< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في الوضوء من آنية الذهب والفضة ، وان كان الكلام تقدم في فصل الأواني لكن السيد الماتن (رحمه الله) ذكر في هنا شيئا يخالف ما ذكره هناك ولأجل ذلك نفصل.

الصورة الاولى:- فقد ذكر ان الوضوء يبطل من آنية الذهب والفضة باعتبار ان الوضوء سواء كان على سبيل أخذ الماء من ذلك الاناء او على سبيل صب الماء من ذلك الاناء على مواضع الوضوء ن فان كل ذلك هو استعمال لآنية الذهب والفضة واستعمالها حرام فيبطل الوضوء من هذه الناحية وان هذا الاطلاق فيه اشكال تقدم بيانه هناك. هذه هي الصورة الاولى.

الصورة الثانية:- ما اذا انحصر الماء في انية الذهب والفضة فان امكن التفريغ فيجب تفريغ الماء من انية الذهب والفضة في غيرهما ويتوضأ حينئذ لان التفريغ يجب بالوجوب المقدمي او لان التفريغ هنا لا يسمى استعمالا ، اذ عنوان الاستعمال لا ينطبق على هذا التفريغ ولكنه ، مشكل كما سياتي.

الصوة الثالثة:- ما اذا كان هناك انحصار ولكن لا يمكن التفريغ الا بالوضوء من انية الذهب او الفضة.

فقد قال السيد الماتن (رحمه الله) يصح الوضوء حينئذ بينما ذكر في فصل الاواني انه يسقط الوضوء ويجب عليه التيمم ، والصحيح ما ذكره هناك.

ويمكن الاستدلال على ما ذكره في المقام بأمور ثلاثة.

الامر الاول:- ان التفريغ[1] غير الاستعمال ، فان تفريغ الماء عنوان يخرجه عن عنوان التصرف والاستعمال في انية الذهب والفضة وهذا كاف.

الامر الثاني:- انه هنا يقع التزاحم بين الوضوء وحرمة الاستعمال وبما ان الوضوء اقوى ملاكا فيقدم الوضوء على حرمة الاستعمال.

الامر الثالث:- قالوا بان استعمال آنية الذهب والفضة انما ينصرف الى استعمالات اهل الدينا من جعلها زينة وغيرها من الاستعمالات ، اما الوضوء من آنية الذهب والفضة فلا يسمى استعمالا عند العرف.

هذه الامور الثلاثة التي يمكن الاستدلال بها على صحة الوضوء فيما اذا انحصر الماء في انية الذهب وكان لا يمكن التفريغ الا بالوضوء.

ولكن هذه الامور الثلاثة قابلة للنقاش.

فان الظاهر ان الوضوء هو استعمال والعرف يعده استعمال لأنية الذهب والفضة وايضا من قال انه مختص باستعمالات اهل الدنيا ، وحينئذ يكون الاستعمال محرما فيكون الوضوء محرما.

وكذا لا يقع التزاحم اذ للوضوء بدل ، فان التزاحم يقع فيما اذا لم يكن له بدل ، اما اذا كان له بدل فيسقط الوضوء وينتقل الى التيمم.

وكذا عنوان التفريغ في المقام يغاير عنوان الاستعمال هذه ايضا بعيد فان الاستعمال نفس التفريغ والتفريغ نفس الاستعمال وليس بينهما فرق ، ولهذا فان ما ذهب اليه السيد الماتن (رحمه الله) في فصل الاواني من انه في هذه الصورة يسقط الوضوء وينتقل الى التيمم هو الصحيح لان ما استدل به على صحة الوضوء غير تام.

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله) ((والمشكوك كونه منهما يجوز الوضوء منه كما يجوز سائر استعمالاته))[2] .

اذا شك في ان هذه الانية من الذهب والفضة او لا؟ او شك في حرمة استعمال هذه الانية لأجل شبهة من الشبهات فان اصالة البراءة محكمة حينئذ ، لأنه عند الشك في الحرمة المرجع هو اصالة البراءة وهذا هو الصحيحة الذي يمكن الاعتماد عليه.

ثم ذكر السيد الماتن (رحمه الله): (مسألة 20):إذا توضأ من آنية باعتقاد غصبيتها أو كونها من الذهب أو الفضة، ثم تبين عدم كونها كذلك ففي صحة الوضوء إشكال ولا يبعد الصحة إذا حصل منه قصد القربة))[3] .

استشكل السيد الماتن (رحمه الله) في صحة وضوئه وفصل بين صورة تمشي قصد القربى منه فيصح الوضوء حينئذ وبين صورة ما لم يتمشى منه قصد القربى فلا يصح وضوئه.

الكلام في هذه المسالة في ان اعتقاد الغصبية او اعتقاد كون الآناء ذهبا او فضة يغير الواقع او لا يغير الواقع؟

فان غير الواقع فهذا معناه انه يبطل وضوئه لان هذا الان منهي عن استعماله لأنه يعتقد ان الاناء من ذهب او فضة فيحرم عليه استعماله وان كان في الواقع ليس اناء ذهب او فضة ، او ان الاعتقاد لا يغير الواقع انما هو باق على اباحته الاولية ولكن هل يصح الوضوء مع هذا الاعتقاد او لا يصح؟

فمن قال ببطلان الوضوء فهو باعتبار انه من مصاديق التجري والطغيان لأنه يعتقد كون غصبا او يعتقد انه من الذهب او الفضة ومع ذلك يتوضأ منه ، فهذا من مصاديق التجري والطغيان ، فاذا كان من مصاديق التجري والطغيان فلا يمكن التقرب به.

وعلى فرض حصول قصد القربى منه فان الفعل مبعد اذ ذكرنا سابقا انه لا يكفي قصد القربة في صحة العمل وانما لابد ان يكون الفعل مقربا ، وهذا الفعل لا يكون مقربا لا سيما اذا قلنا ان المتجري يستحق العقاب فاذا استحق العقاب فلا يكون الفعل مقربا وان حصل منه قصد القربى ، فمن ذهب الى البطلان جعله من مصاديق التجري.

الا ان السيد الماتن (رحمه الله) ذهب الى التفصيل فاذا تمشى منه قصد القربى فيصح وعدم تمشي قصد القربى فلا يصح.

هذا الذي ذكره بينه السيد الوالد (رحمه الله) من انه يختلف بحسب الحالات والاشخاص فمن كان جاهلا بحرمة التصرف بالماء المغصوب او جاهلا بحرمة استعمال انية الذهب والفضة كما هو كثير عند العوام او يعلم بالغصبية ولكنه يجهل ان الوضوء من انية الذهب او الفضة هو استعمال له او لا ، فحينئذ يمكن ان يحصل منه قصد القربى ويكفي ذلك في صحة وضوئه ، ولكن التجري والطغيان لا يحصل من هذا حتى يكون من مصاديقه ، واما من كان عالما بحرمة الغصب عالما بحرمة استعمال اواني الذهب والفضة عالما ان الوضوء من موارد الاستعمال عالما ان الوضوء تصرف في الغصب فحينئذ لا يتمشى منه قصد القربى وهذا الفعل معبد له لأنه تجري وطغيان فيمكن القول ببطلان وضوئه ، فما ذكره السيد الماتن صحيح بناء على ما ذكرناه من تمشي قصد القربى وعدم تمشي قصد القربى ، وهذا يختلف بحسب الحالات وبحسب الاشخاص.


[1] تفريغ الماء على مواضع الوضوء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo