< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- اصناف المستحقين.

كان الكلام في الروايات التي صدرت تقية ، أي نفس الرواية التي صدرت تقية ما مقدارها؟ وكيف التمييز بينها وبين غيرها؟ إذ يوجد كم كبير من الروايات وردت عن الائمة الطاهرين (عليهم لسلام) ، إذ ذكرتُ ان الروايات المروية في خصوص كتاب الكافي ما يزيد على ستة عشر ألف حديث ، وهذا الكم الكبير فيها روايات صحاح وضعاف وغير ذلك ، وفيها روايات صدرت تقية وروايات لم تكن تصدر تقية ، اذن ما هو كم هذا المقدار وما هو طريق التمييز بين هذه الطائفة عن الطائفة الأخرى – أي الطائفة التي صدرت تقية - ؟

الامر الاول:- ذكرنا بأن الروايات التي صدرت تقية قد أحصاها بعض المحققين أنها لم تبلغ حدود المئة وتسعة وتسعين حديثاً ، وليس أكثر من ذلك. هذا على رأي هذا المحقق ، إذ ربما تكون الرواية لم تصدر تقيّة بل لأجل غرضٍ آخر ولكن على رأي هذا المحقق قد كان العدد هو مئة وتسعة وتسعون من أصل أكثر من ستة عشر ألف حديث فما هول به الأمر من ان روايات الامامية أكثرها صدرت تقية ليس الامر كذلك هذا هو الامر الاول.

الامر الثاني:- التعامل مع الروايات ، ذكرنا بان التعامل مع الروايات هذا التعامل له قاعدة رصينة عند العلماء، فإن علمائنا الابرار لم يتعمدوا على كل رواية وصلت إليهم ، إنما كان له طرق ومناهج في التعامل مع الروايات بعضهم اعتمد على الشهرة الروائية فإذا كانت الرواية مشهورة نقلها وعمل بها وأما إذا لم تكن شهرة روائية لم يعمل بها ، وبعضهم إنما رأوا وثاقة الراوي في الرواية إذا كانت الرواية رواتها كلهم موثوق بهم حينئذٍ يعتمدون على الرواية وبعضهم وهو المعروف عندهم أن وثاقة الصدور كافي في العمل بالروايات على هذا الامر كما اعتمد جل العلماء أن الوثاقة في الصدور هو كافٍ في العمل بالروايات والوثاقة بالصدور له طرق متعددة أحد تلك الطرق وثاقة الراوي وإلا هناك طرق أخرى يعتمد عليها في الوثوق بالصدور وله محل آخر.

وكيفما كان فإن علمائنا لم يعتمدوا على كل رواية وردت في الكتب الاربعة ولاسيما الكافي ، نعم صحيح أن بعض العلماء منهم الشيخ النائيني (قدس سره) الذي هو اصولي يرى بأن ما رواه الكليني في الكافي هو كلّه معتبرٌ - إذا لم يكن صحيحاً فهو معتبرٌ حينئذٍ اعتماداً على وثوقه بالصدور والوثوق بالصدور له أسباب متعدّدة أحد الاسباب المتوفرة في ذلك وكثير من الاخباريين يذهبون إلى ذلك ، أيّاً من كان فإن لهذا البحث محل آخر ، التعامل بهذه الروايات هكذا.

فحينئذٍ نحن وردت هذه الروايات والاحاديث جمعت في الكتب الاربعة ولا سيما الكافي إنما نريد ان نميز الروايات التي صدرت تقية عن غيرها ، لا ريب ولا اشكال في أن الروايات التي وردت في العقيدة لنا خاص وميزان معين معرضه على كتاب الله وسنة رسول الله فما وافق الكتاب نأخذ وما خالفهما نطرحه ، وهذا واضح ، ونحو ذلك في العقائد هذا هو الميزان ، أمّا في غير العقائد وهو الفقه وكلامنا في الفقه ما هو الميزان في ذلك ؟ ننقل كلام بعض الاعلام في المقام علمين أو ثلاثة من القدماء وعلم من المتأخرين ما هو الطريق للتمييز بين الروايات التي صدرت تقية عن غيرها ؟ ذكرنا كلام السيد المرتضى (رحمه الله) حيث سأل أنه يمكن للإنسان العامل أن يرجع إلى كل كتاب ويأخذ بحكمٍ أو يأخذ برواية ويعمل بها ؟ قال رحمه الله لا يمكن الاقدام على ذلك إلا عن معرفة وتفحص كامل ، نتفحص بالروايات ونقيس بعضها مع البعض الآخر حتى نستفيد منها حكم شرعي أو رواية نعتمد عليها ، كلام السيد المرتضى كان واضحا في هذا.

القول الثاني:- كلام الشيخ المفيد (رحمه الله) في جواب المسائل التي وردت عليه من أهل الموصل فقال: ((إن أحاديث الاحكام الواردة تقية لا يمكن أن ترد بطرق معروفة وإنما ترد على الشذوذ لا في ما ينقله جمهور الفقهاء ويعمل به أكثر العلماء)) .

لحن هذا كلام الشيخ المفيد مبني على الطريق القديم فهو يريد ان يبين ان الطريق الذي نميز به الروايات التي صدرت تقية عن غيره هو عمل العلماء فما عمل به جمهور العلماء فهذا الخبر صحيح وما اعرضوا عنه وحملوه على الشذوذ يكون تقية ، اذن ارجع التمييز الى عمل العلماء.

القول الثالث:- ما اورده القاضي ابن البراج في المهذب قال : ((اذا تسالم جميع الفقهاء على حكم مخالف للخبر الصحيح او الموثق في نفسه يحصل العلم او الاطمئنان بان هذا الخبر لم يصدر من المعصوم او صدر تقية فيسقط الخبر المذكور عن الحجية)[1] .

القول الرابع:- وكلام صاحب الجواهر في جملة من المواضع.

منها:- قوله: ((أن الأخبار كل ما كثرت وصحت وصرحت وكانت من الأصحاب بمرأى ومسمع ومع ذلك فقد أعرض عنها الأصحاب وأفتوا بخلافها قوي الظن بعدم الاعتماد عليها والركون إليها))[2] .

ومثله ما ذكره في الجز(21) صفحة265.

ومنها:- قوله: ((والنصوص يكفي في ردها إعراض الأصحاب عنها مع كثرتها وصحتها ووضوح دلالتها وكونها بمرأى منهم ومسمع، بل في المنتهى أنه لم يعمل بها أحد من علمائنا))[3] . اذن هذه الروايات صحيحة من حيث السند ومن حيث الدلالة تامة وهي بمرأى من العلماء ومسمع منهم فهذا يكفي في انها شاذة لا يمكن الاعتماد عليها.

ومنها:- قوله ((لكن إعراض الأصحاب عنها مع أنها بمرأى ومسمع يمنع من العمل بها))[4] .

اذن نستفيد من مجموع كلماتهم ان الطرق في التمييز بين الروايات التي صدرت تقية وغيرها هي اربعة:-

الاول:- ما ذكره السيد المرتضى وهو التفحص التام بان نتفحص في الروايات جميعها وفي الكتب التي ألفت في ذلك ومقارنة النصوص بعضها مع البعض.

الثاني:- ما ذكره الشيخ المفيد ان النصوص المختصة بالاحكام التي وردت تقية لا ينقلها العلماء كنصوص اصلة وانما هي نصوص شاذة.

الثالث:- وهو ما ذكره ابن البراج من ان الطريق هو تسلم الفقهاء بأجمعهم على العمل برواية.

الرابع:- ما ذكره صاحب الجواهر وهو اعراض الاصحاب فكلما اعرض الاصحاب عن رواية وان كانت صحيحة من حيث السند والدلالة فهي تحمل على الشذوذ ولا يعمل بها.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo