< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 18): إذا دخل المكان الغصبي غفلة وفي حال الخروج توضأ بحيث لا ينافي فوريته، فالظاهر صحته لعدم حرمته حينئذ، وكذا إذا دخل عصيانا ثم تاب وخرج بقصد التخلص من الغصب ، وإن لم يتب ولم يكن بقصد التخلص ففي صحة وضوئه حال الخروج إشكال))[1] .

اذا دخل المكان الغصبي ولكنه حال الخروج توضأ فهل يصح وضوئه او لا يصح؟

الجواب:- الدخول في المكان الغصبي والوضوء على حال الخروج يكون على صور.

الصورة الاولى:- ان يدخل عصياناً ويبقى على عصيانه ولم يقصد التخلص ولم تكن توبتة عنده فهو يتصرف في هذا المكان الغصبي حال دخوله وحال خروجه فلا ريب ولا اشكال في بطلان وضوئه حينئذ اذ لا يصح التقر به الى الله لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه وتقدم سابقا الادلة على ذلك.

الصورة الثانية:- ان يدخل المكان المغصوب غفلة او اضطرارا بحيث لم يتعمد الدخول فلم يكن التكليف بالنسبة اليه فعليا اذ التكليف انما يكون فعليا مع الالتفات او عدم الاضطرار واما مع عدم الالتفات او الاضطرار فهذا المكلف لم يكن التكليف بالنسبة اليه فعليا ان النهي عن الدخول ليس فعليا بحقه فهل يصح وضوئه حال الخروج؟ اذا بقي بعد الالتفات فهو حرام لأنه فعلا صار مكلفا بالخروج عن هذا المكان فهو محرم لكنما بقي على غفلته واراد الوضوء حال الخروج فالتكليف بالنسبة اليه غير فعلي للاضطرار او الغفلة فهل يصح وضوئه حال الخروج او لا؟

قالوا بصحة الوضوء حال الخروج اذ النهي لم يكن فعليا بالنسبة اليه لمكان الاضطرار او الغفلة اذ هو معذور مع الغفلة او الاضطرار ولا اشكال في صحة وضوئه.

الا ان الاشكال يأتي من ناحيتين.

اولا:- ان لا يزيد التصرف الوضوئي عن الحد المألوف والا كان محرما.

ثانيا:- الاشكال من جهة المصب فاذا قلنا يعتبر في مصب الوضوء ان يكون مباحا فحينئذ سقوط قطرات الوضوء في ذلك المكان يكون محرما فيوجب بطلان الوضوء فلابد ان يتوضأ على نحو لا تسقط تلك القطرات في المكان المغصوب.

الصورة الثالثة:- ان يدخل المكان الغصبي عمدا لا غفلة ولا اضطرارا ولكنه تاب واراد ان يخرج بقصد التخلص من الحرام فهل يصح من الوضوء حال الخروج او لا يصح؟

الجواب:- وضوئه صحيح وذلك لاحد الوجوه الاتية.

الوجه الاول:- نقول صحة الوضوء اما انها مبنية على ان التوبة انما ترفع الذنب السابق لأنه دخل المكان المغصوب عمدا وباختياره فهو مذنب فيريد ان يرفع ذلك الذنب عن نفسه وبالتوبة يرفع الذنب السابق ولا نهي بالنسبة الى السابق لأنه سقط هذا النهي واما النهي الفعلي حال الخروج لمكان الاضطرار فهو مضطر للخروج لان بقاءه حرام فلابد بحكم العقل ان يخرج من هذا المكان ، ولما كان لا نهي حال الخروج فلابد ان نقول بصحة الوضوء حال الخروج.

الحاصل ان النهي السابق سقط بالتوبة ولا ذنب لديه واما النهي الفعلي لم يوجد حال الخروج للاضطرار فيصح وضوئه ولا اشكال.

الوجه الثاني:- او نقول ان التوبة لا تسقط الفعل المحرم لأنه دخل في هذا المكان قاصدا ملتفتا متعمدا فان التوبة لا توجب سقوط النهي والحرمة بالنسبة اليه الا ان هذا الفعل ليس بمبعد حينئذ بسبب التوبة فيصح الوضوء ، فكما ان التوبة بعد الخروج لا تجعل الفعل مباحا بالنسبة اليه وانما يكون هذا الفعل غير مبعد لا اكثر.

ولكن ذهب بعضهم الى بطلان هذا الوضوء ايضا أي حال الخروج والوجه فيه.

اولاً:- فانه وان تاب الا ان المبغوضية الواقعية موجودة في حقه كما ذكرنا سابقا فانه توجد مبغوضية بالنسبة الى هذا الفعل اذ هو دخل في هذا المكان عامدا ملتفتا فيكون مبغوضا وخروجه ايضا وان كان واجبا ولكنه تصرف في الغصب فهو مبغوض ايضا ، فاذا كان مبغوضا فلا يصح الوضوء لأنه لا يمكن التقرب بالمبغوض لدى المولى.

ثانياً:- ان الملاك متحقق في المقام فملاك النهي موجود فاذا كان ملاك النهي موجود حينئذ لا يمكن التقرب مع وجود الملاك للمبغوضية في البين.

ولكن يرد عليه:-

اما الوجه الاول ان المبغوضية كان موجودة قبل التوبة لأنه دخل باختياره وليس غفلة ولا اضطرارا ولكن حال الخروج تاب فالنهي السابق سقط لسبب توبته ولا نهي فعلي حينئذ فوجود الاضطرار الى الخروج لا يمكن اثبات النهي الفعل بالنسبة اليه ومجرد انه كان هذا الفعل وقتا ما مبغوضا فهذا لا يعني انه يبقى مبغوضا دائما وهو يحتاج الى دليل.

واما الوجه الثاني وهو ان العمل باطل لوجود ملاك النهي فنقول ان الملاك اذا سقط الخطاب ولا خطاب ابدا فمن اين نقول ان الملاك باق لان خطاب النهي السابق قد سقط بالتوبة وخطاب النهي حال الخروج ساقط لمكان الاضطرار فلا طريق لاستكشاف وجود الملاك ، فيمكن القول بالصحة في هذا الوجه ايضا.

الا انه يبقى اشكال على كلام السيد الماتن حيث قال بانه لو تاب في حال خروجه وقصد التخلص فان قصد التخلص لا يغير شيئا كما ذكرنا ذلك في بحث اجتماع الامر والنهي وتوسط الارض المغصوبة فان قصد التخلص لا يوجب رفع غائلة ارتكاب الحرام والمبغوضية ، لكن مع ذلك فان قصد التخلص مستدرك اذ التوبة ملازمة لقصد التخلص فمن تاب حال الخروج فهو قاصد للتخلص فلا حاجة الى ذكر قصد التخلص.

الصورة الرابعة:- انه دخل في المكان الغصبي وخرج منه اضطرارا من دون توبة ولا بقصد التخلص فاذا توضأ حال الخروج فهل يصح وضوئه؟

هذا الخروج لابد منه عقلا مقدمة للتخلص من الحرام فقد ذهب الشيخ الانصاري (رحمه الله) من ان الخروج هذا فيه مقدمية للتخلص من الحرام والمقدمة اما واجبة عقلا او واجبة شرعا فاذا لم نقل بكونه واجب عقلا فلا اقل كونه واجب شرعا واذا نفينا الوجوب الشرعي فلا اقل انه مباح حينئذ.

اذن هل يصح وضوئه حال الخروج؟

من ذهب الى جواز ذلك قال بان هذا المكلف انما عليه ان يخرج من هذا المكان بلا ريب وبلا اشكال بحكم العقل لابد ان يخرج من هذا المكان فحينئذ يكون الخروج مقدمة لأنه مضطر الى ذلك فيصح وضوئه مع حال الاضطرار.

واما القول المشهور ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار انما هو بالنسبة الى العقاب لا بالنسبة الى الخطاب فمن اوقع نفسه من شاهق في حال السقوط لا يسقط الخطاب عنه اما العقاب فهو ثابت بالنسبة اليه وحينئذ هذا خارج عن المقام ، والسيد الماتن استشكل في صحة وضوئه.

ومن قال ان المبغوضية الواقعية موجودة في البين فيبطل وضوئه حينئذ وايضا النهي السابق بالنسبة اليه فعلي وان كان لابد ان يخرج لأنه لم يتب ولم يقصد التخلص فيحرم الوضوء ، ومن قال ان المبغوضية الواقعية غير كافية حينئذ يصحح الوضوء ويمكن الجمع بين الكلمات بانه مع الالتفات لا يمكن التقرب بهذا الوضوء لأنه مبغوض.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo