< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

37/08/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

الامر الرابع:- ذكرنا ان النية هي القصد والارادة الى اتيان الفعل وهذا لا اشكال فيه ، ولكن هذا المعنى في النية يوحي بان النية امر بسيط وليس مركبا من اجزاء.

ولكن قد يستفاد من كلمات الفقهاء في تعريف النية ما يوحي الى ان النية امر مركب فقد نسب الى المشهور تعريف النية بانها خطور الفعل في الذهن فان هذا المعنى يوجي بان النية امر مركب من داع وفعل وجزئيات الفعل وتصور الفعل وغاية الفعل وامثال ذلك حتى تمسى نية ويحصل العزم على اتيان ذلك الفعل فذكروا ان النية هي خطور الفعل في الذهن ، او بعبارة اخرى ان النية ممتد نفسي في القلب ، وهذا الامتداد النفسي في القلب يسمى نية ، واستفادوا من ذلك انه لابد ان يكون في الذهن صورة للفعل وخصوصيات الفعل حتى يكون هناك نية ويعزم المكلف على اتيان ذلك الفعل ، سميت هذه الصورة المتخيلة في الذهن بالنية والارادة المتعلقة بهذه الصورة هي نية ، فيستفاد من هذا ان النية امر مركب لا انها امر بسيط.

ولكن اعترض عليهم بان ذلك هو عدم التمييز بين الصورة في الذهن وبين العزم على اتيان ذلك الفعل اذ لا ريب في ان كل من يريد ان يأتي بفعل لابد ان تكون صورة الفعل قبل ان تتعلق بها الارادة ان تكون الصورة موجودة في الذهن فاذا لم تكن صورة العمل والفعل في الذهن فلا يمكن ان يتحقق عزم وارادة بالنسبة اليه ، لان الارادة والعزم انما تتحقق فيما اذا كانت هناك صورة مسبقة في الذهن هذه الصورة المسبقة للفعل وكذا لابد ان تكون موجودة صورة لوسائل اتيان ذلك الفعل ولغاية ذلك الفعل ثم مرحلة الارادة والعزم على اتيان ذلك الفعل.

اذن هناك خلط بين الصورة وبين النية المتعلقة بالصورة ، فالصورة سابقة والنية لاحقة ، فلما اختلط عليهم ذلك جمعوا الصورة والنية في التعريف فقالوا بان النية ما يخطر بالبال ، أي الصورة التي تخطر في البال.

ولذا المتاخرون قالوا ان مقصود المشهور من النية هو الداعي الى الفعل ولكن في حاق المطلب ان الداعي ليس من النية بل جزء من اجزاء النية وليس هو النية كاملة ، فلذا قالوا اذا كانت النية هي الداعي فلابد ان يكون هذا الداعي ممتدا في النفس ويبقى الى اخر الفعل ويسمى هذا الداعي وهذه النية بالنية التقديرية التي سياتي بيانها اذ النية تارة تكون تقديرية وتارة تكون فعلية ، والنية الفعلية هي التي يقع الفعل عقيبها والنية التقديرية هي التي تبقى مع الفعل من ابتدائه الى اخر الفعل.

ولكن المستفاد من كلماتهم ان الداعي شيء والنية شيء اخر ، ولذا المحقق الطوسي (رحمه الله) في التجريد يذكر هذا المعنى للنية ويضرب المثال بالحركة فان الانسان عندما يريد ان يتحرك مسافة معينة لابد ان يتصور تلك الحركة مبدئها ومنتهاها والغاية المترتبة عليها فلابد من هذه الصورة الذهنية وتقع ارادة لتك الحركة فتحصل الحركة ، وكل جزء من اجزاء هذه الحركة لابد ان يكون مسبقا بإرادة سابقة جزئية هي ارادة كلية لأصل الحركة وارادات جزئية تتعلق بكل جزء من تلك الحركة في تلك المسافة ، فكل جزئي من جزئيات تلك الحركة انما لابد ان يكون مسبوقا بإرادة سابقة هذه الارادة والجزئيات هي الارادة والنية الحكمية أي الاستدامة الحكمية فذكر الشيخ الطوسي (رحمه الله) ان النية مجموع هذه الارادات التي تتعلق بجزئيات تلك الحركة فكل حركة لاحقة لابد ان تسبق بنية وكل نية مسبقة بصورة ذهنية ويخطر في كل جزئي من اجزاء تلك الحركة بنية بصورة سابقة حتى تتحقق تلك الجزئيات ويتحقق الحركة الكلية من المبدأ الى المنتهى.

وقد ذكرنا في تعريف الجرجاني ان تعريفه هو تعريف منطقي باعتبار ان الفعل الذي يريد ان يأتي به المكلف انما هو فعل منتج والفعل المنتج لابد ان يكون هناك صورة مسبقة له قبل تعلق الارادة به.

اذن الحق انه لا خلاف بين هؤلاء وبين ما ذكرناه في معنى النية من ان النية ارادة وقصد قلبي او صورة ذهنية مسبقة وتعلق بها الارادة ، ولكن انما جمعوا هذه الارادة والصورة في تعبيرهم وسموها بالإرادة التفصيلية ولذلك المتاخرون من الفقهاء قالوا ان الداعي كاف في اتيان الفعل فان الداعي هو الارادة وهو القصد وليس شيء اخر ، ولكن هذه النية تارة تكون تفصيلية فيما اذا تصور الفعل والغاية والوسيلة والنية معا وتارة تكون اجمالية فيما اذا تصور الفعل على اجماله ثم عزم على اتيان ذلك الفعل.

اذن ما ذكره مشهور المتاخرين هو المطابق لدى العرف ومطابق الى اللغة والذي ذكرناه في تعاريف القوم في النية من انها هي الارادة والقصد القلبي.

والحاصل انه تركب في النية بل هي امر بسيط وبساطتها تأتي من انها ارادة وعزم وداعي الى اتيان الفعل ولكن هذه الارادة والعزم والداعي انما يأتي بعد تصور الفعل اذ لا يمكن ان يكون الفعل عبثيا بل لابد ان يكون الفعل منتجا ولا يمكن ان يكون منتجا الا بعد تصور الفعل اما تفصيلا واما اجمالا ، فتسمية تلك الصورة نية هي مسامحة.

الامر الخامس:- لا اشكال في انه لابد من تعيين المنوي والمنوي هو الذي يطلبه المولى او أي شخص يريده من المكلف ، فلابد ان يكون هذا المنوي مميزا في الذهن فيتصور المكلف ذلك المنوي بخصوصياته بما يريده المولى ثم يعزم على اتيان ذلك الفعل على نحو يريد ان يحقق به امتثال امر المولى فلا يقع الامتثال الا اذا كان الفعل مطابقا لما يريده المولى من الاجزاء والشرائط.

الا ان الخلاف في ان القيود التي هي مأخوذة في ذلك الفعل الذي امر به المولى هذه القيود كلها يجب علينا تصورها او ان بعضها يجب وبعضها لا يجب؟ اذن الخلاف في تعيين تلك القيود.

هذه القيود قسمت الى اقسام ثلاثة.

الاول:- القيود المقومة للفعل ولا ريب ولا اشكال في انه لابد من تصورها وتعيينها ثم اتيان ذلك الفعل طبقا لذلك القيد المقوم له.

الثاني:- القيود التي لا تكون مقومة ولكن هي من الشروط التي لا يمكن ان يتحقق المشروط الا بها.

الثالث:- هي لا من قبيل المقوم ولا من قبيل الشرط بل هي قيود خارجة عن حقيقة المنوي الا ان الشارع امر بإتيانها.

فهل يجب تعيين تلك القيود كلها ام انه يتعين بعضها؟ ووقع الخلاف ايضا بين الفقهاء في ان هذا القيد هل هو من القسم الاول او من القسم الثاني او من الثالث؟

اذن الخلاف بين الفقهاء في تعيين تلك القيود اولا وفي تشخيص هذا القيد ثانياً؟ والكلام في هذا سياتي بيانه ان شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo