< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): فصل (في شرائط الوضوء).

الشرط الأول: إطلاق الماء فلا يصح بالمضاف، ولو حصلت الإضافة بعد الصب على المحل من جهة كثرة الغبار أو الوسخ عليه فاللازم كونه باقيا على الإطلاق إلى تمام الغسل))[1] .

اما اطلاق الماء فلما تقدم في بحث المياه مفصلا ، فهناك ذكرنا بان اطلاق الماء شرط في صحة الوضوء ، ذكرنا الادلة بنحو التفصيل ، وظواهر الكتاب والسنة الشريفة واجماع الفقهاء بل ضرورة الفق بل ضرورة المذهب يدل على ذلك.

واما اعتبار عدم كونه مضافا فلان ما تسالم عليه الفقهاء من ان المضاف لا يرفع حدثا ولا يزيل خبثا ، وقد تقدم الخلاف من بعض الفقهاء في ذلك واجبنا عن ذلك.

ثم ذكر ان الاطلاق باقيا الى اخر الوضوء ، فلو حصلت الاضافة بعد صب الماء على مواضع الوضوء من جهة كثرة الغبار او كثرة الوسخ فلا يصح الوضوء بذلك الماء.

والدليل على ذلك انه لا يعتبر الاطلاق حدوثا بل لابد ان يبقى الماء مطلق الى اخر الوضوء ، فلو حصلت الاضافة بعد الوضوء بطل الوضوء لأنه يكون حينئذ قد توضأ بماء مضاف وهذا واضح.

ولكن تقدم سابقا ان الغسل انما يتحقق ويحصل بمسماه ولا يحتاج الى ان يكون دائميا بل مسمى الغسل يكفي في تحقق الوضوء ، فلو حصل مسمى الغسل بالماء المطلق ثم حصلت الاضافة صح وضوئه حينئذ ، وكذا ان تحقق المسح ببلة الوضوء الباقية على يده صح المسح حينئذ ، اما اذا لم يكن كذلك فيبطل المسح ويبطل الوضوء من جهة المسح.

اذن لابد ان بقى ماء الوضوء مطلق الى اخر الغسل والمسح ، ويكفي مسمى الغسل وان حصلت الاضافة بعد ذلك ، وهذا ما يريده المصنف من عبارته.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): الشرط الثاني: طهارته وكذا طهارة مواضع الوضوء ويكفي طهارة كل عضو قبل غسله، ولا يلزم أن يكون قبل الشروع تمام محاله طاهرا فلو كانت نجسة ويغسل كل عضو بعد تطهيره كفى، ولا يكفي غسل واحد بقصد الإزالة والوضوء، وإن كان برمسه في الكر أو الجاري، نعم لو قصد الإزالة بالغمس والوضوء بإخراجه كفى ، ولا يضر تنجس عضو بعد غسله وإن لم يتم الوضوء))[2] .

واستدل الفقهاء على شرطية طهارة الماء بظواهر الادلة كتابا وسنة واجماعا محققا بل الضرورة في الجملة ن فلا يصح الوضوء بالماء النجس مطلقا سواء كان عالما بنجاسة الماء او كان ناسيا ثم تذكر فيبطل وضوئه وتبطل الصلاة اذا صلى بذلك الوضوء فيجب اعادة الوضوء واعادة الصلاة في الوقت ويجب قضائها خارج الوقت وهذا الحكم لا اشكال فيه.

واستدل على ذلك بجملة من الروايات الواردة في ابواب متفرقة نقلها صاحب الوسائل تارة في ابواب الماء المطلق واخرى في الماء المتغير وتارة في ماء البئر واخرى في السؤر.

منها:- رواية حريز، عن الفضل أبي العباس، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن فضل الهرة والشاة والبقرة، والإبل والحمار والخيل، والبغال والوحش والسباع، فلم أترك شيئا إلا سألته عنه؟ فقال: لا بأس به، حتى انتهيت إلى الكلب؟ فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله وأصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء))[3] .

ومنها:- أبي خالد القماط، أنه سمع أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في الماء يمر به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : إن كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضأ منه، وإن لم يتغير ريحه وطعمه فاشرب وتوضأ))[4] .

ومنها:- رواية سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في رجل معه إناء ان، وقع في أحدهما قذر، ولا يدري أيهما هو، وليس يقدر على ماء غيرهما، قال: يهريقهما ويتيمم))[5] .

وكل ذلك يدل على بطلان الوضوء بالماء النجس.

فما ذكرنا من انه لو توضأ بالماء النجس نسيانا او جاهلا بل مطلقا ثم انكشف الخلاف فيجب عليه اعادة الوضوء واعادة الصلاة في الوقت وقضائها خارج الوقت.

والدليل على ذلك ان ظاهر هذه النواهي التي ورت في ضمن هذه الروايات التي نقلنا بعضها ارشاد الى فساد الوضوء والصلاة ولقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

اما وجوب الاعادة في الوقت فلما تقدم من قاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ولحديث لا تعاد ومن الخمسة الطهارة.

واما وجوب القضاء خارج الوقت فلقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ولعموم ما دل على وجوب قضاء الصلاة لو لم يكن شروط الصلاة متحققة ولخصوص ما ورد فيمن ظهر بطلان وضوئه من وجوب القضاء عليه.

وحينئذ نقول توجد صور:-

الصورة الاولى:- تارة يأتي بالوضوء عالما بالنجاسة في حال الوضوء فهذا لا اشكال ولا ريب في بطلان وضوئه.

الصورة الثانية:- ان يأتي بالوضوء ناسيا للنجاسة ثم انكشف ان هذا الماء كان نجسا فقد الحق الفقهاء هذه الصورة بالصورة الاولى ايضا ،

الصورة الثالثة:- ما اذا كان جاهلا بالنجاسة ولم يعلم بالنجاسة لا حال الوضوء ولا بعد الوضوء فالمشهور والمعروف بين الفقهاء انه يجب عليه اعادة الوضوء واذا صلى بذلك الوضوء فيجب عليه اعادة الصلاة في الوقت وقضائها خارج الوقت ، وخالف في ذلك المحقق البحراني (رحمه الله) حيث قال بصحة وضوء هذا الجاهل وصحة صلاته ايضا واستدل على ذلك بأمرين:

الاول:- معذورية الجاهل فقد قال ذلك في مقدمة كتاب الحدائق فقال ان الجاهل معذور لم يتوجه اليه التكليف فهو قد توضأ بهذا الماء وهو جاهل بنجاسة الماء ثم بعد ذلك انكشف ان هذا الماء كان نجسا فلا يجب عليه الاعادة ولا القضاء) واستشهد على هذه المقولة بمعذورية الجاهل بجملة من الروايات ، نذكر الروايات التي استدل بها:-

منها:- صحيح زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه ، ومن فعله متعمدا فعليه دم))[6] .

فقد حكم في صورة الجهل بالصحة وان كان النسيان قد خرج وحكم ببطلان وضوئه مثل العالم.

ومنها:- رواية عبد الصمد بن بشير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ إن رجلا أعجميا دخل المسجد يلبي وعليه قميصه ، فقال لأبي عبدالله (عليه السلام) إني كنت رجلا أعمل بيدي واجتمعت لي نفقه فحيث احج لم أسأل أحدا عن شيء ، وأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي وأنزعه من قبل رجلي ، وإن حجي فاسد ، وإن علي بدنة ، فقال له : متى لبست قميصك ، أبعد ما لبيت أم قبل ، قال : قبل أن البي ، قال : فأخرجه من رأسك ، فإنه ليس عليك بدنة ، وليس عليك الحج من قابل ، أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه ، طف بالبيت سبعا ، وصل ركعتين عند مقام إبراهيم (عليه السلام) ، واسع بين الصفا والمروة ، وقصر من شعرك ، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج ، واصنع كما يصنع الناس))[7] .

وهذا الذي توضأ بالماء النجس جهلا فقد فعل امرا بجهالة فلا شيء عليه فلا اعادة ولا قضاء.

ومنها:- صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج عن أبي إبراهيم (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة ، أهي ممن لا تحل له أبدا ؟ فقال : لا ، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك فقلت : بأى الجهالتين يعذر بجهالته ان ذلك محرم عليه ؟ أم بجهالته انها في عدة ؟ فقال : احدى الجهالتين اهون من الاخرى الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها فقلت : وهو في الاخرى معذور ؟ قال : نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها فقلت : فإن كان أحدهما متعمدا والآخر بجهل ، فقال : الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا))[8] .

فهذه الرواية تدل على ان الجاهل لا شيء عليه.

اذن هل الاستدلال بهذه الروايات صحيح اولا؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo