< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في شرطية الترتيب وقلنا بان الترتيب شرط واقعي في الوضوء فيجب تقديم ما ورد في النصوص بالكيفية التي ذكرت في النصوص فيجب تقديم غسل الوجه على اليد اليمنى وغسل اليد اليمنى على اليد اليسرى ومسح الراس على مسح الرجلين ، وهذا تقدم وذكرنا النصوص التي تدل على اعتبار الترتيب.

ولكن هناك روايتان احداهما صحيحة والاخرى مرسلة تدل على اعادة الذي حصل فيه الخلل يعني لو قدم الشمال على اليمين فتلك النصوص تقول انه يعيد الشمال فقط وهذين النصين يدلان على اعادة الشمال ايضا خلافا لتلك النصوص ، وقلنا ان هذين النصين لابد من حملهما على محمل صحيح والمحمل الصحيح هو الندب فقط وهو اسهل طريق للجمع بين تلك النصوص وهذين النصين.

هذا في نفس افعال الوضوء فلا اشكال ولا شك في اعتبار الترتيب في افعال الوضوء.

اما في فعل كل جزء من اجزاء الوضوء فلا يجب الترتيب فيها بمعنى يجوز غسل الشق الايسر من الوجه قبل غسل الشق الايمن من الوجه ويصح العكس كما يصح غسل باطن اليد قبل الظاهر وبالعكس ايضا ففي كل جزء من اجزاء الوضوء لا يجب الترتيب بينهما ، وهذا مما لا اشكال فيه لاطلاق الادلة المتقدمة واتفاق الفقهاء على ذلك.

ثم قال الماتن (رحمه الله): (نعم يجب مراعاة الأعلى فالأعلى كما مر))[1] .

أي يعتبر الترتيب ولكن في الغسل لابد من مراعاة الاعلى فالأعلى اذ لما تقدم سابقا من وجوب ان يكون غسل الوجه من الاعلى فالأعلى وغسل كل واحد من اليدين من الاعلى فالأعلى بلا فرق بين ان يكون المراد من الاعلى المعنى العرفي وهو الذي نفهمه من الاعلى فالأعلى أي وضع الماء على الجزء السابق قبل وضعه على الجزء اللاحق واللاحق على لاحقه الى اخر الاجزاء او يراد منه ان كل جزء مسامة لكل جزء يتقدم الجزء الاول على الجزء المسامت الثاني والجزء المسامت الثاني يتقدم على الجزء المسامت الثالث وهكذا الى اخر الاجزاء ، والمراد من المسامتة في المقام المسامتة العرفية لا المسامتة الدقية العقلية ، فلا اشكال في اعتبار الاعلى فالأعلى في الغسل حينئذ وقد تقدم الدليل على ذلك ايضا في بحث افعال الوضوء.

ثم قال الماتن (رحمه الله): (ولو أخل بالترتيب ولو جهلا أو نسيانا بطل إذا تذكر بعد الفراغ وفوات الموالاة ، وكذا إن تذكر في الأثناء لكن كانت نيته فاسدة حيث نوى الوضوء على هذا الوجه ، وإن لم تكن نيته فاسدة فيعود على ما يحصل به الترتيب، ولا فرق في وجوب الترتيب بين الوضوء الترتيبي والارتماسي.))[2] .

المخالفة هذه تحصل بوجوه وصور.

الاولى:- ان تكون المخالفة على نحو لا يمكن تداركه.

الثانية:- ما اذا امكن تدارك ذلك.

الثالثة:- ما اذا كان من ابتداء الامر نيته ان يخالف الترتيب ويعكس الترتيب ، وهذه على قسمين سياتي بيانه.

اما الصورة الاولى وهو ما اذا امكن تداركه فلا ريب ولا اشكال في صحة الوضوء اذا تدارك الامر كما دلت عليه النصوص المتقدمة فلو خالف الترتيب يعيد بما يحصل به الرتيب وقلنا ان الروايات التي دلت على خلاف ذلك نحملها على الاستحباب او نطرحها اذا لم يمكن الجمع بينهما.

واما الصورة الثانية وهي ما اذا لم يمكن التدارك اما لأنه تنبه الى ذلك بعد العمل فيبطل الوضوء او انه قدم الشمال على اليمين ولم يكن هناك موالاة فان الاعادة تستلزم فواة الموالاة وسياتي ان الموالاة شرط واقعي ولا اشكال فيه.

اما الصورة الثالثة ما اذا كان المكلف ناويا ان يأتي بالوضوء كذلك بان يأتي بغسل الوجه بعد غسل اليدين او يأتي بغسل الشمال قبل اليمين او يأتي بالغسل بعد المسح وغيرها وفي هذه الصورة لا ريب ولا اشكال في بطلان الوضوء لان الترتيب انما هو شرط واقعي وقد ذكرنا سابقا ان كل شرط يحمل على كونه شرطا واقعيا الا اذا دل دليل على الخلاف وهذا الدليل مفقود في المقام ، اذن الترتيب شرط واقعي لا شرط ذكري وحينئذ هذا الشخص نوى بان يأتي بهذا الوضوء من ابتداء الامر بان يكون غسل الشمال قبل اليمين او غسل الوجه بعد غسل اليدين وامثال ذلك من المخالفات فلا ريب في بطلان الوضوء لان مضافا الى كونه تشريع محرم لا يمكن التقرب بهذا العمل اذ هو لم يكن مأمورا به واقعا وان الذي اتى به لم يتعلق به الامر فلا يمكن القرب به.

بلا فرق بين ان يكون المكلف الذي اتى بهذا الوضوء جاهلا بالحكم او عالما بالحكم او ناسيا وفاة الموالاة او لم تفت الموالاة.

ثم قال انه اذا تنبه الى هذا العمل في صورة الجهل الى ان هذا العمل غير صحيح وان اعتقاده باطل فاذا امكن التدارك وتدارك فيمكن القول بصحة العمل الذي اتى به سابقا اذا حصل منه قصد القربى.

هذا اذا كانت نيته ان هذا الوضوء هو المأمور به.

اما اذا لم يكن كذلك وانما كان من قبيل الخطاء في التطبيق فهو اعتقد ان الوضوء الواقعي ولكنه اخطاء بالتطبيق بما يعتقده في هذه الصورة فقالوا اذا امكن التدارك صح وضوئه ولا اشكال فيه وحصل منه قصد القربى ، او كان جاهلا بذلك ولكنه علم في اثناء العمل فامكن التدارك صح وضوئه ولا اشكال فيه لأنه خطاء في التطبيق لا انه قصد ان يكون الامر الواقعي مقيدا بهذا الفعل فان ذلك تشريع.

اذن يمكن تصحيح الوضوء اذا حصل منه التدارك واذا تحقق منه قصد القربى في صورة الجهل ، هذا ما ذكروه وذكره السيد الماتن (رحمه الله) ولا اشكال فيه.

ثم قال (رحمه الله): ((ولا فرق في وجوب الترتيب بين الوضوء الترتيبي والارتماسي.))[3] .

فان شرطية الاعلى فالأعلى موجودة في كليهما وشرطية الترتيب موجودة في كليهما فلا فرق في الوضوء الترتيبي والوضوء الارتماسي من وجب الاحتفاظ بالترتيب في كلا القسمين لاطلاق الادلة التي ذكرناها.

الا ان هذا تام في الوضوء واما في الغسل فعبارته لا تشير الى ذلك وان قال السيد الخوئي (قدس سره) انها تشير الى الغسل ، ولكن سياتي ان الغسل حكمه نفس الحكم من جهة اشتراط الترتيب ولكن في الغسل الاعلى فالأعلى غير معتبر فيه ، وكذا سياتي في بحث الغسل ان الغسل الارتماسي ان هذا الغسل هل يشترط فيه الترتيب او يسقط هذا الترتيب؟

ثم قال السيد الماتن (رحمه الله): الحادي عشر: الموالاة بمعنى عدم جفاف الأعضاء السابقة قبل الشروع في اللاحقة، فلو جف تمام ما سبق بطل، بل لو جف العضو السابق على العضو الذي يريد أن يشرع فيه الأحوط الاستئناف وإن بقيت الرطوبة في العضو السابق على السابق، واعتبار عدم الجفاف إنما هو إذا كان الجفاف من جهة الفصل بين الأعضاء، أو طول الزمان، وأما إذا تابع في الأفعال وحصل الجفاف من جهة حرارة بدنه أو حرارة الهواء أو غير ذلك فلا بطلان، فالشرط في الحقيقة أحد الأمرين من التتابع العرفي وعدم الجفاف ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الموالاة بمعنى التتابع، وإن كان لا يبطل الوضوء بتركه إذا حصلت الموالاة بمعنى عدم الجفاف، ثم إنه لا يلزم بقاء الرطوبة في تمام العضو السابق، بل يكفي بقاؤها في الجملة ولو في بعض أجزاء ذلك العضو))[4] .

فيجب ان تكون بين افعال الوضوء موالاة ، ولا ريب ولا اشكال في اعتبار الموالاة وهو من المسلمات عند الفقهاء وسياتي ذكر بعض النصوص على ذلك ، الا انهم اختلفوا في المراد من الموالاة فقالوا ان الموالاة هو تتابع الافعال بان يكون الغسل للوجه ثم اليدين ثم مسح الراس ثم مسح الرجلين على نحو لا يجف العضو السابق قبل اتيان اللاحق ، فهل المناط في الموالاة هذا المعنى او ان المراد من الموالاة هو المعنى العرفي وهو التتابع لا اكثر أي لا يتخلل بين الافعال زمان معتد به.

وسياتي بيان ذلك ان شاء الله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo