء)[3] تمسك بعض الفقهاء بهذه الصحيحة من انها اقتصر على ذكر اللحية فلابد ان يكون البلل ماخوذ من اللحية فقط وهذه صحيحة معتبرة السند وقيد الاطلاق بها , ولكن يمكن حملها باعتبار ان جفاف ما على اللحية يكشف عادة عن جفاف غيره لان اللحية كثافة اكثر من غيرها من الموارد فعادة يوجد تلازم بين جفاف ما على اللحية وجفاف ما على الحاجبين والاشفار فحينئذ هذا ممكن وصحيح من باب بينهما تلازم عادي , فلذلك اقتصر الامام على اللحية واما غير اللحية اذا كان عليها ماء يصح لنا التمسك حينئذ فالاقتصار على هذه الصحيحة مع غض النظر عن سائر الروايات التي وردت فيها الاشفار والحاجبين هذا انما هو اقتصار على دليل واحد مع وجود تلك الروايات الا ان يقال ان تلك الروايات كما قيل بانها ضعاف السند وقد ذكرنا سابقا ان الروايات عمل بها المشهور وادعي الاجماع على ذلك فحينئذ لا اشكال في الاعتماد على تلك الروايات فتكون هذه الروايات جابرة للسند يمكن الاعتماد عليها وعليه لاوجه للاقتصار على ذكر اللحية .

الا ان هذا تمسك بامر دقي وهو اذا كانت اللحية جافة لاجل امر ما ربما يكون ماء على الاشفار والحاجبين وهذا امر دقي العرف والعادة خلاف ذلك فالعرف يقولون اللحية على كثافتها اذا لم يكن عليها ماء يكشف عادة انه لايوجد ماء في الحاجبين والاشفار , والصحيح جواز اخذ البلة من سائر اعضاء الوضوء ولا دليل على الاقتصار على اللحية والحاجبين والاشفار فحينئذ وان كان الاحوط كما قال السيد الماتن الاقتصار على ذلك لما ذكرناه .

الجهة الثالثة : بناء على الاقتصار على ما ورد في الروايات من اللحية والحاجبين والاشفار هل هناك ترتيبا بينهما او انه يصح لنا اخذ الرطوبة من الحاجبين وان كانت اللحية مبللة ؟ يقول لا دليل على اعتبار الترتيب الا ما ذكرناه من الاقتصار على اللحية وقد عرفتم عنه بل الاجماع على عدم الترتيب , فان المحقق صاحب الجواهر ( لم اثر من افتى فيما هو عندي وما نقل الي من افتى بوجوب الترتيب بين هذه الثلاثة يصح للمكلف ان ياخذ من بلة الحاجبين وان كانت اللحية موجودة يصح له ان ياخذ من الاشفار ويصح له على ماذهبنا اليه ان ياخذ من سائر اعضاء الوضوء ايضا , هذا ما يتعلق بهذه الجهة .

ثم ذكر رحمه الله ان مسترسل اللحية اذا كانت اللحية عاديتا فلا اشكال ولا ريب في ذلك بحيث ينطبق علي الوجه تبعا كما ذكرنا سابقا يجب مسح الشعر الى صدق الوجه تبعا الى ذلك , اما اذا استرسلت اللحية وخرج عن الحد حينئذ هل يصح لنا ان ناخذ من مسترسل ادنى اللحية او لا ؟ خلاف بين الاعلام ذهب الهمداني الى صدق اللحية عليه لحية تبع للوجه فاطلاق دليل اللحية يشمله فما دام بالوجه فيصدق عليه انه تبع للوجه كان مسترسلا او لا ولكن ذهب جمع كثسر الى عدم جواز اخذ البلة من مسترسل اللحية فحينئذ يقتصر على مايحيط به الوجه .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo