< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/07/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في المقدمات القريبة قان بان المقدمات على اقسام ثلاثة مقدمات بعيدة لا يضر تشريك الغير فيها ومقدمات قريبة مثل احضار الماء والطشت ومقدمات ثالثة سياتي بيانها.

والكلام في القسم الثاني فهل ان هذه المقدمات القريبة هي داخلة في الكراهة ام انها ليست بمكروهة والمشهور المعروف كراهة الاستعانة بهذه المقدمات ولكنها ليست بمحرمة وهذا تقدم وذكرنا الروايات التي وردت جملة منها في المقام وبعضها في مكروهات الصلاة.

واشكل على هذه الاخبار بان بعضها مرسلة وما كان منها مسندا فهو غير تام السند ، وكذا اشكل عليه بضعف الدلالة.

ولكن قلنا ان بعضها مسندة ولابد من ملاحظة السند وعلى فرض ضعفها فان عمل المشهور جابر لضعف الروايات.

اما الدلالة فقد قالوا ان هذه الروايات انما تدل على الاشراك في العمل والاشراك في العمل ليس هو شرك حتى يكون محرما بل الاشراك في العمل شيء والشرك بالله الذي ورد في هذه الروايات شيء اخر.

مضافا الى انها لو دلت على الاستعانة بالغير مكروهة او مرجوحة لدلة على كراهة مطلق الاستعانة في جميع المقدمات ولو كانت هذه المقدمات بعيدة ولم يلتزم به احد من الفقهاء.

ولكن عرفت ان هذه الروايات انما تدل على المرجوحية باعتبار ان الوضوء مقدمة للصلاة والشرك في العبادة في الصلاة هي محرمة فمن هذه الناحية حصلت المرجوحية والكراهة واما انها تدل على مطلق الاستعانة بالغير فلابد من تخصيص ذلك بما ورد سابقا بالسيرة والاجماع والروايات والوضوءات البيانية التي تدل على ان الاستعانة بالمقدمات لا يضر.

فما ذكره المشهور هو الاولى بالقبول وما ذهب اليه غيرهم هو خلاف ظاهر الادلة.

ولكن ورد في خبر الوشاء وفي خبر العلل انها صلاة ﴿ومن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا﴾[1] ، هذه الآية تمسك الامام عليه السلام بها في اثبات ان تشريك الغير بالعبادة انما هو محرم وموجب للبطلان.

الشرك له مراتب متفاوتة كما ان للكفر والايمان مراتب متفاوتة فليس الشرك على وتيرة واحدة ولا هو كلي متواطئ بل كلي مشكك ، فان الشرك والفكر والايمان كل هذه فلها مراتب متفاوتة.

اما الشرك فله مراتب ، فمرتبة منها تكون شرك في الذات بان يعتقد بان إلاهين اثنين ومبدأين اثني فهذا شرك في الذات ومنها الشرك في العبادة ﴿ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفا﴾[2] فهذا شرك في العبادة ومن تلك المراتب الرياء فان الروايات الكثيرة التي نقلها صاحب الوسائل في مقدمة العبادات ذكر ان الرياء كفر بالله العظيم ومن تلك المراتب الشرك في القدرة أي في قدرة الباري تبارك وتعالى فيشرك مع الباري في قدرته وقد دلت الخبر على ذلك وهذا الخبر ما رواه عن الإمام الصَّادق(عليه السلام): هو قول الرَّجل: لولا فلان لهلكت، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا، ولولا فلان لضاع عيالي، ألا ترى أنّه قد جعل الله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه. قلت: فيقول: ماذا يقول: لولا أن منَّ الله عليَّ بفلان لهلكت؟! قال: نعم، لا بأس بهذا أو نحوه)) ، وهذا نوع من الشرك.

ومن مراتب الشرك طاعة الشيطان فان كل اطاعة للشيطان هو شرك ﴿ما يؤمن بالله الا واكثرهم مشركون﴾[3] اذ ان هناك اطاعة للشيطان وقد ورد في الخبر عن الباقر عليه السلام: هي المعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعها فيها الشيطان فأشركوا بالله في الطاعة لغيره و ليس بإشراك عبادة أن يعبدوا غير الله))[4] ، ومن تلك المراتب التشريك في العمل فان التشريك في العمل انما هو نوع من الشرك ولكن ليس شرك في الذات وليس شرك في العبادة وليس شرك في القدرة انما هو اشرك الغير في عمل من اعمال هذه العبادة ، واخرجنا الافعال الواجبة (الغسلاة والمسحات) التي هي واجبة في الوضوء التي قلنا انه يشترط المباشرة فيها وغير ذلك انما هو تشريك في العمل وليس كل تشريك في العمل بمحرم وليس موجبا لبطلان العمل فلا نستفيد من هذه الادلة ذلك الا انها مرجوحة بمقتضى تلك الروايات التي ذكرنا جملة منها.

هذه هي مراتب الشرك والتشريك بالعمل خارج عن هذه المراتب بالكلية ، وهناك مراتب اخرى مثل الشرك بالحاكمية وغيرها.

اما القسم الثالث من المقدمات وهي المقدمات القريبة بمعنى ان يصب الماء على يد المتوضي والمتوضي هو الذي يجري الماء عليه ويغسله وليس شيئا اخر ، فانه يستعين بصب الماء على العضو فقط.

وقد استشكل السيد الماتن (رحمه الله) في صحة هذا ثم افتى بالصحة.

بعدما تبين سابقا من انه يشترط في الوضوء المباشرة في اتيان الاعمال الواجبة ن ولكن لما كانت لهذه الغسلات والمسحات مقدمات بعيدة وقريبة بل داخلة في بعضها ، وقد ذكرنا ما يتعلق بالمقدمات البعيدة وما يتعلق بالمقدمات القريبة ولكن لو وصل الامر الى ان يستعين بالغير في صب الماء على العضو وان كان المكلف هو الذي يجري الماء على العضو فحينئذ هل ان هذا القسم يسمى تشريكا ويسلب المباشرة من العمل ام ان هذا القسم لا يوجب سلب المباشرة؟

قال السيد الماتن (رحمه الله) انه يشكل القول بانه هنا صدق المباشرة لفوات بعض مراتب المباشرة اذ المباشرة كما يصدق على الغسلات الواجبة يصدق على صب الماء ، فهنا قد ذهبت بعض مراتب المباشرة ومن اجل ذلك شك السيد الماتن وغيره في صدق المباشرة في افعال الوضوء.

لكن لما كان المناط في المباشرة هو نسبة الافعال الواجبة الى المكلف أي الغسلات والمسحات تنتسب هذه الى المكلف مباشرة وهذه حاصلة في المقام ، فان الغير يصب الماء على العضو ولكنه هو يجري الماء على اليد فهذه مباشرة ن فان الغسل حصل بمباشرة المكلف والمسح حصل بمباشرة المكلف وان كان الصب حاصلا من الغير ، فبهذه النسبة الحاصلة في الافعال الواجبة يصدق عليه انه باشر فيمكن القول بصحة هذا الوضوء وان كانت الكراهة هنا اشد من الكراهة في القسم الثاني.

اذن ما ذكره السيد الماتن (رحمه الله) هو الصحيح اذ ان المناط في المباشرة في الافعال الواجبة في الوضوء هو نسبة الافعال الى المكلف وقد حصلت بمباشرة المكلف وان كان الصب من الغير ولكنه لا يضر بأصل المقصود وتحقق عنوان المباشرة.

هذا ما يتعلق بالمقدمات فان قسم منها لا كراهة فيها وهي المقدمات البعيدة ولا مرجوحية ابدا وقسم منها مرجوحيته والكراهة ثابتة وقسم منها المرجوحية والكراهة فيها اشد وان كان ترك هذا القسم اولى لأنه يحتمل ان الغسلات والمسحات الواجبة بما يرتبط بها من صب الماء ان يكون دخيلا فيه.


[4] - مرآة العقول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo