< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.
الفصل الثالث:- في مواضع التقية وقتها.
لقد علمتم فيما سبق ان الائمة (عليهم السلام) اهتموا بأمر التقية وحثوا الشيعة على ممارسة التقية على مر الزمان، ولم يكن هناك تحديد زمني لتلك الروايات، وذكرنا ان الروايات لها من العموم والاطلاق ما يشمل جمع الامة وجميع الازمان واطلاق يشمل جميع الافراد، وقالوا ان التقية مشروعة وتتصف بالاحكام التكليفية الخمسة.
ولكن اذا نظرنا الى تلك الروايات وسبرناها نستفيد ان هناك مواضع متعددة لابد من استعمال التقية فيها:-
الموضع الاول:- ما اذا كانت الامرة صبيانية، أي ان هذه الامرة تابعة للنزوات والشهوات ومخالفة لاحكام الشرع الحنيف فحينئذ لابد من التقية فنوافقهم ظاهرا ونبقى على المبادئ باطنا فقد روى الكليني (رضي الله عنه) ((عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه ‌السلام) : « خَالِطُوهُمْ بِالْبَرَّانِيَّةِ، وَخَالِفُوهُمْ بِالْجَوَّانِيَّةِ، إِذَا كَانَتِ‌ الْإِمْرَةُ صِبْيَانِيَّةً))[1].
الموضوع الثاني:- اذا هناك حكمان وردا عن الائمة الطاهرين (عليهم السلام) حينئذ نأخذ بالتقية في احدهما ونترك الاخر كما رواه الكليني بسنده عَنْ أَبِي عَمْرٍو الْكِنَانِيِّ، ((قَالَ : قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) : « يَا أَبَا عَمْرٍو، أَرَأَيْتَكَ لَوْ حَدَّثْتُكَ بِحَدِيثٍ، أَوْ أَفْتَيْتُكَ بِفُتْيَا، ثُمَّ جِئْتَنِي بَعْدَ ذلِكَ، فَسَأَلْتَنِي عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُكَ بِخِلَافِ مَا كُنْتُ أَخْبَرْتُكَ، أَوْ أَفْتَيْتُكَ بِخِلَافِ ذلِكَ بِأَيِّهِمَا كُنْتَ تَأْخُذُ؟ » ‌قُلْتُ : بِأَحْدَثِهِمَا، وَأَدَعُ الْآخَرَ. فَقَالَ : «قَدْ أَصَبْتَ يَا أَبَا عَمْرٍو، أَبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُعْبَدَ سِرّاً، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ ذلِكَ إِنَّهُ لَخَيْرٌ لِي وَلَكُمْ، وَأَبَى اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَنَا وَلَكُمْ فِي دِينِهِ إِلاَّ التَّقِيَّةَ»))[2].
الموضوع الثالث:- ما اذا لم يمكن الوصول الى الامام من شدة التقية والسلام عليه واخذ الحكم منه فحينئذ لابد من استعمال التقية وترك السلام على الامام وذلك ما رواه الكليني (رضي الله عنه) عَنْ حَمَّادِ بْنِ وَاقِدٍ اللَّحَّامِ، ((قَالَ :اسْتَقْبَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه ‌السلام) فِي طَرِيقٍ، فَأَعْرَضْتُ عَنْهُ بِوَجْهِي، وَمَضَيْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذلِكَ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي لَأَلْقَاكَ، فَأَصْرِفُ وَجْهِي كَرَاهَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ لِي : « رَحِمَكَ اللهُ، وَلكِنَّ رَجُلاً لَقِيَنِي أَمْسِ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ : عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا أَحْسَنَ وَلَا أَجْمَلَ»))[3].
الموضوع الرابع:- ما اذا وقع المؤمن في امتحان سب الامام والبراءة منه فحينئذ توجد روايتان:-
الاولى:- وهي تدل على جواز السب تقية الا البراءة فلا تجوز حتى في موضع التقية وهي عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام) : ((اما انه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن، يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه ولن تقتلوه، ألا وإنه سيأمركم بسبي، والبراءة مني، فأما السب فسبوني فانه لي زكاة، ولكم نجاة، وأما البراءة فلا تتبرأوا مني، فإني ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الايمان والهجرة))[4].
الثانية:- تدل على جواز البراءة ايضا في موضع التقية وهي عن مسعدة بن صدقة ((قال : قلت لابي عبدالله (عليه السلام) : إن الناس يروون أن عليا (عليه السلام) قال على منبر الكوفة : ايها الناس انكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة منّي فلا تبروؤا مني، فقال : ما أكثر ما يكذب الناس على علي (عليه السلام)، ثم قال : إنما قال : انكم ستدعون إلى سبي فسبوني، ثم تدعون إلى البراءة مني وإني لعلى دين محمد (صلى الله عليه وآله)، ولم يقل : ولا تبرؤوا مني، فقال له السائل : أرايت ان اختار القتل دون البراءة، فقال : والله ما ذلك عليه، وماله إلا ما مضى عليه عمار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكة وقلبه مطمئن بالايمان، فأنزل الله عزّ وجلّ فيه : (إلا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان) فقال له النبي (صلى الله عليه وآله) عندها : يا عمار إن عادوا فعد، فقد انزل الله عذرك، وامرك ان تعود إن عادوا))[5].
فهذه الرواية تفصل بين البراءة التي لا تستوجب القتل فلا تتبرأوا واما اذا وصلت التقية الى القتل فتبرأوا حينئذ.
ويدل على ذلك التفصيل ما رواه الكليني عن عبدالله بن عطا ((قال : قلت لابي جعفر (عليه السلام) : رجلان من أهل الكوفة اخذا فقيل لهما : ابرءا من أمير المؤمنين (عليه السلام) فبرىء واحد منهما، وأبى الآخر فخلي سبيل الذي برىء وقتل الآخر، فقال : أما الذي برىء فرجل فقيه في دينه، وأما الذى لم يبرأ فرجل تعجل إلى الجنة))[6].
الموضوع الخامس:- ما اذا استلزم عبادة السر وعدم العلن في العبادة كما في رواية ابي عمرو الكناني المتقدمة وكذا عن عمار الساباطي سياتي ذكرها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo