< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : بحث التقية

ونسب الى ابن عباس انه وصف التقية ان يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالأيمان ولا يأتي مأثما فقد روى السيوطي في الدر المنثور عن ابن عباس في قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة)[1] قال التقية بالسان من حمل على امر يتكلم به فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فان ذلك لا يضره انما التقية باللسان

كذلك روى ابن جرير [2] في قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) فالتقية باللسان من حمل على امر ان يتكلم به وهو معصية لله تعالى فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فان ذلك لا يضره وعبارته تشبه التعريف للتقية ولذلك عقب الطبري على عبارة ابن عباس فله ان يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته .

ثم قال المفسرون من ابناء العامة في قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) أي الا من خاف في بعض البلدان والاوقات من شرهم فله ان يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته ، فحينئذ جعلوا للتقية هذا المعنى اظهار خلاف الاعتقاد وهو تعريف جامع

ونقل ابن كثير في تفسيره عن البخاري عن ابي الدرداء (انا نكشر في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم) ويستفاد من هذه التعابير ان التقية تختص باللسان ولا تشمل العمل ولذا حدده بعضهم وقيده تصريحا بان التقية في اللسان لا في العمل كما هو قول الثوري عن ابن عباس قال (ليس التقية بالعمل انما التقية في اللسان) فلو كان في مكان يظهر عمل خلاف المشروع لا يسمى تقية واستفاد ذلك من كلام ابن عباس ثم قال الثوري ويؤيد قول ابن عباس قول الله تعالى (من كفر بالله من بعد ايمانه الا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان) فاستفادوا من هذا ان التقية باللسان ولا يشمل العمل .

المعنى الثاني : ذكروا ان التقية بمعنى الملاطفة وهي ان يظهر ملاطفة للكافر ليدفع شره ويدل على ذلك ما نقله السيوطي في الدر المنثور قال اخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال نهى الله تعالى المؤمنين ان يلاطفوا الكفار ويتخذونهم وليجه من دون المؤمنين الا ان يكون الكفار عليهم ظاهرين اولياء يخافون سطوتهم فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين وذلك قول الله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقات)

المعنى الثالث : المصانعة مع الكفار لدفع شرهم وهو المنسوب الى مجاهد هو من قال ان التقية معناها المصانعة وهي اوسع من الملاطفة لعله يعم الفعل والقول

المعنى الرابع : التقية ان يراعي حرمة القرابة فلو كان مشرك من اقرباء المؤمن فلابد ان يراعي حرمة القرابة ويتقيه وهو المروي في الدر المنثور اخرج عبد الرزاق وابن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم عن قتادة في قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) قال الا ان يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك ، وقال اخرون في الاية الا ان يكون بينك وبينه قرابة وروى الطبري في تفسيره جامع البيان في قوله تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء) قال لا يحل لمؤمن ان يتخذ كافرا وليا في دينه ، وقال في قوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) الا ان يكون بينك وبينه قرابة ، وتفسير قتادة شاذ ولا يمكن المصير اليه لانه تابعي .

وعلى فرض قبول قول مجاهد فيكون مثل قول قتادة تابعيان يذكران شيء في تفسير القران ما لم يدل عليه دليل فيبقى الامر شاذ ، والكلام في التعاريف يقع

اولا : انها ليست بالتعريف المستعمل في العلوم لأنها خالية من كل مقومات التعريف ولا تسمى تعريفا بالمصطلح الا قول ابن عباس فان فيه نوع من التعريف لكنه هل يكون في مقومات التعريف المصطلح بين اهل العلم فلا يوجد ذلك .

ثانيا : ان هذه التعاريف تختص بالقول ولا تشمل الفعل وربما تكون تقية في اظهار فعل من الافعال لدف شر العدو فان لقوله تعالى (الا ان تتقوا منهم تقاة) من العموم ما يشمل القول والعمل فاذا كان المناط هو دفع الشر لحفظ النفس المحترمة فان له مراتب فتارة يندفع الشر بالقول فيتعين ومرة يتعدى الى الفعل فيتعين الفعل لدفع الشر .

ثالثا : ان ابناء العامة تجاوزوا عن لفظ التقية ولم يذكرونها الا في تفسير هذه الاية الشريفة وسيأتي ذكر الاسباب التي دعتهم الى ذلك مع انها مذكورة في الكتاب والسنة وفصلوا الكلام في الاكراه واسباب واحكام عديدة هي اغلبها تشابه احكام التقية مع الشيعية لكنهم عنادا لم يذكرا التقية انما يذكرون الاكراه وله احكام كثيرة


[2] تفسير در المنثور.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo