< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

38/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- شرائط الوضوء.

قال السيد الماتن (رحمه الله) قال: وكذا لو كان جزءا مستحبا على الأقوى)[1] .

الكلام في الاجزاء المستحبة انما جاء من ناحية ان الجزء المستحب في العبادة ليس من مقومات تلك العبادة ، ولا ريب ولا اشكال ان كل ماهية سواء كانت تكوينية ام مخترعة لها اجزاء مقومة ولها اجزاء صورية ايضا مركبة من هذه الاجزاء معا وبفقد الجزء المقوم تنتفي الماهية ، واجزاء صورية انضمت الى هذه الماهية المركبة من الاجزاء المقومة فحصل هذا الفعل وهذا العمل الاختراعي الخارجي ، فالجزء المستحب ليس من الاجزاء المقومة لماهية العبادة انما هو جزء صوري انضم الى هذه العبادة والشارع الاقدس اعتبرها ضمن هذه العبادة جزء صوريا فهل الرياء في هذا الجزء المستحب يوجب بطلان العبادة ام لا يوجب بطلان العبادة وانما يوجب بطلان الجزء المرأى فيه فقط؟

الجواب:- خلاف بين الفقهاء رحمهم الله ، فقد ذهب جمع كبير من الفقهاء الى ان الرياء في الجزء المستحب يوجب بطلان العبادة ايضا واستدلوا على ذلك بأمر عرفي وهو نحن اولا نريد ان نقوم الموضوع ثم نتمسك بإطلاقات الادلة في ذلك ، فان المناط في المقام ليس بالدقة العقلية بان هذا الجزء مقوم وذاك الجزء غير مقوم وهذا الجزء غير المقوم دخل في ضمن العمل المركب بل الكلام في الصدق العرفي وان هذه صلاة وهي مركبة من اجزاء وشرائط والاجزاء على قسمين منها مقوم للماهية وهي التي تسمى الاجزاء الواجبة واجزاء غير مقومة للماهية وتسمى بالاجزاء المستحبة ، ولكن هذه الاجزاء دخلت في صورة العمل وهذا العمل انما تحقق خارجا بهذه الاجزاء جميعا هذا هو الفهم العرفي لهذا العمل ، إذن الجزء الصوري الذي هو الجزء المستحب له دخل في صورة العمل وحينئذ اذا دخل الرياء في جزء من اجزاء هذه الاجزاء الصورية فانه يوجب بطلان اصل العمل لأنه ينطبق عليه قوله عليه السلام ادخل فيه رضى الناس.

ولكن ذهب بعض آخرون الى عدم بطلان العمل اذا دخل الرياء في بعض الاجزاء المستحبة فقالوا لو راءى في القنوت فلا يوجب بطلان الصلاة بل يوجب بطلان القنوت فقط ودليليهم ينحصر في ان الجزء المستحب لا يمكن ان يكون دخيلا في قوام الماهية لان الماهية انما تتحقق خارجا باجزائها المقومة واما الجزء غير المقوم الذي يتحد مع الجزء المقوم خارجا هذا ليس له دخل في حقيقة الماهية فهما امران متنافيان لا يمكن الجمع بينهما فكونه جزء مستحب ويكون له دخل في قوام الماهية هذان امران متنافيان لا يمكن الجمع بينهما.

اذن لا يمكن الجميع بين كونه جزءا مستحبا وكونه مقوما للماهية بأحد وجهين.

الوجه الاول:- ان يكون هذا الجزء الصوري الذي هو الجزء المستحب انما ظرفه هذا الواجب من قبيل ما اذا كانت امور مندوبة قبل الصلاة وامور مندوبة بعد الصلاة أي ظرف اتيان هذا الامر الندبي قبل الصلاة او بعد الصلاة كذلك هذا الجزء المستحب ظرف اتيانه هو اثناء الصلاة وحينئذ لا ريب انه اذا فسد هذا الظرف فانه لا يوجب بطلان المظروف لانهما امران يختلفان حقيقة.

الوجه الثاني:- ان يكون الجزء المستحب انما يوجب مزية لذلك العمل وتلك العبادة وافضلية وثواب اكثر كالجماعة فان الجماعة بحد نفسها ليس فيها أي شيء ولكن اذا انضمت هذه الجماعة مع الصلاة وصارت صلاة الجماعة كانت هذه لها افضلية واكثرية في الثواب فهذا التقييد أي تقييد الثواب والافضلية اذا حصل على وجه الحرام أي جاء بالجماعة على نحو الحرام لا تبطل العبادة لانهما امران مختلفان.

اذن هذين الوجهين يمكن تصوير انضمام الجزء المستحب مع الواجب ، ثم نأتي ان قلنا ان الجزء الواجب فيه كلام كما تقدم التفصيل فالكلام يجري في هذا الجزء المستحب ايضا واما اذا قلنا ان ذلك مختص بالجزء الواجب فالجزء المستحب ليس داخلا في قوام الماهية فاذا بطل هذا الجزء المستحب لأجل الرياء فلا يوجب بطلان اصل العبادة لأجل هذين الوجهين.

ولكن لو راجعتم ان ما ذكروه فإنكم ترون انه مبني على الفكر الاصولي المبني على الدقة الفلسفية والفقه بمعزل ان ذلك فان الفقه مبني على العرف فان موضوعات الفقه هي عرفية وادلة الفقه انما تتنزل على الفهم العرفي وليس على الفهم الدقي الذي يبتني عليه الفكر الاصولي ، فاذا طرحنا الصلاة بهذه الخصوصيات الموجود على الذهن العرفي يرى ان هذه الصلاة من مقوماتها واجزائها الصورية كلها تعتبر صلاة فاذا تحقق الرياء في احد هذه الاجزاء فيوجب بطلان اصل العبادة فلو اتى بالركوع رياء فانه يوجب بطلان الصلاة سواء امكن تداركه او لم يمكن تداركه لأنه ينطبق عليه انه ادخل رضى غير الله وكذا الاجزاء المستحبة فانه لو جاء به رياء فانه يوجب بطلان العبادة لكونه وحدة صورية عند العرف.

اذن الاقوى ما ذهب اليه السيد الماتن وغيره من ان الرياء في الجزء المستحب يوجب بطلان العبادة.

ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (وسواء نوى الرياء من أول العمل، أو نوى في الأثناء)[2] .

لاطلاق تلك الادلة التي ذكرناها سابقا ولان هذا يصدق عليه ادخال رضى غيره فيوجب البطلان.

ثم قال رحمه الله: (وسواء تاب منه أم لا، فالرياء في العمل بأي وجه كان مبطل له، لقوله تعالى على ما في الأخبار: " أنا خير شريك، من عمل لي ولغيري تركته لغيري")[3] .

لان التوبة تمحو اثر الذنب ولا توجب تغيير حقيقة العمل ، فان للذنب اثار منها العقوبة والتوبة انما تمحو هذه الاثار ولكن توجب صحة العمل بعد بطلانه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo