< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

ذكر السيد الماتن (رحمه الله) السابع: أن لا يكون مانع من استعمال الماء من مرض أو خوف عطش أو نحو ذلك وإلا فهو مأمور بالتيمم، ولو توضأ والحال هذه بطل ، ولو كان جاهلا بالضرر صح وإن كان متحققا في الواقع، والأحوط الإعادة أو التيمم))[1] .

سياتي تفصيل الكلام في مسوغات التيمم ، والبحث يقع في عدة جهات.

الجهة الاولى:- البحث بحسب المستفاد من الادلة الثانوية.

الجهة الثانية:- البحث بحسب المستفاد من الادلة والاستظهار من الادلة.

الجهة الثالثة:- البحث بحسب الاستظهار العرفي.

الجهة الرابعة:- البحث بحسب كلمات الفقهاء الواردة في المقام.

اما الكلام في الجهة الاولى فلان الدليل الثانوي الذي يمكن التمسك به في نفي الوضوء هو دليل نفي الحرج ودليل نفي الضرر ، فاذا كان هذا الوضوء حرجيا فيسقط الوضوء وينتقل الحكم الى التيمم ، ولكن كلامنا في انه لو لم يأتي بالتيمم وتوضأ حتى مع الحرج فهل يبطل وضوئه او لا يبطل؟

وكذا في دليل نفي الضرر فان دليل نفي الضرر كدليل نفي الحرج ، فان الدلالة المطابقية لهما هي رفع اللزوم عن الوضوء ، وبالدلالة الالتزامية نستفيد انه يجب عليه التيمم ، الا ان الكلام في ان نفي اللزوم هل يسقط الملاك ايضا بحيث لا ملاك في الوضوء ابدا فلو توضا والحال هذه فيكون وضوئه باطل لعدم وجود خطاب في البين او ان نفي اللزوم لا يستفاد منه سقوط الملاك؟

الجواب:- لا ريب ولا اشكال في ان دليل نفي الحرج انما ينفي لزوم الوضوء بالدلالة المطابقية واما الدلالة الالتزامية فهي نفي الوضوء ونفي الملاك اذ العلم الاجمالي يدور بين وجوب الوضوء ووجوب التيمم فاذا رفعنا وجوب الوضوء فيتعين وجوب التيمم وهذا واضح.

لكن الكلام في ان رفع اللزوم هل يوجب رفع الملاك ايضا او ان الملاك باق على حاله ، فاذا قلنا بقاء الملاك فيكون وضوئه مع الحرج صحيحا لأجل وجود الملاك وان قلنا بسقوط الملاك فلا خطاب ولا ملاك في البين فيبطل وضوئه لا محالة.

ذهب جمع من الفقهاء الى ان نفي اللزوم لا يدل على نفي الملاك ، فان دليل نفي الحرج انما دل على نفي اللزوم عن الوضوء اما نفي الملاك فلا يدل على ذلك.

ان قيل:- ان هناك خطاب وهذا الخطاب هو الذي يكشف عن وجود ذلك الملاك فلو اسقطنا الخطاب بدليل نفي الحرج فيسقط الملاك لأنه لا طريق الى استكشاف وجود الملاك الا الخطاب.

ولكن يمكن الجواب:- بان الدلالة الالتزامية التي يكون ثبوت كل حكم شرعي انما يدل بالدلالة المطابقية على لزوم ذلك الشيء وبالدلالة الالتزامية على وجود ملاك في البين ولا تطابق بين الدلالتين دائما في السقوط اذ ربما تسقط الدلالة المطابقية بينما الدلالة الالتزامية باقية على حالها ، نعم هما متحدتان من حيث الحجية الا انهما ليس متحدتان في السقوط والرفع ، فلو اسقطنا الدلالة المطابقية وهو اللزوم من هذا الحكم الشرعي ولكن لا يستفاد منه سقوط الدلالة الالتزامية التي تدل على ثبوت ملاك لهذا الحكم فلابد ان نقول بوجود الملاك واذا ثبت الملاك يصح الوضوء حينئذ فلو لم يتيمم وتوضا والحال هذه (أي مع وجود الحرج) صح وضوئه لوجود الملاك.

الا انه سياتي انه لا طريق لنا لاستكشاف الملاك اما بسبب الخطاب او بسبب الاستصحاب او بسبب دليل اخر ، فان ثبت ذلك فيمكن والا فلا ، هذا هو مفاد دليل نفي الحرج.

كذلك دليل نفي الضرر فان الضرر له دلالة التزامية في رفع لزوم الوضوء الضرري وان الوضوء الضرري لا يجب على المكلف ولكن هل رفع اللزوم يدل على رفع الملاك؟ ليس الامر كذلك اذ ان كل حكم له دلالة مطابقية وهو اللزوم ودلالة التزامية وهي ان هذا اللزوم تابع للملاك أي يثبت ملاك في البين ، فان دليل الضرر انما يرفع اللزوم ولكن سقوط الدلالة المطابقية لا تدل على سقوط الدلالة الالتزامية لذلك الخطاب فيثب حينئذ الملاك هذا هو الذي ذكروه ، وحينئذ الكلام نفس الكلام.

الا ان الفرق بين نفي الضرر ونفي الحرج ان نفي الحرج لا يثبت الحرمة في الفعل بينما نفي الضرر يثبت حرمة الفعل الذي فيه الضرر ، فاذا ثبت وجود ضرر في مورد ما او خوف ضرر فيحرم على المكلف ارتكاب ذلك الفعل الضرري ويحرم ارتكاب ذلك الفعل الذي يخاف منه الضرر اما اذا كان الضرر مأمونا ويخاف ان يحصل الضرر ولكنه في الواقع لم يكن ضرر فلو توضا والحال هذه (أي هو يخاف الضرر ولكن الضرر مامون) فهل يبطل وضوئه حينئذ؟ الكلام نفس الكلام فان قلنا بثبوت الملاك وان الساقط هو رفع اللزوم فقط بدليل نفي الضرر فيمكن القول بالصحة وان قلنا بان الملاك ايضا يسقط تبعا لسقوط الخطاب فلا ملاك ولا خطاب فلا يمكن التقرب بهذا الفعل حينئذ.

واما الكلام في الجهة الثانية وهي بحسب الاستظهار من الادلة الرائية اذ الروايات كما مر ذكرها في موضعها كثيرة وردت في الخوف ووردت في البرد الشديد ووردت في العطش وامثال ذلك مما سياتي ذكرها ، فهل المستفاد والمستظهر من هذه الروايات انه اذا كان مانع من استعمال الماء فهل يسقط الملاك فيها ام الساقط فقط هو الحكم وهو لزوم الوضوء؟ وينتقل الى التيمم الا انه لو ترك التيمم وتوضا مع مانع الاستعمال فهل يصح وضوئه او لا؟

الجواب:- المستظهر من الروايات هو سقوط الملاك والخطاب كلاهما اذ ان الملاك لا يثبت الا بأحد طرق ثلاثة اما بنفس الخطاب واما ان يكون بالاستصحاب او يكون بدليل اخر.

فان قلنا بان طريق استكشاف الملاك هو الخطاب فانه قد سقط فلابد ان يسقط الملاك ايضا.

وان قلنا بان استكشاف الملاك بدليل اخر فان هذا الدليل مفقود اذ لم يتمسك احد من الفقهاء بان هناك دليل يدل على الخطاب اذا سقط عن الوضوء فيثبت الملاك حينئذ.

ولكن هل يمكن اثبات الملاك بالاستصحاب او لا؟

الجواب:- استشكل على هذا الاستصحاب بان الاستصحاب لا يجري في المقام لشك في الموضوع اذ يحتمل ان الملاك ليس دائميا ومطلقا ، أي اذا كان الخطاب موجودا كان الملاك موجودا واذا سقط الخطاب فيسقط الملاك حينئذ ،فهناك احتمالان وهو كون الملاك ليس دائميا ومطلقا ويحتمل انه دائميا ومع وجود هذا الاحتمال لا يمكن جريان هذا الاستصحاب للشك في الموضوع ولا دليل على الاحتمال الاول فيبقى الاحتمال الثاني قائما ومع هذا لا يمكن لنا التمسك بالاستصحاب أي استصحاب الملاك حين وجود الخطاب اذ هو شك في اصل الموضوع فلا طريق لاستكشاف الملاك لا من ناحية الخطاب اذ المفروض سقوطه ولا من ناحية اذ المفروض عدمه ولا من ناحية الاستصحاب اذ الاستصحاب لا يجري للشك في الموضوع لاحتمال ان يكون الملاك ليس مطلقا ودائميا.

اذن الحق مع سقوط الخطاب بالوضوء بحسب الاستظهار من الادلة التي وردت في مسوغات التيمم لا يمكن اثبات الملاك فيبطل الوضوء حينئذ لو توضا في موارد الخوف من استعمال الماء.

اما الجهة الثالثة والرابعة فسياتي بيانه ان شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo