< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 19): إذا وقع قليل من الماء المغصوب في حوض مباح فإن أمكن رده إلى مالكه وكان قابلا لذلك لم يجز التصرف في ذلك الحوض، وإن لم يمكن رده يمكن أن يقال بجواز التصرف فيه، لأن المغصوب محسوب تالفا ، لكنه مشكل من دون رضى مالكه))[1] .

الكلام في هذه المسالة في عدة جهات.

الجهة الاولى:- تارة يقع في ان الماء القليل الذي وقع في حوض كثير اذا كانا غير متماثلين كما لو كان المغصوب ماء مضاف والمباح ماء مغصوب فلا ريب ولا اشكال عند الفقهاء في انه يعد من التالف وايضا يعد عند العرف بمنزلة التالف.

اما اذا كانا متماثلين كما لو كان الماء المغصوب ماء مطلق والماء المباح ماء مطلق او كان كلاهما ماء مضاف ، فان هذا لا يعد عند العرف تلفا بل هو اختلاط بينهما وحينئذ هنا لا يجوز التصرف في هذا الماء لان اختلاط ولا يوجد تلف فلابد ان يكون الوضوء بهذا الماء المختلط والممتزج بإذن الشريك فيصبح مالك الماء المغصوب شريكا مع مالك الماء المباح ولا يجوز لاحدهما التصرف بهذا الماء الا بإذن الشريك.

ويدل على ما ذكرناه امثلة الفقهاء (رحمهم الله) في المقام وغير المقام من انه في المتماثلين لا يعد ذلك تلفا وانما يكون اختلاطا ويرجع الى الشركة بين المالكين ، واما اذا كانا غير متماثلين فهو تلف لا اختلاط.

الجهة الثانية:- واخرى يقع الكلام في انه في صورة التماثل اذا كان هناك ماء قليل اختلط مع ماء في خوض فهذا الماء القليل الذي وقع في هذا الحوض هل يعد عند العرف تلفا او لا؟

الجواب:- ان هذا لا يعد عند العرف تلفا وانما ماء مطلق وماء مطلق وان كان هذا الماء المغصوب قليلا وماء الحوض كثيرا ، اذن هل يمكن رد هذا او لا؟

الجواب:- ان رد هذا الماء بشخصه وعينه مع اختلاطه مع مثله غير ممكن ن ولكن هل يمكن رده برد المجموع فيأتي صاحب هذا الماء المباح فيرد المجموع الى مالك الماء المغصوب ، وحينئذ اما ان يأخذ مالك الماء المغصوب هذا الماء ويعطيه قيمة الماء المباح او يرد هذا المجموع ويأخذ قيمة ماله ، اذن الرد ممكن بالنسبة الى المجموع واما رد عين الماء المغصوب الذي اختلط مع الماء المباح ظاهرا غير ممكن ، ولذا قال السيد الماتن (رحمه الله) ((فان امكن رده)) فليس المراد من امكان الرد هو رد شخص الماء المغصوب ، اذ ربما يكون مستحيلا بل الرد انما يكون برد المجموع.

وحينئذ اذا لم يمكن رده فلا يجوز التصرف في هذا الماء الا بإذن الشريك حيث صار صاحب الماء المغصوب شريكا مع مالك الماء المباح ولا يجوز التصرف بمال الشركة الا بإذن الشركاء.

الجهة الثالثة:- في انه في غير المتماثلين لا يمكن رده في غير المتماثلين كما لو كان هناك خلط بين الماء المغصوب الغير المتماثل مع الماء المباح كأن يكون احدهما ماء بئر والاخر ماء نهر ونحو ذلك فربما يعد هذا من غير المتماثلين ، وهنا وقع الكلام هل يصح لشخص ان يتوضأ بهذا الماء المختلط الذي وقع فيه الماء المغصوب؟ فاذا قلنا ان الماء غير المتماثل يعد عند العرف تلفا حينئذ يصح الوضوء من هذا المجموع وذمة هذا الشخص الذي خلط هذا الماء الغصبي معه مشغولة بالبدل مثلا او قيمة أي ليس لمالك الماء المغصوب حق في هذا الماء الخارجي وانما انتقلت الى ذمة الغاصب واما اذا قلنا يبقى الاختلاط العرفي ، واما اذا قلنا ان هذا نوع اختلاط في البين وليس تلف كلي فيبقى الاشكال كما استشكل السيد الماتن (رحمه الله) فقال ((ويشكل الوضوء فيه)) ولعل اشكاله يرجع الى ان هذا لا يعد تلفا حقيقة وانما هو اختلاط وقد ذكرنا ان الاختلاط يوجب الشركة.

ولكن اشكاله غير تام على ما ذكرنا.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): الشرط الخامس: أن لا يكون ظرف ماء الوضوء من أواني الذهب أو الفضة، وإلا بطل ، سواء اغترف منه أو أداره على أعضائه، سواء انحصر فيه أم لا ، ومع الانحصار يجب أن يفرغ ماءه في ظرف آخر ويتوضأ به، وإن لم يمكن التفريغ إلا بالتوضؤ يجوز ذلك حيث إن التفريغ واجب ، ولو توضأ منه جهلا أو نسيانا أو غفلة صح كما في الآنية الغصبية، والمشكوك كونه منهما يجوز الوضوء منه كما يجوز سائر استعمالاته))[2] .

الكلام هنا تقدم في بحث الاواني والذي ذكرناه في شرطية اباحة الأناء يجري في المقام ، فما ذكرناه في اباحة الأنية يجري في المقام بعينه وما ذكرناه في فصل الأواني يجري في المقام بعينه ، الا ان السيد الماتن (رحمه الله) زاد في المقام مطلبا يختلف مع الذي ذكره في بحث الأواني.

وخلاصة الكلام انه قال يبطل الوضوء اذا اخذ من آنية الذهب والفضة بلا فرق بين ان يأخذها مستقلا بالاغتراف او يسكب منها الماء على مواضع الوضوء ، وسواء كان هذا على نحو الانحصار ام لم يكن على نحو الانحصار ، ففي جميع هذا يعد استعمالا واستعمال آنية الذهب والفضة حرام ، اذن الوضوء باطل.

ولكن قال بعد ذلك ((اما في صورة الانحصار يجب عليه ان يفرغ هذا الماء من آنية الذهب والفضة في انية اخرى ويتوضأ)) وهذا الوجوب وجوب مقدمي لتحصيل الماء للوضوء ، وهذا الوجوب المقدمي صحيح ، بل يمكن ان نقول ان هذا التفريغ لا يعد استعمالا ـــ كما سياتي في الفرع اللاحق ـــ فان التفريغ والاستعمال عنوانان مختلفان ، فتارة استعمل واخذ الماء من هذا الاناء بالاغتراف منه او بسكب هذا الماء على مواضع الوضوء ونحو ذلك فهذا استعمال ، واخرى اريد ان افرغ هذا الماء في انية فهذا التفريغ عنوان اخر غير عنوان الاستعمال المحرم.

هذا الذي ذكره صحيح وما ذكره سابقا ايضا صحيح من انه يبطل الوضوء ولكن هناك نقاش طويل عريض تقدم في بحث الاواني انه يمكن اخذ الماء من هذه الانية ثم نتوضأ فان الاخذ وان كان حرام ولكن بعد ذلك يكون الوضوء حلال او ليس الامر كذلك؟ فهناك اشكالات عديدة من اراد فليراجع.

اما مع عدم الانحصار فهل يفرغ الماء في مكان اخر ويجوز له الوضوء ام انه ليس الامر كذلك بل لابد من التيمم؟ هذا يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo