< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 15): الوضوء تحت الخيمة المغصوبة إن عد تصرفا فيها كما في حال الحر والبرد المحتاج إليها باطل))[1] .

فانه في حالة الحر والبرد العرف يعد ذلك تصرف في منفعة الخيمة لا مجرد انتفاع ، فان التصرف في الخيمة المغصوبة والسقف المغصوب وغيرهما مما يكون مثلهما فانه على قسمين:-

القسم الاول:- تارة يكون تصرفا في العين بان يعلق شيئا على الخيمة فيحرم مثل هذا التصرف لعموم ما دل على حرمة التصرف في مال الغير بغير طيب نفس منه ولا فرق بيم حالة الحر او البرد فان اطلاق تلك الادلة تشمل جميع الحالات في الليل والنهار في النور والظلام وفي الحر والبرد فما دام يوجد تصرف في عين الخيمة المغصوبة فلا اشكال في الحرمة.

القسم الثاني:- ما اذا كان التصرف تصرفا في المنفعة لا في العين مثل الجلوس تحتها او يستظل بظلها او يتقي البرد او الحر بالجلوس تحتها ، فان هذا اذا عده العرف تصرفا في المنفعة ايضا يحرم لعموم ما دل على حرمة التصرف في ملك الغير بدون طيب نفس منه ، فان اطلاق تلك الادلة يشمل صورة الحر والبرد ، اذن بمجرد ان يعده العرف تصرفا في المنفعة فتشمله الادلة.

القسم الثالث:- ما اذا كان التصرف في الانتفاع فقط لا اكثر مثل ان يستظل بظل الخيمة فحينئذ العرف يحكم بانه لم يكن تصرف لا في العين ولا تصرف في المنفعة بل مجرد الانتفاع فلا دليل على حرمة كل انتفاع من مال الغير اذ الادلة التي دلت على حرمة التصرف في مال الغير المنصرف منها القسم الاول وهو التصرف بالعين والقسم الثاني هو التصرف بالمنفعة اما مجرد الانتفاع فلا اشكال في عدم شموله الادلة له.

ثم نأتي الى عبارة السيد الماتن (رحمه الله) خص عدم الجواز بما اذا كان هناك استفادة من هذه الخيمة من حر او برد فيحرم الوضوء حينئذ ويبطل.

ونقول انه ان كان من القسم الاول وهو لا يكون فلا اشكال في الحرمة ، وان كان من القسم الثاني فلابد من الرجوع الى العرف في تعيين هذا التصرف أي الوضوء تحت سقف مغصوب او تحت خيمة مغصوبة هل يعد تصرف او لا يعد تصرف؟ ولكن هذا يحتاج الى دليل فان العرف لا يحكم بمجرد التصرف فان كان الوضوء مقترنا بالجلوس والنوم وحركات اخرى بحيث يعد تصرفا في المنفعة فالعرف يعتبره تصرفا بالمنفعة اما مجرد ان يأتي ويتوضأ تحت هذه الخيمة فلا يعد تصرفا في المنفعة ، والبرد والحر لا دخل لهما في هذا العنوان فان الحاكم هو العرف بان هذا تصرف منفعي واما اذا كان هذا التصرف المنفعي لا في الحر ولا في البرد فأيضا يحرم ، اذن العرف هو الذي يحكم في كون هذا التصرف تصرفا منفعيا فيحرم ، سواء كانت الحالة حرا او بردا.

اما اذا مجرد الانتفاع لا تصرف عيني ولا تصرف منفعي بل مجرد انتفاع بهذه الخيمة فأيضا اذا صدق عند العرف انه مجرد انتفاع فلا يفرق بين الحر والبرد لان الادلة منصرفة عن هذه ، فما ذكره السيد الماتن انما اراد اظهار اظهر الافراد حيث ان العرف يعدها تصرف منفعي ولو اوكل الامر الى العرف لكان اولى من جعل هذا في حال الحر وحال البرد.

ثم ان هذا الحكم مطرد في كثير من الموارد وقد يبتلي المكلف بهذا الحكم في عرفات فقد تكون الخيمة مغصوبة ، وهذه الخيمة تارة يغصبها شخص ويأتي شخص ثالث تحت هذه الخيمة المغصوبة عالما بذلك بان هذه الخيمة مغصوبة فالكلام نفس الكلام فتارة يكون تصرفا في المنفعة بان يبت في هذه الخيمة ويأكل ويشرب ويستضيف ونحو ذلك فهذا تصرف منفعي فيحرم ويبطل الوضوء حينئذ اما مجرد انه يأتي عند هذا الشخص الغاصب وتوضأ فهو ليس الا تصرف في الانتفاع فلا دليل على حرمة مثل هذا الانتفاع.

(مسألة 16): إذا تعدى الماء المباح عن المكان المغصوب إلى المكان المباح لا إشكال في جواز الوضوء منه))[2] .

لان المانع من جواز الوضوء هو التصرف الغصبي ولكن الماء قد انتقل من المكان الغصبي الى المكان المباح فالحرمة كانت بحسب المتعلق لا بحسب ذات الماء والمتعلق كان ذلك المكان الغصبي فلما انتقل الماء من ذلك المكان الغصبي الى مكان مباح ارتفع المانع فيجوز الوضوء لان الماء مباح وان مر هذا الماء من مكان غصبي ولا يختص هذا الحكم بهذه الصورة فكذا لو انتقل الماء من النهر الى الحوض بمكينة مغصوبة فان الماء حين وجوده في المكينة فيحرم التصرف فيه لأنه تصرف في المكينة اما اذا خرج هذا الماء من المكينة وانتقل مكان اخر مباح جاز التصرف بهذا الماء لأنه مباح لان الوصف أي الحرمة كانت بحسب حال المتعلق لا بحسب الذات.

مسألة 17): إذا اجتمع ماء مباح كالجاري من المطر في ملك الغير إن قصد المالك تملكه كان له وإلا كان باقيا على إباحته، فلو أخذه غيره وتملكه ملك، إلا أنه عصى من حيث التصرف في ملك الغير، وكذا الحال في غير الماء من المباحات مثل الصيد وما أطارته الريح من النباتات))[3] .

لو نزل المطر في ملك شخص وتجمع فهل يجوز لغيره التصرف به والوضوء منه او لا؟

هذه المسالة مبنية على تملك المباحات الاصلية هل يتحقق بالحيازة خارجا أي الاستيلاء الخارجي او تتحقق بمجرد القصد؟

الجواب:- يوجد خلاف بين الفقهاء يذكر في هذا الخلاف في كتاب احياء الموات.

ولكن المعروف انهم ذهبوا الى ان حيازة المباحات الاصلية وتملكها لابد ان يكون بالاستيلاء وبفعل خارجي ومجرد قصد التملك ليس بكاف ولكن ذهب اخرون الى ان مجرد قصد التملك كاف واستدلوا على ذلك بالاجماع وبالسيرة العقلائية وبعمومات بعض الادلة التي وردت في المقام مثل من استولى على ما لم يستولي عليه احد فهو له أي الاستيلاء يتحقق بالقصد فكما يتحقق بالفعل الخارجي يتحقق بالقصد ايضا.

اذن ان كان المالك قد قصد تملك ماء المطر فذلك الماء ملك له ولا يجوز لاحد التصرف في مال الغير بغير اذنه فلابد من الاذن اما اذا قلنا ان مجرد القصد غير كاف في المقام حينئذ فيجوز لنا الوضوء منه والسيد الماتن يرى من ان قصد المالك كاف في الحيازة فان هذا القصد كاف في التملك وتحقق الملكية فلا يجوز له التصرف في هذا الماء نعم لولم يكن قاصدا للتملك جاز للغير ان يتوضأ من ذلك الماء وان استلزم الدخول الى هذا المكان فان هذا الدخول بغير اذن المالك وهو محرم ولكن الوضوء صحيح ولا اشكال فيه فالممر يكون محرما ولكن الوضوء مباح لأنه لم يقصد تملك هذا الماء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo