< قائمة الدروس

الموضوع:- شرائط الوضوء.

كان الكلام في اعتبار الاخلاص في العبادة أي قصد التقرب بالعبادة الى الله تبارك وتعالى ، فذكرنا انه ـــ وهو من المسلمات عند المسلمين بل عند المليين ـــ قد استدل عليه بالاجماع المحقق منقلا ومحصلا وبالكتاب ووصل بنا الكلام الى الآية الثانية.

الآية الثانية:- وهو قوله تبارك وتعالى : ﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ، إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾[1] .

فان هذا الآية تدل صريحا ان النعيم الاخروي هو جزاء لعمل الانسان في الدنيا مشروط بان يريد من عمله وجه الله تبارك وتعالى ، وهذا هو معنى التقرب فالآية نص في هذا المطلب ولا اشكال فيه.

الدليل الثالث:- هو السنة وهي روايات مستفيضة تدل على ذلك نذكر جملة منها.

الرواية الاولى:- الحديث القدسي علي بن سالم قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشريك، فمن أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلا ما كان لي خالصا))[2] .

الرواية الثانية:- الحديث المعروف إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن محمد قال: حدثني علي بن جعفر بن محمد وعلي بن موسى بن جعفر، هذا عن أخيه، وهذا عن أبيه ـ موسى بن جعفر (عليه السلام) ـ عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ـ في حديث ـ قال: إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرىء ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزوجل، ومن غزا يريد عرض الدنيا، أو نوى عقالا، لم يكن له إلا ما نوى))[3] .

اذن وجوب الاخلاص في العبادة وقصد التقرب لله تبارك وتعالى من المسلمات.

ولكن يوجد في المقام شيء لابد من ذكره وهو ان من اهم المنافيات للاخلاص هو الرياء فانه حرام وموجب لبطلان العمل ومفسد للنية ، والكلام فيه يقع من ناحيتين.

الاولى:- في معنى الرياء.

الثانية:- في الدليل على حكمه.

اما الاول فانه لغة هو ان يظهر الانسان عمله للناس لان يخدعهم به ، وفي الفقه ان يشرك غير الله في عمله ، فإما ان يأتي بالعمل كله لله وهذا هو الاخلاص واما ان يأتي بالعمل كله لغير الله وهذا هو رياء او يأتي بالعمل لله ويشرك غير الله مع الله وهذا ايضا من مصاديق الرياء.

واما الثاني فلا ريب في انه حرام في نفسه ومبطل للعمل ويدل عليه الاجماع وهو من ضروريات المذهب والكتاب العزيز ومنها قوله تبارك وتعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[4] . وهذا نص في ان الرياء موجب للبطلان وهو حرام ايضا ن وكذا السنة ونذكر بعضها.

الرواية الاولى:- صحيح زرارة وحمران عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لو أن عبدا عمل عملا يطلب به وجه الله والدار الاخرة وأدخل فيه رضى أحد من الناس كان مشركا))[5] . فسر الشرك بالرياء.

فانه هذه الرواية تدل على ان الرياء شرك ولذا يقولون ان الرياء شرك خفي يدب في الانسان وهو لا يعلم به.

الرواية الثانية:- صحيح علي ابن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه ، عن آبائه (صلوات الله عليهم) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يؤمر برجال إلى النار ـ إلى أن قال ـ فيقول لهم خازن النار: يا أشقياء، ما كان حالكم؟ قالوا: كنا نعمل لغير الله، فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممن عملتم له))[6] .

الرواية الثالثة:- عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال : المؤمن ينصت ليسلم ، وينطق ليغنم ، لا يحدث أمانته الاصدقاء ، ولا يكتم شهادته من البعداء ، ولا يعمل شيئا من الخير رياء ، ولا يتركه حياء ، إن زكي خاف ما يقولون ، ويستغفر الله لما لا يعملون ، لا يغره قول من جهله ، ويخاف إحصاء ما عمله))[7] .

الرواية الرابعة:- عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام حتى يظهر الله له شرا))[8] .

ولكن نستفيد من هذه الاحاديث نكتتان.

الاولى:- انه لا يخلوا انسان من الرياء ودرجات الرياء كثيرة ومتفاوتة فاذا ترك الانسان العمل لأجل الرياء وكلما وسوس له الشيطان فانه يترك العمل فيخرج من الشرك فيقع في الكفر ولذا هذه المقولة المشهورة الرياء شرك وتركه كفر اذ ان الانسان لما يرائي مرة واحدة ثم يدخل الشيطان ويوسوس له الشيطان ويترك العمل الثاني ثم يترك العمل الثالث فحينئذ هو يريد ان يتخلص من الشرك فيقع في الكفر لأنه يترك العمل حينئذ فلذا علاج الرياء لابد ان يكون مع الدقة لا انه يترك العمل.

الثانية:- ما اشار اليه الحديث السابق وهو ان الانسان وما سمعته من اهل الله يقولون فليضمر الانسان الخير وليعمل عمل الخير مهما امكنه الى ذلك من سبيل سرا فان الله يظهر ذلك حينئذ فان النية الخيرة مهما يريد الانسان ان يخفيها عن الناس ولكن الله يظهرها والنية الشريرة الموجودة في الانسان مهما يحاول الانسان مهما حاول اخفائها فان الله يظهرها يوما ما على لسانه او على فعله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo