< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/05/07

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:- بـحـث الـتـقـيـة.
ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 39): إذا اعتقد التقية أو تحقق إحدى الضرورات الأخر فمسح على الحائل ثم بان أنه لم يكن موضع تقية أو ضرورة ففي صحة وضوئه إشكال))[1].
ذكر انه اذا عمل بالتقية في موردها او عمل في مور الضرورة ثم انكشف الخلاف بانه لا تقية او لا ضرورة في البين فهل يصح عمله او لا يصح؟
وقد استشكل السيد الماتن (رحمه الله)، هذا ما ذكره.
البحث في هذه المسالة تارة يقع من حيث الكبرى واخرى يقع من حيث الصغرى.
اما من حيث الكبرى فانه يوجد نزاع في ان الخوف الضرر هل له موضوعية خاصة ام انه طريق للواقع؟ فان قلنا ان الخوف طريق للواقع فلو اتى بعمل في مورد التقية والضرورة فالحكم انما يترتب على الواقع ومع تبين الخلاف أي انه لا مورد للتقية ولا مورد للضرورة فان وضوئه باطل اما اذا قلنا بان للخوف موضوعية في الاحكام فلو توضأ مع وجود الخوف فيصح وضوئه حتى لو لم يكن الواقع كذلك لان الخوف له موضوعية في ترتب الاحكام.
وان شككنا في ان الخوف هل هو مأخوذ على نحو الطريقية او على نحو الموضوعية فلا يمكن لنا التمسك بإطلاقات الادلة وعموماتها لأنه من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه وحينئذ تشكل الصحة فيكون استشكال السيد الماتن (رحمه الله) صحيح.
واما انه ما هو المستفاد من الادلة وان الخوف مأخوذ على نحو الطريقية او على نحو الموضوعية فهذا ما سياتي بيانه.، هذا الكلام من حيث الكبرى.
اما من حيث الصغرى فانه توجد صور:-
الصورة الاولى:- تارة يكون الضرر موجبا للخوف بنحو الطريقة العقلائية أي يوجد احتمال عقلائي اذ ليس كل ضرر يوجب الخوف عند الانسان الا ما كان على طريقة العقلاء فلا اشكال في صحة وضوئه في هذه الصورة اذ انه احتمل الضرر احتمالا عقلائيا وحصل له الخوف فتوضأ مع هذا الخوف او ترك الصوم مع هذا الخوف فيكون الخوف له موضوعية في المقام ويترتب عليه ان هذا الوضوء صحيح.
الصورة الثانية:- يكون الضرر ناشئا من غير ان يكون هناك احتمال عقلائي بل توهم الضرر ولكن لم يكن هذا التوهم والاحتمال يرجع الى ما هو الموجود عند العقلاء بل مجرد توهم وخوف ترتب على هذا التوهم الذي لم يكن له منشأ عقلائي ففي هذه الصورة لابد ان نقول ببطلان وضوئه اذ لا خوف في الواقع ولا ضرر في الواقع حتى نقول بصحة وضوئه اذا اتى بالوضوء على وجه التقية وعلى وجه الضرورة.
الصورة الثالثة:- ما اذا كان هناك تقية وكانت مما يحتمل في موردها الضرر فنقول ان اطلاقات ادلة التقية تشمل هذه الصورة ولو كان مخالفا للواقع اذ ان التقية لا يشترط فيها دائما ان يكون فيها ضرر فقد ذكرنا ان التقية صحيحة ولو كانت تقية مجاملية ومداراة مع الغير فلا يشترط في التقية دائما ان يكون هناك ضرر بل حتى لو كان في البين مدارات ومجاملة فالعمل الذي يأتي به في هذه الحالة يكون صحيحا ولا اشكال فيه ففي هذه الصورة لا اشكال في الصحة ايضا.
الصورة الرابعة:- ما اذا احتمل التقية واحتمل تحقق موضوع التقية ولم يكن هناك موضوع بان دخل في بلد ونزل في هذا البلد واحتمل ان يكون هذا البلد من العامة فتوضأ على نحو مذهب المخالفين او كان هناك اشخاص موجودون في المحل احتمل ان يكونوا من العامة فاتقى منهم واتى بالعمل على وفق التقية مذهب المخالفين فذكر بعض الفقهاء انه لا يمكن الحكم بصحة هذا العمل اذ عمدة ادلة التقية هي السيرة العملية الجارية وهي انما تكون فيما اذا كان هناك تقية في وجود المخالف وحضوره فاذا لم يكن هناك مخالف ولم يكن حاضرا في البين فلا تشمله السيرة حينئذ كما في المقام فنحكم ببطلان وضوئه على وفق مذهب المخالفين.
ولكن يمكن القول بالصحة في هذا المورد ايضا فانه اذا احتمل التقية وحصل له الخوف في نفسه فتشمله اطلاقات ادلة التقية لا سيما اذا كان اتيان العمل وفق الواقع حرجيا بالنسبة اليه.
ثم ذكر الماتن (رحمه الله): (مسألة 40): إذا أمكنت التقية بغسل الرجل فالأحوط تعينه وإن كان الأقوى جواز المسح على الحائل أيضا))[2].
لا ريب ولا اشكال في ان التقية اذا كان موردها الغسل فلابد من الغسل ولو كان موردها المسح فلابد من المسح، فاذا انحصر الامر برفع التقية بأحد هذين الامرين بخصوصه فلابد من ذلك.
اما اذا لم يكن كذلك وان التقية تحصل اما بغسل الرجلين او بان نمسح على الحائل فهل المكلف مخير بينهما او يتعين غسل الرجلين؟
الجواب:- المعروف بين الاصحاب ان الغسل اولى بالاخد من المسح على الحائل واستدلوا على ذلك:-
اولاً:- بان الغسل اقرب الى المسح اذ انه لما يغسل لا اقل يحصل المسح بمباشرة الماسح للممسوح.
ثانياً:- ان في الغسل مباشرة بين الماسح والبشرة.
اذن يكون دوران الامر في المقام بين التعيين والتخيير والمعروف هو التعيين.
الا اذا قلنا ان الامر ليس كذلك وان المسح على الحائل انما يكون الشك في المحصل فيتعين الاخذ بالغسل فان قلنا بان المسح على الحائل من الشك في المحصل فقاعدة الاشتغال تقتضي الاخذ بالغسل لا بالمسح.
وذهب بعضهم الى التخيير وقال ان هذه الامور انما هي مجرد احتمالات ولم يقم دليل على ذلك وحينئذ يتخير المكلف بينهما ما دامت اطلاقات ادلة التقية تشملهما كلاهما، ولكن الاحتياط مع قول المشهور وهو الغسل دون المسح على الحائل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo